فلول نظام بن علي ينتحلون السلفية الجهادية

بقلم عادل السمعلي
تواترت في الآونة الأخيرة بتونس أحداث حرق ونهب طالت بصفة حصرية الزوايا و مقامات أولياء الله الصالحين بمختلف المدن التونسية حتى بلغ عددها العشرات ومن أشهرها مقام السيدة المنوبية ومقام الولي الصالح سيدي أبي سعيد الباجي بالضاحية الشمالية بتونس العاصمة
تواترت في الآونة الأخيرة بتونس أحداث حرق ونهب طالت بصفة حصرية الزوايا و مقامات أولياء الله الصالحين بمختلف المدن التونسية حتى بلغ عددها العشرات ومن أشهرها مقام السيدة المنوبية ومقام الولي الصالح سيدي أبي سعيد الباجي بالضاحية الشمالية بتونس العاصمة
.وبقطع النظر عن موقفنا من هذه المقامات وممارسة البعض لأعمال الشعوذة والدروشة داخلها فإن اعتقادنا راسخ أن هذه الأعمال العنيفة المنسوبة إعلاميا لتيار السلفية الوهابية أو الجهادية إنما هي من تخطيط وفعل قاعات العمليات المركزية للثورة المضادة المكونة أساسا من فلول نظام الجنرال بن علي و التي لا علاقة لها لا بالسلفية ولا بالتيارات الدينية وهي تنتحل هذه الصفة بطريقة خبيثة وماكرة و تعمل منذ هروب المخلوع على إرباك الوضع الأمني وإحداث انفلاتات بغاية إعادة خلط الأوراق السياسية.

إن التونسيين يعلمون جيدا أن كثيرا من اللحى نبتت بعد 14 يناير تاريخ هروب الجنرال وأن العديد من الأقمصة السلفية لبست بعد هذا التاريخ وأن ذلك يعد بمثابة عملية إعادة تموقع للنظام السابق داخل تيار السلفية العنيفة لممارسة عمليات التخريب تحت مسميات سلفية تبعد عنه الشبهة، ومثل هذه العمليات تفكرنا بما حدث في البصرة بالعراق إثر الإحتلال الأمريكي حيث قبض على مخبرين إنجليز بالزي العراقي التقليدي محمّلين بالمتفجرات لاستهداف مساجد السنة من جهة ومساجد الشيعة من جهة أخرى تطبيقا للقولة الإستعمارية المشهورة : فرق تسد.
فإذا علمنا أن عدد المساجد في تونس يبلغ أكثر من خمسة آلاف مسجد وأن نظام بن علي كان يضع على كل مسجد ما بين إثنين وثلاثة مخبرين يحملون السمت الديني (لحية، قميص،...إلخ) فإن عدد المخبرين لن يكون أقل من 10.000 شخص نضيف إليهم بعض المجرمين ومساجين الحق العام الذين يقع إستعمالهم مقابل المال الأسود لنجد أنفسنا أمام عصابات وفرق بلطجية منظمة وتعمل وفق مخططات تخريبية لبلوغ أهداف سياسية.
إن قاعة عمليات الثورة المضادة تعمل على قيادة الصراع في تونس من خلال انتحال صفة السلفية القتالية التي لا تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة و تتبنى العنف كوسيلة وحيدة للتغيير وهذان صفتان تتقاطع فيها السلفية مع أزلام حزب الدستور وهو الحزب الفاشي الذي هيمن على البلاد لمدة تزيد عن نصف قرن اعتمادا على عنف أجهزة الدولة وميليشياته وعلى إحتكار السلطة لنفسه بطريقة حصرية لا تقبل التنازل أو حتى مجرد المشاركة في الحكم( حكم مدى الحياة).
إن نظام بن علي كان يعتمد على آلاف مؤلفة من المخبرين والجواسيس المكلفين باختراق التيارات الدينية وكتابة التقارير عن نشاطاتهم وتحركاتهم سواءا داخل المساجد أو خارجها، فالنظام الديكتاتوري القهري يعلم جيدا أنه لا قوة سياسية حقيقية في البلاد إلا التيارات الاسلامية بشتى اختلافاتها ولذلك كانت العقيدة الأمنية مرتكزة على استهداف التيار الديني خاصة وأن النظام نجح في احتواء التيارات الليبرالية والعلمانية واليسارية وتمكن من ترويضها بسهولة عن طريق منح عدد من أفرادها مناصب جامعية كما أنه أدمج بعضهم في البرلمان من خلال نسبة ثابتة (20%) مهما كانت نتائج الانتخابات المزوّرة أصلا وهم يعلمون ذلك، وبذلك أعطى نموذجا لتعددية برلمانية صورية ومزيفة لإسكات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان المطالبة بالانفتاح السياسي.
إن فلول نظام بن علي هم الذين يخططون بدقة لأعمال العنف والتخريب ثم يعتمدون على ذراعهم الإعلامي المكون من فضائيات وإذاعات لتغطية هذه الأحداث بطريقة تثير الريبة حول العمليات المنظمة سلفا بإتقان حتى أننا شهدنا تغطية إعلامية مباشرة لهذه الأحداث وكأنها مقابلة في كرة القدم مما يطرح التساؤل حول التنسيق المسبق بين العقل المدبر لعمليات الحرق والنهب وبين بعض وسائل الإعلام المملوكة سابقا لأقرباء وأصهار الرئيس المخلوع
Comments
19 de 19 commentaires pour l'article 59646