في الدّعارة السياسية أو عندما تخسر المعارضة المعركة الأخلاقية

بقلم الأستاذ بولبابة سالم
لا شيء يفقد السياسي أو الحقوقي مصداقيته أكثر من الكذب و النفاق و التعامل بمكيالين في مجال الحقوق و الحريات . لقد سمعنا بعض المعارضين مثل سمير بالطيب وهو في حالة غير مسبوقة من التوتر قبل مدة قصيرة يدعو إلى استئصال السلفيين و رميهم في السجون و يهاجم الحكومة بسبب تساهلها في التعامل معهم , أما بعض المنظمات الحقوقية و أساسا الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فكانت أغلب أنشطتهم هي كتابة البيانات المندّدة بالسلفيين و دعوة الحكومة إلى تطبيق القانون عليهم . بعد وفاة الشابين البشير القلي و محمد بختي رحمهما الله إثر إضراب جوع قاس { شهرين } احتجاجا على إيقافهما و عدم محاكمتهما بعد أحداث السفارة الأمريكية يوم 14 سبتمبر , انقلبت المواقف و تغيّر الخطاب حتّى أصبحت الصفحات المختصة في جلد السلفيين و تشويههم و التحريض عليهم تسبّ الحكومة و تصفها بأقذع النعوت لتعاملها الفظّ مع هؤلاء و كيف يصل الأمر إلى موتهم و كأنهم يريدون لهم الموت البطيء في السجون و إقصاؤهم من الحياة . إنها قمّة الدعارة السياسية و الإيديولوجية أن يقع التعامل مع السلفيين كمواطنين من الدرجة الثانية و قد سمعنا و شاهدنا من وصفهم بالكالحين و الغرباء عن الوطن و دعا إلى تهجيرهم واصفا ما يدعون له بالثقافة الغريبة عن تونس و كأن كارل ماركس هو ابن باب الخضراء أو حي النصر . يحصل ذلك ممّن يدعون إلى اعتماد كونيّة حقوق الإنسان في الدستور , وهو ما يقيم الدليل على تعصّبهم الإيديولوجي و رفضهم لحق الإختلاف التي لا يرفعونه إلا شعارا للتضليل و كسب الرأي العام الذي اكتشف حقيقتهم . لقد أقام هؤلاء الدنيا و لم يقعدوها مع إعلامهم التعيس عند إضراب الجوع الذي نفّذاه عضوي المجلس الوطني التأسيسي محمد براهمي و أحمد الخصخوصي و تابعنا تغطية تلفزية و إذاعية و صحفية يومية و ضغط كبير من أجل تحقيق مطالبهما غير المشروعة , و نفس الإعلام يتباكى اليوم على محمد بختي و البشير القلي لكن بعد وفاتهما بل لم يسمع أحد قبل ذلك بدخولهما في إضراب جوع لأنّ السلفيين لا بواكي لهم .

موجة الدعارة السياسية تواصلت من بعض المعارضين الذين لم يجدوا وسيلة شريفة للتنافس السياسي غير نشر الأكاذيب و تشويه الخصوم السياسيين من خلال مقاطع فيديو مفبركة لا تنطلي حتى على الصغار و كأنهم لم يستوعبوا شيئا من دروس الهزيمة في الإنتخابات السابقة و ما جنته عليهم أساليب التشويه و الدعاية السوداء . إنّه الإفلاس السياسي و عدم القدرة على المواجهة السياسية وعدم التفريق بين التنافس و العداوة . للحكومة أخطاء و مواطن ضعف عديدة في الأداء و الفاعلية و لكن ما يساعد هذه الحكومة على البقاء هو الخطاب السياسي البائس للمعارضة و عدم تجاوز بعض المعارضين لحالة المراهقة السياسية , لقد بلغوا مرحلة متقدمة من الرّداءة و البذاءة و الإنحطاط و بذلك تعيد المعارضة خطاب الهزيمة و تخسر المعركة الأخلاقية .
كاتب و محلّل سياسي
Comments
46 de 46 commentaires pour l'article 56829