الإضراب الذي أسعد التونسيين

بقلم الأستاذ أبولبابة سالم


لا معنى للشجاعة بعد 14 جانفي 2011 , كنا نودّ لو كان اضراب الإعلام في عهد الطاغية الذي كمّم الأفواه حتّى صرنا لانفرّق بين مضامين كل الجرائد ما عدا جريدة الموقف المحاصرة و الممنوعة من الإشهار
أما شريط الأخبار فكان يخصص لنشاط الرئيس و لا تسأل عن الاذاعات التي كانت تملئ الفراغ بالأغاني التي تعاد في اليوم مائة مرّة . لقد أطرد الإتحاد الدولي جمعية الصحفيين التونسيين بعد منحها وسام حرية الصحافة لبن علي , في ذلك الوقت كان فرسان حرية الإعلام مناضلون أشاوس تحمّلوا القمع والترهيب و التنكيل و من ينسى ما حصل لزهير خليف و توفيق بن بريك و سليم بوخذير و الفاهم بوكدوس و محمد الفوراتي و لطفي الحيدوري, سهام بن سدرين و نزيهة رجيبة ..
في سنوات الجمر كان للشجاعة ثمنها القاسي و لها فرسانها الذين يعرفهم أبناء هذه البلاد , أما اليوم و بعد أن حرّرت الثورة الأيادي المرتعشة و الجبانة قفز الإنتهازيون و أصبحوا يحتلون صدارة المشهد الإعلامي رغم أننا لم نسمع لهم صوتا عندما تعالت الأصوات الحرّة , تلك هي الثورات يقودها الشجعان و المغامرون و يركبها الجبناء . نقيبة الصحفيين لم تكتب مقالا واحدا منذ سنتين و نصف و كانت تعمل في مجلة كوثر للأمير السعودي طلال بن عبد العزيز { يا لها من مجلة ثورية }... لو تزعّم إضراب اليوم مناضلو الأمس لكنت أول من يدافع عنه أما أن يتزعّمه حفنة من الإنتهازيين ممن حادوا بالنقابة عن دورها و اختاروا الاصطفاف السياسي فسأرفضه.
العجيب أن التونسيون لم يبالوا مطلقا بهذا الاضراب بل بعضهم يطالب أن يستمر إلى ما بعد الانتخابات القادمة ليرتاحوا من ضغط الدم و السكري و من وجوه تلوّنت كالحرباء من التطبيل إلى الثورية.
المطلوب هو إصلاح نقابة الصحفيين و ألا ينخرط المناضلون الشرفاء في لعبة التجاذبات السياسية و التوظيف الحزبي و الإيديولوجي , فمن العيب أن نرى من كان يلعق حذاء بن علي و سيدته الفاضلة يصبح ثوريا و يزايد على من تعرّض للهرسلة البوليسية و القمع , و من العار أن نرى من انقلب على نقابة الصحفيين قبل 3 سنوات بدعم من المخلوع و عبد الوهاب عبد الله يرتع اليوم صباحا مساء بين المنابر الإعلامية للدفاع عن حرية الصحافة , من واجب نقابة الصحفيين تبنّي مطالب صحفيي دار الصباح و الدفاع عن استقلاليتهم لكن من الواجب أن نسأل أيضا : أين نضالهم في عهد صخر الماطري؟, و كذلك أسأل النقابة : أين كنتم لما طالب صحفيو إذاعة الزيتونة قبل عام برفض تسمية إقبال الغربي من رئيس الحكومة السابق؟ إنّني أشتم رائحة التوظيف الحزبي و الإصطفاف الإيديولوجي وهو ما لا أقبله ممّن يدّعون المهنيّة و الحرفيّة.
كاتب و محلل سياسي
Comments
70 de 70 commentaires pour l'article 55616