الاغتيال السياسي في تونس.. من صبّاط الظلام إلى صبّاط الضو

<img src=http://www.babnet.net/images/7/akremiessebssi.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

لقد تفتّحت شهيّة الشعب إلى المعرفة السياسيّة واحتشدت مختلف شرائحه وعلى رغم أنف السلطة الغاشمة وأنف القوى الخارجيّة قاموا إلى الرمّانة ففركوها، ولأنّنا تجاوزنا حقبة الخمسينيّات والستينيّات حيث كانت السياسة حكرا على رَاتْسَة معيّنة في البلاد والبقيّة تستمع ، تستمتع ، تنبهر، ثم تنصرف إلى حالها راشدة، لهذا لم تعد السياسة ذلك الغول وتلك العنقاء، ولم يعد المجال مفتوحا للإبهار والتعجيز، ولم تعد مجالات العمليّة السياسيّة غامضة وانتهى عصر المجاهل المتشعّبة وفكّكت الخارطة الجينيّة لهذا العلم الذي ادَّعوا أنّه بحر لجيّ ومحيط متلاطم وأوحال وألغاز وأخطار وعلم دقيق لا تصلح له إلا طينة معيّنة من البشر هيّأتها الأقدار لذلك، كنّا نرقبهم يتدحرجون أمامنا في أجهزة التلفاز، أنوفهم كأنوف آبائنا، الرؤوس كالرؤوس.. أقبلوا بأجسامهم وأدبروا فلم نرَ ما يميّز هياكلهم عن هياكل آبائنا وأجدادنا، لا بل رأيناهم متثاقلي الحركة علّتهم بطونهم البارزة وكأنّها في خصام مع أزرار قمصان وبدل تبدو غريبة عن محلاتنا وأسواقنا، ورأينا آباءنا يثبون على الخيل والحمير والبغال وثبا، كلامهم ابتلعه اللحن وغلبت عليه العجمة، وكلام آبائنا يخرج سلسا متماسكا صقلته الزيتونة وفروعها ، ولمّا حيّرونا وحيّرتنا تلفزتهم وإذاعاتهم قلنا عسى أن يكون سرّ عظمتهم في تلك الحمرة التي تعلو وجوههم وسرّ بساطتنا في ذلك الشحوب والسواد الذي يغزو وجوهنا، ثم كان أن استسلمنا..، حينها لم يخطر ببالنا إذا ما كانت حمرة الوجه تلك ولمعان الشعر ذاك نتيجة تحسينات وعوامل دخيلة؟ هل هي صْناعة وإلاّ خليقة ربي وقد ذهب في روعنا أنّها خليقة ربي واقتنعنا أنّهم هكذا خلقوا بحمرتهم وعزّهم وبدماء تجري في وجوههم أكثر ممّا تجري في عروقهم، ورضينا أن نشتغل نحن بالزراعة والصناعة والتعليم ونتعب ونكدّ ونغالب الفقر والمرض.. ويقومون هم على ثغر السياسة يحموا ظهورنا ويحصّنونا منها لعلّها تهجم على قرانا فتحيلها إلى ركام، وكان علينا أن لا نشاغبهم بل ندعو لهم بالتوفيق والسداد في مهمتهم الجسيمة لكي يجتهدوا في مسك زمام السياسة بحكمة وقوّة حتى لا تنفلت من أيديهم فيغرقنا الطوفان أو تفترسنا الأسود والضباع ولربما سقطت فوقنا الكواكب والمذنّبات.. كل هذه الحيرة أضف لها كلام بعض من حولنا وهم يجرعوننا فنون الذّل والاستسلام واش دخلك بالسياسة، لا دخل إيدك للمغاغير لا تلسعك لحناش، ربي في السماء والحاكم في الوطاء، استكفى بنفسك يا ولدي، هاك باش ترمي روحك في فم لفعى... .

انتهى هذا العصر وطويت حقبته كما طويت خيبتنا واتضح أنّ السياسة في بلادنا قلعة محصّنة مسيّجة بالعسس والحرس، بداخلها عصابات تمارس كوكتالا من الانتهازيّة والكذب والابتزاز والسرقة والظلم، كنّا نظنّهم بداخل القلعة الكبيرة يبنون لنا مستقبلنا ويخططون لنهضتنا الموعودة وسيؤهلوننا ولو بعد حين لتصبح بلادنا نمرا إفريقيا على غرار نمور آسيا، فإذا بهم يتقاسمون الغنائم ويتبدالون الزطلة والويسكي كما يتبادلون أشياءً أخرى.. ويديرون الأقداح ليتعرّفوا على ضحيتهم القادمة من يكون أو من يكونون؟ أشخاص أو هيئات أو أحزاب... اليوم وبعد أن وضعت ثورة سبعطاش أربعطاش حدّا لاحتكار رَاتْسَة معيّنة للسياسة الرسميّة والسلطة في تونس على أولئك الذين مارسوا التياتر والكاراكوز السياسي أن يستحوا من الشعب ويتوقفوا عن التهريج المفضوح.



نرسل هذا النداء لأنّ الكثير من هؤلاء ما زالوا ماضون في أساليبهم العتيقة وآخرها الشطحة المخضرمة التي مزج فيها السيد لزهر العكرمي بين رقص الداخل والخارج والتي عادت بنا إلى أساليب تشاوسسكو وأنور خوجة وحسين حبري ومنشية عبد الناصر ومصرحية 62 التي أبدع في استغلالها بورقيبة ليغطي عن جريمة فندق الرويال بفرانكفورت التي ذهب ضحيتها الزعيم صالح بن يوسف وليمهّد بها الطريق لإعلانه لاحقا رئيسا مدى الحياة.



إشاعة الاغتيال التي أطلقها العكرمي وزكّاها مرزوق وبالحاج لم تكن محبكة بشكل يؤهّلها للعب الدور المرسوم، ويبدو أنّها لن تمكّنهم من الحصول على العائدات المرجوة التي على رأسها ابتزاز الحكومة وجلب تعاطف الشارع ولفت الأنظار إلى حزب نداء تونس، خاصّة إذا أخذنا في الحسبان أنّ تحرير المبادرة في مثل هذه الإشاعات سيجلب اهتماما واسعا داخل مجتمع ليس له في ثقافة الاغتيالات ولم يعرف الاغتيال السياسي المباشر إلا في عهد بورقيبة الذي تقمّص في عهده السيّد الباجي العديد من وزارات السّيادة أو في عهد بن علي الذي تقمّص أيضا الباجي في عهده رئاسة مجلس النوّاب، ما عدى هذا نحن بين ظهراني شعب من طبع نخبه التدافع السياسي الحادّ وأحيانا العنيف وحتى المشين لكن لم يرتقِ هذا التدافع إلى مستوى الاغتيالات التي تبقى غريبة على تربة تونس، فمثل هذا النوع من الجرائم لم يقع إشباعه أصلا بالتناول النظري بن نخبنا ناهيك على أن يتحوّل إلى طباع ثم يتنزّل إلى أفعال، الملفت للانتباه أنّ هذه الإشاعة لم تصدر عن تلك النخب المؤدلجة المتنافسة المتدافعة بحدّة إنّما صدرت عن جهة عايشت عن قرب جرائم الاغتيال السياسي ومرّ من أمامها الموت سنة 61 في طريقه إلى فرانكفورت ومن يدري لعلّها شيّعت أدواته حين همّت ثم استقبلتها حين أتمّت، وبعد أن أفلتت هذه الجهة من تبعات جريمة حذاء الظلام ها هي تجرّب حظها في حذاء النهار .
لا خلاف في أنّ الإشاعة التي أرادوها انشطاريّة تشغل القاصي والداني استحالت إلى فرقعات خاوية استوعبها المجتمع وسرعان ما حوّلهم من مهاجمين إلى مدافعين، واتضح أنّ النداء لم يكن بصدد صرخة نجدة وإنّما كان بصدد حركة ابتزاز يرغب من ورائها في توفير أسطول أمني على غرار المتوفر حاليا أمام سفارات الرسوم المسيئة من أجل حماية لقاءاتهم وتجمّعاتهم التي فشل الشعب في ضبط نفسه تجاهها كيف لا وهي التي أخرجها بالأمس منبوذة من الباب فعادت اليوم من الشباك كاملة كما كانت لم يتغير منها شيء ماعدى عشر سنوات أضافوها إلى رأس كان ذو 76 فأصبح ذو86 .
الأمر المفزع ليس ما أعلنوه لأنّه لا يستغرب شيء من جماعة عمدت إلى النطيحة والمتردّية وما أكل الضبع وإلى المنبوذ والشاذّ، فجهّزت لهم إطارا وسوّلت لها نفسها فقدمتهم لتحكم بهم تونس الثورة، إنّما المنفزع حقا هو الدلالات التي خلّفها هذا الصنيع المشين لأنّه في اللحظة التي وقع الإعلان فيها عن هذه الإشاعة كانت الدولة عند هؤلاء تساوي صفرا وأنّه ما كان لأحد في قبيلة بدويّة معزولة في الصحراء أن يتجرأ ويطلق إشاعة مثل هذه في قبيلته ، فكيف بمن يعيش في بلد عريق ودولة خارجة لتوّها من كارثة دامت نصف قرن وهي بصدد امتصاص مخلفات عقود الدمار، تحاول تقديم ثورة شعبها كنموذج، وتحاول الارتقاء بها لتحتل مكانة مرموقة في صدر التاريخ !!
إنّه حين تتجمّع فضلات اللؤم وتنحدر لتمتزج بالفتنة المغلظة ثم يخالطهما الكذب في أقصى زخمه وتتعاضد هذه العناصر عندها لا مناص من أن تنتج خلطة مبيدة ومادّة مدمرة، وحين تجنح السلطة الشرعيّة أمامها إلى الرفق والحلم والتجاوز تصبح شريكا كاملا في الجريمة.



Comments


19 de 19 commentaires pour l'article 54522

Wis2008  (Tunisia)  |Mercredi 3 Octobre 2012 à 12:30           
كلام في الصميم

Wlidha  (Tunisia)  |Samedi 22 Septembre 2012 à 22:59           


المحلل السياسي نبيل اللباسي يكشف للمؤامرة الكبرى التي يلعبها حزب نداء تونس بدعم من الكيان الصهيوني‬


https://www.facebook.com/tawasoltv.pageofficielle




Abdallahtounsi  (Tunisia)  |Samedi 22 Septembre 2012 à 21:44           
J7a : une loque humaine ( prothèse agitée et insolente qui déraille à plusieurs reprises et il lui fallait un coup de langue habile pour la recaser ,couches tout le temps mouillées , oeil qui clignote ,on dirait qu'il cherchait à déchiffrer une amulette ,mouvements en déséquilibre ,mains tremblantes ,pieds trébuchants et il est tombé assez de fois ..... bref une racaille de chaire qui veut conduire un pays jeune et qui déborde d'énergie .pire
encore ,il s'entoure de séniles comme lui !! le nida est un ramassis de "challala "!!!!

Celtia  (France)  |Samedi 22 Septembre 2012 à 19:14           
@wlidha (tunisia)
le message en bas est pour toi,l'ex kawad rcdiste qui bosse maintenant pour ennahdha.

Celtia  (France)  |Samedi 22 Septembre 2012 à 19:11           
Je te conseille d'aller prier un coup et aller te coucher.
tu pollue ce forum avec tes niaiseries. tu ne fais que du copier coller. tu as gagné assez de hassanets aujourd’hui en disant du mal des autres, ça c'est vraiment la morale dans l'islam selon ghanouchi.la porte du paradis d'ennahdha est grande ouverte pour toi, tu peux dormir tranquille.

Galb_ellouz  (France)  |Samedi 22 Septembre 2012 à 16:58           
حزب نداء تونس او بالاحرى حزب عواء الذئاب هو عبارة عن شكارة انتاع حنوشة و حيات و عقارب و خنفوس و جراثيم على شت انواعها، و قد اجتمع فيه جميع المنبوذين و اللصوص و الباندية و سقط المتاع او قل اجتمع فيه الميتةُ و المُنخنقةُ و الموقوذة و المتردِّية والنطيحة و ما أكل السَّبعُ .... يعني مزبلة قذرة نتنة بكل معنى الكلمة

Selmi  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 23:20           
Le monde fr en décembre 1962 il y avais une tentative de coup d'état à laquelle ont particpé des militaires : les investigations dans cette affaire ont eu lieu au ministère de l'intérieur comme pour barraket essahel, comme en témoigne ezzedine azzouz dans son livre "l'histoire ne pardonne pas" où il a décrit les tortures subies par le groupe :
« je ne peux décrire ici ce que j'ai entendu ce soir-là : tortures, supplices, cris inhumains, coups de cravache, étouffements à l'eau, brûlures à la cigarette et à l'électricité, supplice de la bouteille, etc.»

le ministre de l'intérieur était taieb mhiri et le directeur de la sureté beji caid essebsi. il est visé par des plaintes pour torture à ce sujet déposées le 6 octobre 2011 par l'avocat bachr ben said.

Wlidha  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 20:57           

la stratégie du complot organisé par sebsi et rcdstes pour mener le pays au chaos :

explications de "nabil al libessi" analyste politique,avocat et expert en économie...



http://www.facebook.com/photo.php?v=327512497325895



Myself  (Turkey)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 16:38           
متعويييداا... داييييمااان

Adnene  (United States)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 16:27           
Les vrais théâtres et karakouzes ce sont ce président et le gouvernement.

Hemida  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 15:42           
ان السبسي قد اخذ وقته ويجب ان يترك المكان للشباب النظيف
لاحظوا مثلا في بعض الدول الديمقراطية تروا بان المسؤولين الاول هم من الشباب فلماذا كتب علينا بان نعيش مع الموميات و اللغة الخشبية و المسؤول الالاه الذي لا قبله و لا بعده ؟

Bononontroppo  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 15:19           
@ celtia, tu pues l'alcool.

Khaldounia  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 14:46           
La dernière phrase ma plu

Ridha_E  (France)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 12:56           
Mais qu'est-ce qui se passe chez babnet ?
vous n'avez que des pigistes nahdhaouis ou je me trompe ?
depuis très longtemps, j'ai pris l’habitude de visiter votre site et de participer aux commentaires et aux échanges. mais là, la coupe est pleine.
tous ceux dont vous publiez les articles sont pro ennahdha et si vous continuez à faire du prosélytisme engagé, vous allez perdre beaucoup de lecteurs.

Riadhbenhassine  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 12:44           
من تربى طيلة عمره السياسي على الإغتيالات و التعذيب كحال الكذاب السبيسي ، لا يستطيع إلا أن يولد أفكارا من جنس تجربته الإجرامية ، فكل إناء بما فيه ينضح

Kairouan  (Qatar)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 12:13           
السبسي كان فأرا قبل الثورة عند بورقيبة وبن علي فلا تجعلوا منه أسدا بعد الثورة وذلك بكثرة الإهتمام ونشر أقواله في جميع وسائل الإعلام ويجب تجاهل هذه النكرة المنكرة ولو كانت له قاعدة عريضة كما يدعي فليجرء على أن يلقي خطابا جماهيريا واحدا في المدن الداخلية التي عانت التهميش من الدساترة والتجمعيين أمثال جماعة نداء الفتنة إن ما يفعله السبسي زوبعة في فنجان لقد أوجع رؤوسنا بسخافاته وسخافة جماعته أعداء الثورة

Gargour  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 10:11           
هذا هو الصحيح و الصندي

Seinsei  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 10:04           
الرب عليك
كلام في بلاصتوا وفي الصميم

MOUSALIM  (Tunisia)  |Vendredi 21 Septembre 2012 à 09:50           
الانسان مبرمج عند انطلاق صفارة الحكم بالوصول والولوج لقلعة البويضة في ماراطون يضم ما يزيد أو يقل عن 250 مليون متنافس دون الاهتمام بملايين الضحايا المتساقطة في فخ الكمين الكيميائي بل سيعتمدهم كبساط للافلات من المخاطر لينفرد في النهاية بدخول القلعة المحصة والتي ستحمله الى كوكب التنافس العجيب وسيحاول اعتماد نفس الخطة التكتيكية الناجحة للوصول لقلعة الحكم والتي ستحمله لعالم الأنوار والشهرة ...


babnet
*.*.*
All Radio in One