جامعة الجلاء ببنزرت: ضرورة استراتيجية للتنمية الجهوية والمنافسة الأكاديمية

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68e7b3172fde47.04191287_hilgmokfjpneq.jpg width=100 align=left border=0>


ن الساحلي

تُعرف بنزرت بتاريخها العريق وموقعها الجغرافي الفريد عند بوابة البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت دائمًا شاهدًا حيًّا على مراحل من النضال الوطني والنمو الاقتصادي. فهي مدينة تجمع بين عبق التاريخ وثروات الطبيعة، ما يجعل منها نقطة إشعاع استراتيجي في الشمال التونسي.





ورغم امتلاكها لكل مقومات الريادة — من موقع ديموغرافي واقتصادي متميّز إلى إرث حضاري ضارب في القدم — إلا أنّ بنزرت ما تزال تفتقر إلى جامعة مستقلة تحمل اسمها، على غرار أغلب الولايات التونسية الكبرى. هذا الغياب جعل أبناء الجهة يشعرون بأن مدينتهم ما تزال خارج معادلة العدالة الأكاديمية والتنموية.

صحيح أن بالجهة عدة مؤسسات للتعليم العالي، غير أنّها ترجع بالنظر إلى جامعة قرطاج (7 نوفمبر سابقًا)، ما يحدّ من استقلاليتها في اتخاذ القرارات الخاصة بفتح اختصاصات جديدة أو تطوير برامج تتماشى مع خصوصيات الجهة الاقتصادية والاجتماعية.
فهذا التبعية الإدارية تجعل بنزرت غير قادرة على الاستجابة السريعة لحاجات سوق الشغل المحلي، وتحرمها من ديناميكية أكاديمية كان يمكن أن تُحدث فارقًا واضحًا في التنمية الجهوية.

الأكثر من ذلك، أنّ بنزرت تنتمي إداريًا إلى الإقليم التنموي الأول وفق التقسيم الوطني، لكنها تخضع أكاديميًا لجامعة يقع مقرها في الإقليم الثاني، وهو وضع يتعارض منطقيًا مع التوجهات الإستراتيجية للدولة التونسية التي تقوم على مبدأ اللامركزية ودعم التنمية الجهوية داخل كل إقليم على حدة.

فكيف يمكن الحديث عن تنمية إقليمية متوازنة في ظل تبعية أكاديمية خارج الإقليم؟


مشروع وطني بأبعاد متعددة

إنّ إحداث جامعة الجلاء لن يكون مجرد مطلب رمزي، بل مشروعًا تنمويًا متكاملًا له انعكاسات إيجابية على أكثر من صعيد:

اجتماعيًا

ستُمكّن الجامعة أبناء الجهة من متابعة دراستهم دون الاضطرار إلى التنقل أو السكن في ولايات أخرى، ما يخفف الأعباء المالية على العائلات ويحدّ من الهجرة الطلابية. كما ستخلق فضاءً ثقافيًا نشطًا يعزّز الهوية والانتماء المحلي.

اقتصاديًا

ستولّد الجامعة فرص عمل جديدة في مجالات التعليم والإدارة والخدمات، وستنشّط الحركة التجارية في المدينة. كما ستُشجّع على استقطاب استثمارات ومشاريع بحث وتطوير تربط الجامعة بالمؤسسات الاقتصادية في الجهة.

تنمويًا

وجود جامعة مستقلة في بنزرت سيُعيد التوازن للإقليم الأول، ويكرّس مبدأ العدالة المعرفية والتنمية المتوازنة بين مختلف الأقاليم.
وستمكّن الجامعة من ربط التعليم العالي بالواقع المحلي عبر برامج تطبيقية مرتبطة بـ البحرية، والفلاحة، والطاقة، والبيئة — وهي مجالات تُعدّ نقاط قوة طبيعية واستراتيجية في ولاية بنزرت.


من عاصمة الجلاء إلى عاصمة المعرفة

لقد آن الأوان لأن تتبوأ بنزرت مكانتها الأكاديمية المستحقّة، وأن تتحول من عاصمة الجلاء التاريخية إلى عاصمة العلم والمعرفة في الشمال التونسي.
فـ جامعة الجلاء ببنزرت ليست حلمًا محليًا أو مطلبًا فئويًا، بل ضرورة وطنية واستثمار استراتيجي في التنمية الجهوية المتوازنة والمنافسة الأكاديمية.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 316332


babnet
*.*.*
All Radio in One