الصين هزمت الولايات المتحدة في إيران ...ماهو نظام بيدو (BeiDou) الذي قلب المعادلة؟

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/685c54c1a209b8.12592305_jeompkflgniqh.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم ريم بالخذيري



حرب 12 يوما بين إيران من جهة و بين إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى مثلما كتبنا في مقالات سابقة هي حرب نوعية و الأولى من نوعها من حيث اعتمادها شبه الكلي على الرقمنة و الذكاء الاصطناعي.




وقد برز سلاح لا غنى عنه في هذه الحرب وهو أنظمة تحديد المواقع ويمثلهما نظام تحديد المواقع العالمي الأمريكي (GPS) جي بي اس ونظام "بيدو" (BeiDou) الصيني.

وفي خطوة لافتة تعكس توجهًا نحو تعزيز استقلالها التكنولوجي، اتجهت إيران رسميًا إلى تقليص الاعتماد على نظام تحديد المواقع العالمي الأمريكي (GPS)، مع تعزيز استخدام نظام الملاحة الصيني "بيدو" (BeiDou) داخل أراضيها، خاصة في المجالات العسكرية والأمنية.

وقد أكدت تقارير أن طهران بدأت منذ سنوات ببناء بنية تحتية متكاملة لدعم نظام "بيدو"، عبر شراكات استراتيجية مع بكين، شملت إنشاء محطات أرضية ودمج التقنية الصينية في الصواريخ والطائرات المسيّرة.
في المقابل، كثّفت السلطات من عمليات التشويش على إشارات GPS في مناطق إستراتيجية مثل مضيق هرمز، وسط مخاوف من اختراقات أو تحكم خارجي في الإشارات.

ويأتي هذا التحوّل في إطار سياسة أوسع تسعى من خلالها إيران إلى تقليل الاعتماد على التقنيات الغربية، وتحقيق سيادة رقمية وتقنية على أنظمتها الحيوية، لا سيما في القطاعات الدفاعية.

والاختبار الحقيقي لكل ما تقدّم كان في أيام الحرب التي خاضتها طهران والذي قلّص كثيرًا من الخسائر المحتملة على البنية التحتية العسكرية والمدنية، كما أصاب ضررًا بالغًا بالملاحة البحرية خاصة في مضيق هرمز والصواريخ الموجهة على الأهداف المحددة سلفًا عبر هذه الآلية.


بين التقني والتحوّل الاستراتيجي

القرار الإيراني لا يُختزل في كونه تحولًا تقنيًا، بل هو إعلان واضح عن تغيير جذري في قواعد اللعبة الرقمية، يتمثل في:

* فك الارتباط التكنولوجي مع الولايات المتحدة.
* تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الصين في المجال الفضائي والتقني.
* تحصين البنية الدفاعية والمدنية من التجسس أو التشويش الخارجي.

في ظل تصاعد التوترات الإلكترونية والهجمات السيبرانية، يبدو أن طهران اختارت التصعيد عبر "سيادة الملاحة"، لتغلق الباب أمام أي تحكم أمريكي في فضائها السيادي.

تقارير أمنية بحرية أفادت بأن أكثر من 1000 سفينة – تجارية وعسكرية – تأثرت خلال الأيام الماضية بموجات من التشويش على إشارات GPS في منطقة الخليج، لا سيما في مضيق هرمز وخليج عُمان.
وقد ربطت مصادر استخباراتية غربية هذه العمليات بإيران، معتبرة أنها اختبرت "البيئة الخالية من GPS" ضمن سيناريوهات إلكترونية معقدة، شملت محاكاة إسقاط الطائرات المسيّرة عبر تعطيل التموضع وإرباك أنظمة الملاحة البحرية.


"بيدو" (BeiDou) الصيني

نظام "بيدو" الصيني، الذي اكتمل تشغيله عالميًا عام 2020، يُعتبر اليوم أحد أكثر أنظمة الملاحة وتحديد المواقع تطورًا من حيث الدقة والمرونة، ويشكل تحديًا فعليًا لهيمنة GPS الأمريكي.
واعتِماد إيران الرسمي عليه ونجاحه في الحرب الأخيرة سيُغري دولًا أخرى في المنطقة بالتحول التدريجي له، والأهم أنه سيوسع النفوذ الرقمي للصين في المنطقة.

كما يُعدّ داعمًا قويًا لمحور "أوراسيا" والذي يضم الصين وروسيا وإيران إضافة إلى كازاخستان وطاجيكستان وغيرها.

ويُنظر إليه كـ"توازن مضاد" للنفوذ الغربي، خصوصًا الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ويشير إلى محور جيواقتصادي-تقني يتكوّن من دول ذات مصالح وأهداف مشتركة، أهمها:

* كسر هيمنة الدولار.
* إنهاء تفوق GPS والتقنيات الغربية.
* إنشاء شبكات بديلة للاتصالات والملاحة والتجارة.
* تقليل الاعتماد على المؤسسات الدولية الغربية مثل البنك الدولي وصندوق النقد.


بداية تفكك نظام جي بي إس (GPS) العالمي

نظام GPS، الذي اعتُبر لعقود خدمة مدنية كونية، بات يُنظر إليه اليوم كأداة سيطرة أمريكية دقيقة.
ومع توسّع استخدام أنظمة بديلة كـ"بيدو" و"غلوناس" الروسي و"غاليليو" الأوروبي، يتجه العالم نحو نظام ملاحي متعدد الأقطاب.
واليوم بات واضحًا أن من يتحكم في الأقمار الصناعية في السماء يتحكم في سير الحروب على الأرض.

والحروب المقبلة قد لا تُخاض بالصواريخ وإنما بوسائل تقنية آثارها أشدّ من الصواريخ والقنابل، والتحدي الحقيقي للدول سيكون السيادة على الفضاء الرقمي والمعلومة.


بين الصين وواشنطن

مثلما تأكّد، فإنّ الحرب الحقيقية لم تكن الرشقات الصاروخية والقصف المتبادل بين إيران وإسرائيل، وإنما كانت بين التكنولوجيا العسكرية الأمريكية المستعملة من طرف إسرائيل والصينية الروسية المستعملة من الإيرانيين.

وبين الولايات المتحدة والصين سباق محموم نحو التسلح ويُبرز فوارق بين القوتين العظميين:

* الولايات المتحدة تمتلك أكثر من 5700 قمر صناعي، منها ما بين 247 إلى 300 قمر ذو طابع عسكري أو استخباراتي.
* الصين تملك قرابة 1000 قمر صناعي، بين 179 و260 منها مخصصة للمهام العسكرية والاستخباراتية.

في الإطلاقات الفضائية:

* الولايات المتحدة تصدرت بـ109 عملية إطلاق ناجحة (معظمها عبر SpaceX)، بأكثر من 1000 قمر سنويًا.
* الصين نفذت 66 إطلاقًا ناجحًا في 2023، بـ200 قمر، مع تركيز على الجانب الحكومي والعسكري.

في القدرات العسكرية الفضائية:

* الصين طورت منذ 2007 أنظمة مضادة للأقمار الصناعية، وأقمارًا للمناورة والتشويش الإلكتروني.
* الولايات المتحدة تعتمد أكثر على الدفاع الإلكتروني والمراقبة الاستباقية (مثل X-37B).

في الذكاء الاصطناعي الفضائي:

* الولايات المتحدة تستخدمه في الأقمار الصناعية للمراقبة والتجسس.
* الصين تطور دفاعًا فضائيًا عبر الذكاء الاصطناعي، مع مشاريع طائرات فضائية بدون طيار مثل "Shenlong".

في البنية الأرضية:

* الولايات المتحدة تعتمد على شبكات ناسا والبنتاغون.
* الصين توسّع قدراتها الأرضية بشكل سريع.

في محطات الفضاء:

* أمريكا شريك رئيسي في محطة الفضاء الدولية (ISS).
* الصين أطلقت محطتها الخاصة "تيانقونغ".

في القمر والمريخ:

* أمريكا تخطط لقاعدة دائمة على القمر (مشروع Artemis).
* الصين تعمل على مشروع "Cháng'é" ونجحت في إرسال مركبات للمريخ.

الإنفاق السنوي:

* الولايات المتحدة تنفق نحو 60 مليار دولار (ناسا وسلاح الفضاء).
* الصين تنفق 14–15 مليار دولار، بكفاءة عالية.


لا تزال الولايات المتحدة القوة الفضائية الأولى عالميًا، مدعومة بشراكة فعالة مع القطاع الخاص وموارد ضخمة.
لكن الصين تسير بخطى سريعة نحو تعويض الفارق، مع تركيزها على القدرات العسكرية والتقنية، لتشكّل بذلك أكبر تحدٍ لتفوق أمريكا في المدار.

وفي العالم الجديد، سيعود الحديث مجددًا إلى عالم بقطبين أكثر حضورًا وواقعية في السنوات القادمة، بعد الهيمنة الأمريكية لعدة عقود.
وفي ظل ذلك، تبقى الدول النامية في تبعية تكنولوجية كاملة لأحد هذين القطبين.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 310611


babnet
*.*.*
All Radio in One