رأي : و وقع حمدي مسيهلي في فخ الإعلام المصري ومغالطاته

إلى حمدي مسيهلي ،
كنت ضحية للصورة الواحدة والرأي الواحد الأحد وأنت تكتب مقالك /رفعتم رؤوسكم ورؤوسنا..فشكـــرا لكم يا رجــــــال
/، كنت يا سي حمدي ضحية للتعتيم الإعلامي الكبير الذي مورس على مجريات المباراة تحالفا بين الإعلام المصري والجزيرة الرياضية، كنت ضحية لنصف الحقيقة التي أوردها الإعلام المصري وغياب النصف الثاني. ألم تسمع بالعنف الشديد الوحشي الذي مارسه الأمن المصري ضد البعض من أنصار الترجي قبل وقوع أحداث الشغب؟؟ لماذا لم تركز كاميراوات الجزيرة التي وقف وراءها مصورون مصريون على مثل تلك المشاهد؟؟!! ألم تسمع بوابل الحجارة والقوارير الذي تهاطل من مدرجات جماهير الأهلي على لاعبي الترجي؟؟!! ألم تر مقذوفات مختلفة تتهاطل على مدرجات جماهير الترجي ولم يتبين مصدرها أو قل غيبوا مصدرها؟؟!! بطبيعة الحال لم تسمع ولن تسمع بكل ذلك لأنك سجنت نفسك في نصف الحقيقة وأهملت النصف الثاني، لأنك أخذت وتلقيت
الأخبار والمعطيات كما هي مسلمة ولم تعمل فيها فكرك ولم تخضعها للنقد المطلوب، وكان كل همك أن تحمل جماهير الترجي كل المسؤولية في كل ما جرى. ما قام به جمهور الترجي في ملعب القاهرة عار بكل المقاييس يندى له الجبين ويسيء إلى تونس وإلى كرة القدم التونسية ولا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال وهذا أمر لا شك فيه ولا جدال. ولكنك يا سي حمدي وقعت في فخ الإعلام المصري وهذا حقا أمر غريب جدا كيف لواحد مثلك أن يقع فيه. كل شيء كان جاهزا في الإعلام المصري لإخراج صورة الترجي وجمهوره بالشكل الذي وقع تداولها هنا وهناك، وكيفما سارت الأحدث في ملعب القاهرة فإن سيناريو التهجم على جماهير الترجي أو لاعبيه جاهز ومعدّ مسبقا.
كنت ضحية للصورة الواحدة والرأي الواحد الأحد وأنت تكتب مقالك /رفعتم رؤوسكم ورؤوسنا..فشكـــرا لكم يا رجــــــال


جماهير الترجي أذنبت في حق تونس وفي حق فريقها وفي حق نفسها، ووقعت في الفخ المنصوب لها وانساقت وراء العنف ورد الفعل الشديد والقاسي، ولكنك أنت بدورك بدعوى النزاهة والحياد والشفافية ونقد الذات وجلدها أذنبت في حق الترجي وجمهوره بما ذكرته في مقالك وما اعتمدته من سخرية وتهكم وقد وقعت ولا شك في فخ الإعلام المصري الذي يعيش دائما على التضخيم والتهويل ـ أو التقليل من الشأن بحسب الظروف ومجريات الأحداث في الملعب وخارجه ـ والخداع والتشويه تزييف الحقائق والنرجسية وحب الذات.
صحيح أنه يجب أن ننقد أنفسنا وأن نحاسب أنفسنا وأن نعاتب أنفسنا بل أن نؤنبها شديدا حينما نخطئ، وصحيح أنه ينبغي أن نلتزم الحياد والنزاهة في تعاطينا مع الأحداث وأن نقول الحق ولو على أنفسنا، هذا نعلمه جيدا ونحبه جيدا ونقدسه جيدا...ولكن لا يمكن أن نصدر الأحكام إلا بعد توفر المعطيات الكاملة من جهات محايدة ونزيهة. هل ذلك النقل وذلك الإخراج للمباراة عبر الجزيرة الرياضية بإمكانه أن يوفر لك ولغيرك الصورة الكاملة والحقيقية لما وقع في ملعب القاهرة؟؟ بصراحة هل أنت مقتنع بتلك النوعية من النقل التلفزيوني وراض عنها؟؟!! ألم تتساءل بينك وبين نفسك لماذا نقلت المباراة على تلك الصورة والمخرج مصري الجنسية؟؟!! ألا ينبئ ذلك بسوء النية مع سبق الإضمار والترصد؟؟!! هل بإمكان ذلك النقل التلفزيوني أن يزودك بالحقيقة الكاملة والمنشودة؟؟!!هل تركيز مخرج المباراة المصري أثناء النقل على مدرجات الترجي دون غيرها يوفر لك تلك الصورة الكاملة المنشودة حتى تصدر أحكامك وتكون مقتنعا بتلك الأحكام تمام الاقتناع وفي الآن نفسك تقدر على إقناع غيرك ؟؟!! هل تلتزم وسائل الإعلام المصرية بالنزاهة والحياد والشفافية حتى نصدقها ونجعلها مصدرا للأخبار والتزود بالمعطيات والمعلومات؟؟!! ربما تقول إن الصورة أصدق تعبيرا من كل كلام ومن كل معطى و من كل معلومة، والصورة القادمة من ملعب القاهرة تظهر عددا من جماهير الترجي وهي تعنف بشدة وقسوة ووحشية رجل أمن مصريا، وأنا أتفق معك أن هذا الفعل الصادر عن عدد من جماهير الترجي وحشي وغير إنساني وغير مبرر ولا ينبغي السكوت عنه... ولكن الصورة يا سي حمدي ينبغي أن تكون شاملة ومن كل الزوايا، فهل الصورة الآتية من ملعب القاهرة عبر الجزيرة وعبر وسائل الإعلام المصرية تعد شاملة ومأخوذة من كل الزوايا؟؟!! ما وقع في ملعب القاهرة لم يخرج عن الفعل ورد الفعل... العنف والعنف المضاد... الجزيرة شعارها الرأي والرأي الآخر... ولكن الجزيرة الرياضية حينما نقلت المباراة نقلتها تحت شعار الرأي وغياب الرأي الآخر... نقل الجزيرة للمباراة بطاقم مصري غيب الفعل وأبرز رد الفعل، غيب العنف وأظهر العنف المضاد...
ما أردتك أن تبرزه يا سي حمدي هو أن تتحدث عن غول العنف ومضاره بصفة عامة سواء أكان صادرا عن مناصري الترجي أو عن المصريين، أن تندد بهذا العنف الذي تكون عواقبه وخيمة على الجميع: على الأفراد والهياكل والمؤسسات وحتى على الدول... لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نلصق تهمة ممارسة العنف في أحباء الترجي دون غيرهم وفي المقابل نمحوها ونبعدها عن الطرف الآخر صراحة أو ضمنيا، وأنت تعلم وكلنا نعلم أن الجمهور المصري ليس بمعزل عن العنف وله سوابق عديدة في هذا المجال ضد التونسيين وغير التونسيين،ولا أعتقد أن أكثر من 80 ألفا من مناصري الأهلي حضروا جميعهم إلى ملعب القاهرة ملائكة لم يصدر عنهم أي شيء ضد التونسيين لاعبين وجماهير ولم يمارسوا العنف هنا وهناك، ولا أعتقد أن أعوان الأمن المصريين التزموا بالضوابط وتعاملوا بطريقة حضارية وإنسانية مع الجماهير التونسية التي حتى وإن أخطأت في تصرفاتها وفي سلوكها فلا يمكن أن تعامل بوحشية، نعم نندد بما أتاه عدد من أحباء الترجي، ولكن نندد أيضا بالممارسات والمعاملات غير الإنسانية التي تعرض أحباء الترجي في ملعب القاهرة ...
حقا لقد فاجأتني بما ورد في مقالك من مواقف غير مبنية على أسس صحيحة وبتبنيك لمغالطات روجها الإعلام المصري وبتحاملك على الترجي وأحبائه تحاملا بينا لا شك فيه وبانخراطك التلقائي في حملة التشويه ضد الترجي وبادعائك أن جماهير الترجي ستنتقم لفريقها بعد أسبوعين في ملعب رادس حتى من باب السخرية والتهكم، ومثل هذا الأمر يبحث عنه المصريون ويروجون له منذ أن أعلن الحكم عن نهاية مباراة الذهاب.
ألم تسأل نفسك لماذا وقع الشغب بعد تسجيل هدف الترجي؟؟ ألم تسأل نفسك لماذا لم يقع هذا الشغب حينما كان الترجي منهزما بهدفين لصفر وهو الوقت الأنسب لوقوع مثل ذلك الشغب؟؟ لماذا لم يقع ذلك الشغب حينما سجل الأهلي المصري هدفا غير شرعي إثر لمسة يد غير عفوية وهي مقصودة لذاتها مع سبق الإضمار والترصد؟؟!!
إن ما قام به جمهور الترجي في القاهرة قام بمثله المصريون جمهورا وأعوان أمن... أنا هنا لا أدافع عن جمهور الترجي ولا أبرر ما فعله بعضهم في مدرجات ملعب القاهرة لأنه غير مبرر ولا يقبل التبرير أبدا، ولكن أيضا ليس معقولا أن يكون هذا الجمهور هو المذنب الوحيد في كل ما جرى، وإذا رمت الإصلاح يا سي حمدي ورمت المثالية وأردت أن ترتفع بسلوك الجماهير الرياضية فلا يتحقق ذلك بالطريقة التي تناولت بها الموضوع في مقالك، وإنما يجب أن تكون فعلا محايدا ونزيها فتستقي معلوماتك ومعطياتك من أكثر من مصدر، وما بني على الانحياز يبقى منحازا ولا يقدر على أن يكون محايدا، وإن طريقة تناولك لما حدث في ملعب القاهرة يزيد في تعكير الأجواء وتوتيرها وتسخينها لأنك ببساطة شديدة نظرت إلى ما حدث بعين واحدة ومن زاوية واحدة...
وتذكّر يا سي حمدي جيدا حادثة رشق حافلة المنتخب الجزائري في القاهرة بالحجارة قبل إجراء مباراة تصفيات كأس العالم، في ذلك الوقت كذب الإعلام المصري الواقعة وروج أن الجزائريين هم الذين افتعلوا الحادثة لغاية في أنفسهم، ولكن بعد مدة اعترف بعض المسؤولين المصرين بوقوع حادث الاعتداء الذي أنكروه سابقا، ولتعلم أن الإعلام المصري أشبه بالأخطبوط، فلا تكن يا حمدي جزءا من هذا الأخطبوط حتى تحت مسمى النزاهة والحياد ونقد الذات والبحث عن الحقيقة، علما وأن للحقيقة وجوها كثيرة...
صاحب رأي
Comments
44 de 44 commentaires pour l'article 29942