وعد شرف لمارشان: سنشكره إذا أنسانا الخيبة الموجودة و أهدانا الهيبة المفقودة

<img src=http://www.babnet.net/images/5/marchand.jpg width=100 align=left border=0>


ذُكر أن مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم برتران مارشان مستغرب ومستاء من عدم تركيز أغلب وسائل الإعلام في تونس على الإطار الفني للمنتخب ودوره الواضح في الانتصار المحقق ضد التشاد، وذكر أنه لو حصل العكس لتهجم الجميع عليه وحملوه المسؤولية كاملة.
وإن المرء بدوره يستغرب من استغراب مارشان، لأن عدم تركيز وسائل الإعلام على دور الإطار الفني في الانتصار على التشاد مفهوم ومبرر وأمر عادي جدا، فما هو الإنجاز الذي قام به مارشان بعد تلك المباراة حتى تتحدث عنه وسائل الإعلام بإطناب؟؟!! هل جاء من أدغال إفريقيا بالأسد من أذنيه؟؟!! هل الانتصار على التشاد حدث مهم جدا يتطلب تطبيلا وتزميرا وزفة عربي؟؟!! أليس ما حدث في التشاد هو ما ينبغي أن يحدث فعلا و بكل تأكيد وإلا أصبح الأمر دقان حنك في المنتخب ؟؟!! أم ترى مارشان عامل مزية على المنتخب وعلى التوانسة أجمعين؟؟!! والراتب الشهري الذي يحصل عليه بالأورو( أورو يحك و ينطح أورو)هل هو قشور ككاوية أو قشور فول؟؟!! وإذا كان مارشان براتبه الذي يحصل عليه لا يضمن الانتصار في التشاد فماذا يفعل في المنتخب؟؟!! وما محله من الإعراب؟؟!! وإذا كان المنتخب تحت إشرافه ليس قادرا على الفوز ضد منتخب مغمور مثل التشاد وإذا كان هو غير قادر على تقديم الإضافة للمنتخب في مثل تلك المباراة وغيرها من المباريات ـ ولولا أننا اليوم في زمن العجائب ولولا الدُمار ولولا الزمان المعكوس لما صارت منتخبات مثل بوتسوانا والتشاد تعني شيئا بالنسبة إلى المنتخب التونسي ـ فمن الأفضل لمارشان أن يترك المكان لأبسط فني في تونس بل لأبسط مواطن ليحقق الفوز على المنتخب التشادي بأيسر السبل؟؟!! وإذا كان مارشان يريد من وسائل الإعلام أن تطبل له وتغني و ترقص بالمحارم بعد انتصار منتخبنا على منتخب تشادي مغمور وغير مصنف إفريقيا فهل سيطالب بإنشاء تمثال له بجانب تمثال ابن خلدون إذا ما حقق الفوز على بوركينا فاسو أو مالي أو غينيا؟؟!! أما إذا حقق الفوز على الكاميرون أو نيجيريا أو الكوت ديفوار مثلا فالله أعلم ماذا سيطلب منا؟؟!!
أما إشارة مارشان إلى أنه لو حصل العكس لتهجم الجميع عليه وحملوه المسؤولية فهي صحيحة و مؤكدة وتدل على إدراكه حقيقة الأمور. فلو انهزم المنتخب في التشاد ـ لا قدر الله ـ لارتفعت الأصوات في أغلب وسائل الإعلام مطالبة بتنحية الإطار الفني العاجز عن تحقيق الانتصار أمام منتخبات من الدرجة العاشرة لأن عندها سيكون وجوده في المنتخب غير ضروري بل بلاش بيه خير ، ولذا فإن من العادي أيضا أن يـُـنتقد الإطار الفني في حال الخيبة أمام التشاد، وفي هذه الحال ستصبح الخيبة مكعبة بعد خيبة بوتسوانا.

عندما يتحسن مردود المنتخب تحت إشراف برتران مارشان ويحافظ على مستواه بالحد الأدنى المطلوب ولا يصبح كارثيا في كثير من المباريات وعندما يحقق الفوز المستحق وغير المشكوك فيه على منتخبات عتيدة ويفتك اللقمة من فم الأسد وعندما تعود إليه هيبته المفقودة فإننا نعد مارشان وعد شرف أننا سنشكره كما لم يـُـشكر أبدا وسنكيل له ما شاء من المديح صباحا مساء و يوم الأحد وسنصفق له ونرقص بكل الأشكال وسنرفع له القبعة إجلالا واحتراما وتقديرا ونقول له شابو وبرافو بكل اللغات وإن لزم الأمر سنشتري له مدّاحة كهربائية لا تكف عن المديح، ومثل هذا الأمر لا يقلقنا بالمرة بل بالعكس نجد أنفسنا مطالبين به لأن من المفروض بل من الضروري أن نقول للمحسن بصوت عال : أحسنت وصحيت ...



سنذكّر مارشان بأن التلميذ الذي يرتقي إلى المستوى الموالي بالإسعاف أي بالدزان أو بمعدل عادي أي بعشرة الحاكم مثلما يقال فالحدث عادي جدا يمر في الخفاء ولا أحد من العائلة يهتم به أو يشير إليه، وإذا كان نفس التلميذ قد رسب فسيأكل على رأسه وستطاله سهام النقد واللوم والتأنيب والتوبيخ والتقريع. أما إذا نجح التلميذ النجيب المتميز بمعدل ممتاز جدا أو تحصل على شهادة نهاية الدروس في أي مستوى من المستويات مثل النوفيام أو البكالوريا أو الأستاذية أو الإجازة أو غيرها(الحصول على الشهادة يعادل الفوز باللقب أو الترشح إلى نهائيات عالمية أو قارية في مجال كرة القدم ) فإنه سيكرّم في مدرسته أو كليته وفي عائلته وسيسمع ما شاء له من عبارات الشكر والإطراء والمديح والتمجيد وسيشاهد صوره في الجرائد وسيقرأ التهاني وستصله مئات الإرساليات على هاتفه الجوال تهنئه بالنجاح وتشاركه فرحته، وهكذا فإن مارشان في مباراة التشاد لم يتحصل إلا على عشرة الحاكم هذا إذا لم نقل إنه مر بالإسعاف ريثما تتحسن الأمور في قادم الأيام ونحن في انتظار ذلك.
في الأخير لا بد من التأكيد على أنّ استغراب مارشان الذي أشرنا إليه في بداية المقال يدل على ضيق الآفاق عند هذا المدرب الفرنسي ونقص في الطموح لديه ويدل على أنه نسي أنه يدرب منتخبا عريقا له تقاليده وتاريخه في عالم كرة القدم بما أنه يعتبر أن الفوز على التشاد حدث مهم يستحق الإطراء والتمجيد والشكر، وإنّ الخوف كل الخوف أن يكون السيد مارشان قد اعتقد بعد مباراة التشاد أنه حقق كل شيء ووصل إلى القمة، بينما الأمر لا يعدو أن يكون بداية، وهي بداية مازالت غامضة وتتطلب وقتا طويلا حتى تصير واضحة وحتى تصبح باعثة على التفاؤل الحقيقي والأمل الوضاء.....!!
ياسين الوسلاتي
نشر هذا المقال بجريدة الصريح



Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 29418


babnet
*.*.*
All Radio in One