كيف فرّطنا في 25 جويلية!!..

كتبه / توفيق زعفوري...
25 جويلية الماضي ، لم يكن مجرد تاريخ، كان لحظة ثورية استعادها التونسيون عندما تيقنوا أن حصاد العشرية الماضية كان أكثر من "عجرودة" و أنه لا يمكن أن يستمر زمن الهدر و الضياع أكثر من عشر سنوات..و الآن وبعد شهور من تلك اللحظة و من ذاك التاريخ نعود و نسترجع و نراجع ما الذي تغير بعدها في واقع التونسيين و ما المكتسبات التي يمكن البناء عليها و دعمها؟؟.
الحقيقة أننا لم نخرج من فضاء العشرية السابقة بل العكس بعد مضي أربعة شهور صار الأمر مخيفا أكثر، خاصة ازاء المستقبل..
فنحن لا نعرف أين تسير الأمور و لا بأي طريقة و طبق أي برنامج، لا ورقة سياسية و لا منهاج ، لا نعرف أي برنامج و لا توجد رؤية واضحة عن أي مخطط لا الرئيس و لا الحكومة قدمت رؤية، ليس للنقاش فيها و التحاور، فهذا ليس ممكن و لا توجد ثقافة حوار مع أي كان، و لكن رؤية تمكننا من معرفة أين نحن ذاهبون..
ماهي خطط الحكومة في التحكم في الأسعار مثلا أو مراقبة مسالك التوزيع، ماهي خطتها ازاء القانون عدد 38 ، ماهو برنامجها مع صندوق النقد الدولي أم علينا فقط دفع ضريبة التداين و نصمت ، ماهي خطة الحكومة في رفع النفايات المتراكمة منذ شهور ، ماهي خطتها و برامجها ازاء الموسم الديني و الموسم السياحي و الموسم الفلاحي و المفاوضات الاجتماعية و الإعتصامات و الشتاء الساخن القادم، ماذا أعدت الحكومة، حكومة الرئيس لكل هذا!؟؟ لماذا لا شيء واضح، حتى و إن إختارت الحكومة العمل في صمت و من وراء الأسوار فمن حق التونسيين ان يعرفوا أين تسير بهم حكومتهم و ماهي ملامح المستقبل هذا إن كان هناك مستقبل أصلا!!!
الإحتجاجات و الإعتصامات التي تظهر في كل حين و في كل جهة ليست مفبركة و لا هي نكاية في أحد بل هي مطالب مشروعة متراكمة تبنّتها الحكومة و وافقت عليها و صدرت في الرائد الرسمي طبقا لمبجأ إستمرارية الدولة و لا مجال لإنكارها حتى و إن كانت شعبوية، و هذه الأزمة الاجتماعية هي تعبير عن عدم الثقة في السياسات المتبعة خاصة مع طول الإنتظار و البطء الشديد في الإنجاز حتى لا نقول قلة الخبرة و العجز عن الإنجاز و غياب الرؤية، هي أزمة تنهش منسوب الثقة في القصر و في القصبة على حد السواء و توحي بأن لا شيء سيتحقق طالما أن أولي الأمر إختاروا المكوث وراء المكاتب لا صوت و لا صورة..
إزداد الوضع قتامة بعد حالات التناقض و التخبط ففي كل مرة يقع إثارة الأموال المنهوبة في الخارج و لم تقع استعادة أي مليم عدى 27 مليون دولار استرجعت من رصيد ليلى بن علي في لبنان بفضل جهود الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي ، بعدها لم يدخل مليم أحمر خزينة الدولة على حد علمي، و مرة نسمع من محافظ البنك المركزي أن المفاوضات مع الأشقاء في الخليج في مراحل متقدمة، ثم يخرجون علينا بالتقشف و الإكتتاب في خزينة الدولة!!! أرجو أن يقف الأمر عند هذا الحد و لا تضطر الحكومة إلى اقتطاع 1٪ إضافية لسد العجز في الموازنة أو لدفع الرواتب فلا يمكن أن تستغرب أي شيء، ففي نهاية الشهر الحكومة مطالبة بدفع أكثر من 5 مليار دينار فوائد عن قروض سابقة!!..
أنا و الرئيس سيان لا نفهم شيئا في الإقتصاد و الأرقام و الإحصائيات و لكن ما يهم الدائن هو أن تسدد له ما عليك، و ما يهم الموظف هو أن تدفع له آخر كل شهر مرتبه، و العامل أجره الخ، و هذه مسؤولية حكومة الرئيس، و التونسيون بعد فوات الشهور لا يرون أن أوضاعهم تغيّرت إلى الأحسن و لا هم متفائلون بالمستقبل نحن في بحر هائج ننتظر متى يحرك الربان دفة السفينة في الإتجاه الصحيح، حتى نتأكد أننا لم نفرط في تلك اللحظة، لحظة 25 جويلية..سنتفاءل خيرا، حتى و إن لم نجده اليوم!!..
Comments
4 de 4 commentaires pour l'article 236617