لماذا تتجاهل النخب المثقفة لدينا مسألة إختلال توازن التبادل اللغوي والثقافي مع فرنسا ؟!

كريم السليتي (*)
العلاقات بين البلدان والحضارات المختلفة مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون والتوازن. خذ على سبيل المثال المبادلات التجارية بين البلدان: تسعى كل بلدان العالم دون استثناء إلى ايجاد هذا التوازن الاقتصادي المنشود في المبادلات التجارية وفي صورة اختلال هذا التوازن تقوم الدول بفرض عقبات جمركية وأداءات جديدة لإعادة التوازن للميزان التجاري.
العلاقات بين البلدان والحضارات المختلفة مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون والتوازن. خذ على سبيل المثال المبادلات التجارية بين البلدان: تسعى كل بلدان العالم دون استثناء إلى ايجاد هذا التوازن الاقتصادي المنشود في المبادلات التجارية وفي صورة اختلال هذا التوازن تقوم الدول بفرض عقبات جمركية وأداءات جديدة لإعادة التوازن للميزان التجاري.
التونسيون يتذكرون جيدا الحملة التي شنتها النخبة التونسية على اختلال الميزان التجاري مع تركيا، لكن التساؤل اليوم أين هذه النخبة أمام إختلال التوازن الثقافي واللغوي والحضاري مع فرنسا؟!
فرنسا سعت خلال السنوات الأخيرة لفرض لغتها وانتاجها الثقافي على مستعمرتها السابقة وخاصة بلدان المغرب العربي الكبير. و رأينا كيف أن الضغوط الفرنسية نجحت في كل من المغرب وتونس في الترفيع في ضوارب وعدد ساعات تدريس اللغة الفرنسية وتقليص ضوارب وعدد ساعات دراسة المواد العلمية والانقليزية.
في المقابل فرنسا ترفض رفضا قاطعًا وصارمًا أي بصيص من نسمات الحضارات الأخرى خوفًا على ما يسمى “ الهوية الفرنسية" . بل قامت بمنع تدريس اللغة العربية كمادة اختيارية ليس فقط في المدارس الحكومية بل حتى في المدارس والمعاهد الخاصة. ولا يخفى على أحد حملة التشويه والتشويش في الاعلام الفرنسي (والتي تدعمها الحكومة الفرنسية) ضد كل مظاهر الثقافة والحضارة الاسلامية ، كما أن فرنسا ناقضت نفسها ومبادئها التي تدعيها بتدخلها حتى في لباس المرأة المسلمة وكذلك الأمور التعبدية الفردية للأقلية المسلمة على أرضها.
الحقيقة هو أن اللوم يقع علينا نحن وعلى النخبة المثقفة والنخبة السياسية التي تعلم جيدًا حجم الهوان والمذلة الحضارية التي لحقت بنا بسبب هذا الاختلال الثقافي ، ولكن هذه النخب لا تحرك ساكنًا بل لا تطرح هذا الأمر حتى للنقاش.
اللغة الفرنسية لغة ميتة وتموت يوما بعد يوم والفرنسيون أنفسهم حريصون جدا على تعليم أبنائهم اللغة الانجليزية ويعلمون جيدا أن لغتهم وثقافتهم لا مستقبل لها. الفرنسية ليست لغة الاقتصاد ولا لغة العلم ولا لغة التكنولوجيا ولا حتى لغة القانون الدولي، فلماذا هذا التشبث بها ونحن نعلم ومقتنعون تمامًا أنه لا مستقبل لها وأنها في طريق الاندثار .
إن مسألة وجود توازن في التبادل الثقافي واللغوي والحضاري مع فرنسا أمر جوهري وأساسي لبناء علاقات متوازنة بعيدًا عن الغطرسة والاستكبار الاستعماري ، فمتى تعي النخبة عندنا خطورة هذا الموضوع وتتخذ الاجراءات المناسبة لإعادة التوازن اللغوي والثقافي في علاقتنا بفرنسا.
* كاتب وباحث تونسي
Comments
3 de 3 commentaires pour l'article 235609