جحا في "جبهية" الى رياس تونس

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/601beacddbc8f9.19002102_kqjmepolhngif.jpg width=100 align=left border=0>


المهدي الجندوبي

وصلت الجحفة الى باب الدار لكن الموكب لم يستطع الدخول، فقام فريق من أهل العروسة ينادي بتقصير ساق الجمل ليدخل الباب و عارضتهم اصوات جلّها من أهل العريس و اصحاب الجمل كيف نخسر جملنا و الحلّ في قطع رأس العروسة لتنخفض الجحفة و تمرّ من الباب القصير.





و بينما كان القوم في جدال و صياح كاد يعكّر أفراح الزيجة اقبل جحا حكيم قومه و بعد أن أنصت للجميع قال لهم الحل عندي فانصت اليه الحضور: ضعوني على ظهر الجمل وراء العروسة و إمتثل الجميع و عندما قارب الموكب الباب القصير ضرب جحا بلطف على رأس العروسة فإنخفضت الجحفة و مرّ الموكب من الباب القصير و عادت الطبول و المزامير الى صياحها معلنة إستمرار الحفل و باتت العروسة مكرّمة معززة.

تذكرت هذه القصة التراثية، مرّتين و أنا أتابع جدل تنصيب الوزراء و دستورية إجراءات التسمية و التصويت و موكب القسم و شروط المباشرة. المرّة الأولى عندما تحّدث الأستاذ جوهر مبارك بين جد و هزل على "جبهية" و هو أسلوب اصيل في التصالح يتمثل في إرسال جماعة من الوجهاء لتقريب وجهات نظر المتصارعين و أعجبني هذا التوجّه الى الإرث الجماعي عندما يعجز الجدل القانوني و الحوار السياسي على إيجاد حل.
و المرّة الثانية عندما قرأت إقتراح الأستاذ سمير ديلو الذي طالب الوزراء الأربعة المعنيين بتحفظ رئيس الجمهورية، بالإنسحاب و هي "تضحية" يقومون بها لتجاوز الأزمة و هكذا ننقذ التحوير و لا يتعطّل سبعة وزراء غير معنيين بتحفّظ الرئيس و في هذا المقترح شيء من ثقافة الحيل الشرعية و واقعية نصف الحل أفضل من لا شيء و مقولة "لا يجوع الذئب و لا يشتكي الراعي" و كلّها تحيل الى نظرة واقعية براغماتية و هي مدرسة من المدارس السياسية.

عندما تغلق كتب القانون و تعطّل قنوات الحوار السياسي و يتجمّد الذكاء و الإبتكار، لماذا لا نفتح كتب التراث فنستفتي جحا و ندخله لحظة ضمن "الجبهية" التي ستتوجّه الى رؤسائنا الثلاثة حسب مقترح الأستاذ جوهر مبارك. فلعلّ الحل يكون في هذه الرّزمة:
تنظيم حفل أداء اليمين ل 7 وزراء "لا غبار عليهم" من مجموع 11 شملتهم التسمية و التصويت و "كل شاه معلقة من كراعها".
ينسحب 4 وزراء حولهم تحفظ كما نصحهم الأستاذ ديلو، ليتفرّغوا للدفاع عن أنفسهم امام الجهات المعنية سواء الإدارية أو القضائية مقابل أن تقدّم رئاسة الجمهورية للقضاء ما تملكه من حجج إدانة و في صورة التبرئة يقدّم رئيس الجمهورية إعتذارا لكلّ من يستحقّه. مقاومة الفساد من مشمولات رئيس الجمهورية الدستورية و إحترام كل تونسي و حفظ عرضه من واجباته ايضا. و القيم لا تؤخذ واحدة بواحدة لكنّها منظومة متكاملة.

يقترح رئيس الحكومة 4 وزراء جدد بعد التثبت مع مصالح الرئاسة حول "نظافة" سيرتهم حسب "سكانير الرئاسة" خارج كلّ إعتبار سياسي، و يتفضّل النوّاب بالتصويت مجددا و ينتظم حفل أداء اليمين، لإستكمال الفريق الحكومي.

الفكر الجحائي، "ظاهره هزل و باطنه جد" لذلك إستطاعت هذه الشخصية الأدبية المرور عبر الكتب الى وعي الناس و إن شاء الله ترافق روح جحا و دعابته كل من يشتغل الآن في تونس على تقريب وجهات نظر رؤسائنا ليتفرغوا الى ما ينفع و تلك مهمّتهم و في ذلك شرفهم. فهل يكون جحا حليفنا في أولوية "التنمية و التشغيل"؟


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 219897

Mandhouj  (France)  |Dimanche 7 Février 2021 à 18:45           
الكلام الذي يدور حول الوزراء الاربعة ، في رأي لا يمثل مشكل ثلاثي المنابع، البرلمان رئاسة الحكومة، رئاسة الجمهورية .. لذلك يجب حصره في منبع واحد، وهو قصر قرطاج ..

الفكر الجحائي جائز في مجتمع تحكمه الاعراف .. الإشكال أن في تونس أننا نضع القوانين و القواعد و لا نحتكم إليها ...

في رأي رئيس الجمهورية ليس مسؤول على فساد أو صلاح الوزراء ... له حق التعبير، قول رايه، النصيحة، و ليس له حق التعطيل ... لأن المسؤولية السياسية ترجع في الأخير لرئيس الحكومة، ثم البرلمان ... و هنا لا يجب أن نذهب من عدة أبواب للنظر في خيارات رئيس الحكومة ، خاصة و أنها مرت أمام مجلس نواب الشعب .

يجب أن نكتفي بإلتزام رئيس الحكومة ، أنه في صورة صدور ادانة من المحكمة ضد أي وزيرا ، سيطلب منه التنحي أو يقيله. ، ليذهب يدافع عن حقه أمام المحكمة .

كلام الأستاذ سمير ديلو جائز إذا هناك ادانة من المحكمة. و إذا كانت هناك ادانة من المحكمة، الأمر يكون قد ذهب للعلاج قبل أن يمر الوزراء أمام مجلس النواب .. و قبل أن يتكلم أي شخص ...

يلزم نترك رئيس الحكومة يتحمل مسؤولياته .. دون ذلك فهي أعمال تدخلية و خلق صراعات جانبية، تتجاوز التحوير الوزاري ... الدستور يقول رئيس الدولة ليس وكيلا على الحكومة .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female