هل انتصر فعلا الغنوشي؟

قيس بن مفتاح
شبَّه الأستاذ العجمي الوريمي القيادي في حركة النهضة وعضو مكتبها التنفيذي رئيس حركته ورئيس مجلس نواب الشعب السيد راشد الغنوشي بسقراط وصدام حسين في مقالة بعنوان "وانتصر الغنوشي"
مثّل فيها قبول تمرير طلب سحب الثقة من قبل مكتب المجلس وعرضه على الجلسة العامة ورفض المناورة والمغالبة بالفعل المتحدي من قبل رئيس المجلس واستعداد للتضحية على غرار سلوك سقراط عند سجنه و رفضه الهرب لمواجهة الأمر وتمسكا بالمبادئ وترسيخا للقناعات وأيضا بالإستعداد لنيل الشهادة وعدم الاكتراث بالحياة ومواجهة الموت على غرار صدام حسين في مشهد إعدامه صبيحة يوم عيد الأضحى فهل كان الأمر كذلك ؟وهل انتصر فعلا الغنوشي؟
شبَّه الأستاذ العجمي الوريمي القيادي في حركة النهضة وعضو مكتبها التنفيذي رئيس حركته ورئيس مجلس نواب الشعب السيد راشد الغنوشي بسقراط وصدام حسين في مقالة بعنوان "وانتصر الغنوشي"

بالنسبة لقبول عرض طلب لائحة سحب الثقة من رئيس المجلس على الجلسة العامة وعلى عكس ما حاولت قيادات وأنصار حركة النهضة ترويجه والتسويق له باختيار ذلك طواعية رغم إمكانية إسقاط الطلب شكلا فإنه وبنفس كلمات الأستاذ الوريمي في مقالته هو امتثال لمقتضيات القانون وبالتالي أمر عادي لا استثناء فيه ولا يعتبر من قبيل الفضل أو المنة أما عن الإدعاء بخلو الأمر من المناورة والمغالبة فالجميع يعلم ما حدث داخل مكتب المجلس من مماطلة و تأخير للنظر في الطلب للتضييق من فرضيات إمكانية العرض على الجلسة العامة في الأجل (حلول العيد والعطلة البرلمانية بما يعني طلب دورة برلمانية استثنائية)،أيضا وبالتوازي مع ذلك مواصلة النظر في طلب سحب الثقة من رئيس الحكومة السيد إلياس الفخفاخ اللّاغي آليا بعد استقالة رئيس الحكومة وبداية مسار تكليف رئيس حكومة جديد ، بالإضافة لابتداع صلاحية وسلطة تحقيقية لمكتب المجلس لا سند قانوني لها بالتشكيك في صحة إمضاء بعض النواب لإسقاط الطلب شكلا فالفصل 51 من النظام الداخلي الخاص بسحب الثقة واضح وصريح ولا يحتمل التأويل من حيث كيفية سحب الثقة وقد ردّ السيد المنجي الرحوي على ذلك بتصريحه وتأكيده صحة إمضائه ومن غريب الصدف أن يأتي هذا التشكيك في نفس الوقت الذي تنفي فيه قيادات النهضة اتهامات مماثلة من قبل رئيس الحزب الدستوري الحر السيدة عبير موسي وتشكيكها في صحة إمضاء السيد راشد الغنوشي على ورقة تصريح تكوين الحركة في 28 جانفي 2011 لتواجده آنذاك خارج البلاد..، ثم يقوم مكتب المجلس بإلحاق إمضاءات الدستوري الحر بالإمضاءات الأصلية رغم رفض أصحاب الطلب ذلك وانسحابهم من الاجتماع لما اعتبروه مناورة من الأغلبية داخل المكتب وخدمة لأحزاب ترويكا المجلس (النهضة+قلب تونس+ائتلاف الكرامة) للتشويش على المشهد داخل البرلمان قبل جلسة سحب الثقة وأيضا ما حصل لاحقا بما تم إقراره بإلغاء النقاش العام على اللائحة و سرية التصويت..
إذن لم يكن خيارا عرض طلب سحب الثقة على الجلسة العامة بل أمرا حتميا لا مناص منه ونتيجة طبيعية لتعثر أداء السيد راشد الغنوشي في تسيير مجلس نواب الشعب وتجاوزه لصلاحياته وأيضا لغياب إرادة الفصل بين رئاسة المجلس ورئاسة الحركة وخدمتها من ذلك الموقع ورغم حرص الأستاذ العجمي الوريمي في مقالته وإجتهاده في إبراز صورة الشيخ الثابت على المبدأ و الزاهد في المنصب المتقبل لكل النتائج فإن واقع الحال والأحداث تفند ذلك تماما فسياسة الحركة تركزت على العمل لإيصال الغنوشي لرئاسة المجلس مهما كانت التكاليف أو الثمن الذي تدفعه بما في ذلك التخلّي عن مبادئها بالتحالف مع من كان بوقا لبن علي الأب الحنون و رمز للفساد والتهرب الضريبي واستغلال حاجة الفقراء لشراء الأصوات والذمم مثلما لمح لذلك السيد راشد الغنوشي نفسه بمدنين في سبتمبر 2019 :(من يقول قلب تونس يتفوق على النهضة نقول له الله غالب ماعناش مقرونة) مثلا أو خلال تصريحات صحفية عديدة لقيادات نهضاوية أثناء الحملة الانتخابية التشريعية أو الرئاسية ..
ظروف التصويت على سحب الثقة ،نتيجته وحيثياته من أوراق ملغاة (نواب قلب تونس)وأخرى لم يتم التصويت بها (نواب من النهضة)ولا إرجاعها للجنة الفرز(فرضية استعمال الورقة الدوارة) تفنّد أيضا صورة الديمقراطي المستعد للخسارة أو الشهادة مثلما وصف ذلك السيد الوريمي فالغنوشي إختار أن يكون الداهية الذي يحيك الخطة المحكمة التحضير والمضمونة النتيجة حتى ولو كانت غير شفافة و لا ضير في الأمر فالسياسة تبيح أنكى من ذلك وأدهى يبقى أنه وجب احترام عقل التونسي وعدم اعتباره ساذجا يصدق كل ما يُروى له ويُكتب عن المُثُلِ والسِّير العَطِرة ولو كان من الأنصار المتيمين والأوفياء المقربين .
في الأخير بقي التساؤل حول انتصار الغنوشي والأولى حسب رأيي اعتبار نتيجة سقوط لائحة سحب الثقة جولة كسبها أفراد وهياكل حركة النهضة الذين هبوا بكل ما لهم من قوة لنصرة الشيخ والدفاع عنه داخل المجلس وخارجه رغم انتقادات وملاحظات العديد منهم لسياسته ومنهجه والتي جعلت عددا منهم ينسحبون من مواقعهم داخل النهضة ، أما السيد راشد الغنوشي فمنذ توليه رئاسة مجلس نواب الشعب بسيرته التي ذكرناها وبعد تمسكه بمنهج الاستقطاب الثنائي بما ساهم في صعود الحزب الدستوري الحر فقد أصبح وسيظل "كعب أشيل" حركة النهضة ونقطة ضعفها التي يركز عليها الخصوم هجوماتهم ولن يتراجعوا عن ذلك حتى تسقط طروادة .
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 208260