وثيقة النهضة..بدون روح.. بأي إرادة سياسية سيقع إنجازها؟

حياة بن يادم
عقد المكتب الجهوي لحركة النهضة بنابل يوم السبت 16 نوفمبر 2019، ندوة حول مشروع وثيقة التعاقد لبرنامج الحكومة المتفق عليها بين الأحزاب و كانت أول نسخة منه بتاريخ 28 أكتوبر 2019.
عقد المكتب الجهوي لحركة النهضة بنابل يوم السبت 16 نوفمبر 2019، ندوة حول مشروع وثيقة التعاقد لبرنامج الحكومة المتفق عليها بين الأحزاب و كانت أول نسخة منه بتاريخ 28 أكتوبر 2019.
تمت دعوة إطارات من داخل حركة النهضة و من خارجها لمناقشة النسخة المحينة الأخيرة للوثيقة.
تتضمن الوثيقة 92 إجراء و هي عبارة نقطة انطلاق العمل الحكومي، و ليس وثيقة نهائية و تتضمن اقتراحات من أحزاب أخرى.
هذه الوثيقة انجزت من طرف كوادر حزب حركة النهضة. و انطلقت بالاعتماد على استطلاع للرأي تم انجازه قبل الانتخابات. قصد التفاعل و الاستجابة لانتظارات المواطنين. و كانت أهم تطلعات المواطنين هي:
القدرة الشرائية، البطالة، الامن، مقاومة الفساد، و الخدمات و المرفق العمومي.
و على ضوء ذلك تمت صياغة الوثيقة التي تتضمن 5 محاور أهم ما جاء فيها:
المحور الأوّل، مكافحة الفساد و تعزيز الأمن و تطوير الحوكمة:.
*تطوير التشريعات للحدّ من الفساد. وتدعيم المراقبة الجبائية، إذ توفر حاليا للدولة مداخيل قرابة 67 بالمائة، و ذلك بتدعيم الموارد البشرية لتغطية النقص الحاصل في عدد الاعوان المكلفين باستخلاص المستحقات الجبائية لدعم خزينة الدولة. و كذلك اعتماد الرقمنة كآلية أساسية لتحسين الجودة و تفادي التدخل البشري في الاجراءات الديوانية و غيرها.
* تركيز الكاميرا في الاماكن و في وسائل النقل العامة لتعزيز الأمن، والعمل على التنسيق بين مختلف الاسلاك الامنية والتركيز على الجانب الامني فقط ، و ذلك بفصل كل ما هو أمني بالعمليات الإدارية التي تخص المواطن من وثائق لتصبح من اختصاص البلديات.
.
*بالنسبة لتطوير الحوكمة، يجب تقريب اكثر ما يمكن المبرمج من المنجز، و ذلك بصياغة عقد تكليف لكل عضو في الحكومة يتضمن البرنامج المخصص لكل وزارة، ليكون مرجع للتقييم و المحاسبة. كما يجب إحداث هيكل سياسي يجمع بين كل الاطراف قصد مؤازرة الحكومة.
المحور الثاني، مقاومة الفقر و دعم الفئات الهشة:
*إحداث صندوق زكاة يكون موجه للفئة الفقيرة و مراجعة الدعم قصد توجيهها لمستحقيها و ذلك باعادة توزيعها عن طريق منحة تسند بصفة مباشرة.
*انجاز قانون اطاري للحيطة الاجتماعية يكفل حد أدنى لكل مواطن تونسي ضمانات اجتماعية.
المحور الثالث، تطوير التعليم و الصحة و المرافق العمومية:
*الارتقاء بالمنظومة التربوية و ذلك من خلال النهوض بمستوى المربي certification . و مراجعة النظام الأساسي للجامعيين مع دعم التسيير الذاتي للمنشئات الجامعية مع اعتماد المراقبة البعدية.
*بالنسبة للصحة دعم اللّامركزية و ذلك بالاستقلال الذاتي للمنشئات الصحية، مع تفعيل المراقبة البعدية، و إحداث أقطاب صحية في الجهات. و تخصيص جزء من مداخيل المصحات الخاصة لفائدة المؤسسات الاستشفائية العامة.. كما يجب الترفيع في طاقة استيعاب الطلبة في اختصاصات الصحة.
المحور الرابع، النهوض بنسق الاستثمار و النمو و التشغيل
* دعم الاستثمار العمومي و الخاص و هما الركيزة الأساسية لتقليص معدلات البطالة. و ذلك بتوفير مناخ الاستثمار بإلغاء عدة تراخيص مكبّلة للمستثمر و رقمنة الخدمات وأن تكون مجلة الجباية موحدة و السماح للمقيمين بفتح حساب بالعملة الاجنبية .
*تطوير النسيج الاقتصادي للخروج من اقتصاد المناولة الذي يعتمد على التفكير الأجنبي و يكتفي بالإنتاج. و ذلك بتأهيل المؤسسات الاقتصادية في جميع المجالات ( فلاحة- صناعة- سياحة)، عن طريق الارتقاء بالقيمة المضافة للمنتوج.
*حسن حوكمة و إدارة المؤسسات العمومية التي أصبحت ترهق كاهل الدولة مع إعادة هيكلتها، و أخذ القرار المناسب حالة بحالة. ودفع الاستثمار العمومي في مشاريع عملاقة مثل المدينة الادارية و المدن الجامعية و المطارات.
المحور الخامس،استكمال المسار التأسيسي و تركيز الحكم المحلي
*تقديم الحكومة لانجازاتها كل 3 أشهر أمام مجلس النواب للمتابعة و التقييم، مع دعم المجلس بخبراء و مختصين.
*الاسراع بتركيز المجالس الجهوية و ذلك بإصدار الأوامر المصاحبة للنصوص القانونية.
*تدعيم البلديات بالمال و بالعنصر البشري عن طريق إعادة توزيع للموارد البشرية بطريقة محكمة.
هذا ملخّص ما أفصحت عنه هذه الوثيقة. و التي حسب المتدخلين من إطارات الجهة أنها لا تتضمن اجراءات فعلية و ملموسة، لكي تلبي في المدى القريب تطلعات المواطن فيما يخص قدرته الشرائية و موضوع البطالة.
أما حسب رأيي فالوثيقة لا ترتقي إلى متطلبات المرحلة و هي اجراءات كلاسيكية و لم تأتي بالجديد إذ نجد عدة عناوين منها مضمنة في وثائق لحكومات سابقة (copier-coller).
و الاجراءات المضمّنة بها، هي اجراءات على مدى المتوسط و البعيد. و تفتقر الي اجراءات غير كلاسيكية و فورية بعقلية ثورية و متصالحة مع الدولة، لتكسّر البطئ الحاصل في انجاز الخطوات العملية لتلبية تطلعات المواطن الذي بدأ صبره بالنفاذ و التي انهكته الأزمة الإقتصادية.
تبقى هذه الوثيقة محل تقييم من عدة أطراف و مهما اختلفنا حولها فإنها تتضمن إيجابيات كما السلبيات.
أعتبر أن هذه الوثيقة بدون روح، إذا لم تتبناها إرادة سياسية واضحة و منسجمة. و الأهم من السلبيات الكثيرة الموجودة بها، هي بأي إرادة سياسية سيتم إنجاز إيجابياتها على الرغم من قلّتها؟ .
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 192978