من يقف وراء بطالة الآلاف من حاملي الشهادات العليا في الجباية ؟

الأسعد الذوادي (*)
تشعر بالحسرة والمرارة وتشد انتباهك الوضعية الصعبة التي يمر بها الآلاف من حاملي شهادات الأستاذية والماجستير في الجباية وهم يبحثون عن شغل في الوقت الذي تسمح لهم فيه سوق الاستشارة الجبائية بالانتصاب لحسابهم الخاص لو تم وضع حد لتدخل السماسرة والفاسدين في المجال من مختلف المواقع ولحالة التهميش المفروضة منذ عشرات السنين على المهنة المحكومة بالقانون المتخلف عدد 34 لسنة 1960 مؤرخ في 14 ديسمبر 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي تجاوزه الزمن وكراس شروط خال من الشروط المتعارف عليها داخل البلدان المتطورة وبالاخص العضوة بالاتحاد الاروبي. هذا وقد ضبط الفصل الاول من القانون المشار اليه اعلاه مهام المستشار الجبائي كالتالي :" إن جميع الشركات أو الأشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين ومدهم بيد المساعدة والنصائح أو الدفاع على حقوقهم لدى الإدارة الجبائية أو المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشارين جبائيين سواء أكان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية". اما الفصل 10 من نفس القانون، فقد نص على ان المحامي يقوم بصفة ثانوية بمهام المستشار الجبائي :"ان أحكام هذا القانون لا تنطبق على الأشخاص الذين يباشرون مهنة محام و يقومون بصفة ثانوية بمهمة مستشار جبائي".
تشعر بالحسرة والمرارة وتشد انتباهك الوضعية الصعبة التي يمر بها الآلاف من حاملي شهادات الأستاذية والماجستير في الجباية وهم يبحثون عن شغل في الوقت الذي تسمح لهم فيه سوق الاستشارة الجبائية بالانتصاب لحسابهم الخاص لو تم وضع حد لتدخل السماسرة والفاسدين في المجال من مختلف المواقع ولحالة التهميش المفروضة منذ عشرات السنين على المهنة المحكومة بالقانون المتخلف عدد 34 لسنة 1960 مؤرخ في 14 ديسمبر 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي تجاوزه الزمن وكراس شروط خال من الشروط المتعارف عليها داخل البلدان المتطورة وبالاخص العضوة بالاتحاد الاروبي. هذا وقد ضبط الفصل الاول من القانون المشار اليه اعلاه مهام المستشار الجبائي كالتالي :" إن جميع الشركات أو الأشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين ومدهم بيد المساعدة والنصائح أو الدفاع على حقوقهم لدى الإدارة الجبائية أو المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشارين جبائيين سواء أكان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية". اما الفصل 10 من نفس القانون، فقد نص على ان المحامي يقوم بصفة ثانوية بمهام المستشار الجبائي :"ان أحكام هذا القانون لا تنطبق على الأشخاص الذين يباشرون مهنة محام و يقومون بصفة ثانوية بمهمة مستشار جبائي".
فالمهنة تمر بصعوبات كبيرة منذ عشرات السنين على الرغم من أنها تعد أحد الضمانات التي يجب أن تتوفر للمطالب بالأداء في دولة القانون. وعيا منه بدورها الهام في إقامة العدل الجبائي، بادر المشرع التونسي بتنظيمها بعد كتابة دستور 1959 من خلال إصدار القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين، علما أن ذاك القانون لم يواكب التطورات التي شهدتها المنظومة الجبائية اذ انه يشير اليوم الى قوانين منسوخة.
ومن خلال مئات العرائض التي رفعتها الهياكل المهنية لرئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية ووزارة التشغيل ووزارة التعليم العالي ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التنمية ووزارة الصناعة ووزارة الحوكمة والجواب الصادر عن وزارة المالية بتاريخ 11 مارس 2016 والذي جاء مليئا بالمغالطات والاكاذيب، اتضح ان اطرافا من داخل وخارج الادارة استغلت نفوذها من اجل القضاء على المهنة وجعلها مهجورة من قبل الالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية الذين استحال عليهم الانتصاب لحسابهم الخاص نتيجة اطلاق العنان للسماسرة والمتحيلين والفاسدين ومخربي الخزينة العامة وذلك من خلال اصرار الفاسدين على التصدي طيلة عشرات السنين للمقترح الداعي على الاقل الى تحيين القانون عدد 34 لسنة 1960 الذي يشير إلى قوانين نسخت طالما انه تم التصدي لمشروع القانون المتعلق باعادة هيكلة المهنة الذي يرجع الى سنة 1994 والذي استكمل كل مراحل الاعداد برئاسة الحكومة من خلال استغلال النفوذ والتعسف في استعمال السلطة في خرق على الاقل للفصول 10 و15 و20 و21 من الدستور حتى تبقى المهنة عجلة خامسة للمتحيلين والمتلبسين بالالقاب والسماسرة والمتقاعدين. كما تصر نفس الاطراف على منح بطاقات تعريف جبائية لأشخاص ينتحلون صفة المستشار الجبائي والمحامي والتعامل معهم في خرق لقانون المهنة وللفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات، علما ان السماسرة في الملفات الجبائية يكلفون الخزينة العامة سنويا آلاف ملايين الدينارات دون ان يتم رفع أمرهم لوكيل الجمهورية حسب الفصل 9 من قانون المهنة والفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية وهذا مظهر من مظاهر الفساد.
وبغاية تجريد المستشار الجبائي من مهامه، يبادر الفاسدون من حين لاخر بسن نصوص تمييزية وغير دستورية فاسدة يتم من خلالها نهب المؤسسات الاقتصادية وإغتصاب مجال تدخل المستشار الجبائي ومنافسته بطريقة غير شرعية تشترط الإنتفاع بحق من قبل صنف من المؤسسات (مثل استرجاع فائض اداء) دون سواها بمصادقة مراقب حسابات على قوائمها المالية مثلما هو الشان بالنسبة للفصل 19 من قانون المالية لسنة 2015 والفصل 47 من قانون المالية لسنة 2016 2015، علما أن هذه الأحكام التي لا تنطبق إلا على صنف من المؤسسات لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الأجنبية. ايضا لا ننسى الفصل 15 من مجلة الاداء على القيمة المضافة والفصل 23 من مجلة التسجيل والطابع الجبائي والفصول 48 سابعا و49 ثالثا 49 عاشرا و54 من مجلة الضريبة على دخل الاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات، علما ان تلك الاحكام التي تم تمريرها في ظروف فاسدة وفي ظل غياب رقابة دستورية هي مخالفة اليوم للفصول 2 و10 و15 و20 و21 و23 و40 و41 و49 و58 و65 و78 و89 و92 من الدستور ويمكن الطعن في دستوريتها امام المحاكم الجبائية.
كما يصر هؤلاء منذ سنة 2001 بصفة متعمدة على عدم تحوير كراس الشروط غير شرعي الذي جاء مخالفا بطريقة متعمدة وصارخة للفصل 3 من الأمر عدد 982 سنة 1993 المتعلق بضبط العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها باعتبار انه لم ينص على الادارة المكلفة بمتابعة المهنة والاجراءات الواجب اتخاذها ضد من لا يحترم كراس الشروط وذلك لمزيد تهميش المهنة وانتهاكها من قبل الفاسدين. كما مكنوا الممنوعين قانونا بما في ذلك الجهلة والمتحيلون من تكوين "شركات مستشارين جبائيين" لا يكون كل شركائها من بين المستشارين الجبائيين في خرق للفصل 4 من قانون المهنة. ايضا يصر هؤلاء على عدم تحيين قائمة المستشارين الجبائيين منذ عشرات السنين والتي تضم متوفين وبعض الموظفين العموميين واجراء بالقطاع الخاص وكذلك بعض المحاسبين والخبراء المحاسبين الممنوعين قانونا من القيام بمهام ترجع بالنظر للمستشارين الجبائيين مثلما أوضحت ذلك إدارة الجباية من خلال مذكرتها الداخلية عدد 30 لسنة 2007. وفي اطار المخطط الرامي الى القضاء على المهنة، تم اهدار المال العام من خلال إحداث مكاتب الإحاطة والإرشاد الجبائي في إطار قانون المالية لسنة 2001 لتقوم بنفس مهام المستشار الجبائي والمحامي ولتمكين السماسرة من مباشرة المهنة، علما أن مجلس المنافسة أوصى خلال سنة 2005 بدمجها صلب مهنة المستشار الجبائي، علما ان شبهة الفساد هذه لم يفتح بخصوصها أي تحقيق. كما يصر الفاسدون على عدم تحوير الفصول 39 و42 و60 و130 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية التي تسمح للسماسرة ومنتحلي الصفة ومخربي الخزينة العامة والفاسدين بالتدخل في الملفات الجبائية باعتبار انها نصت بصفة مخالفة للقوانين المهنية على امكانية ان يستعين المطالب بالاداء "بمن يختاره" عوض ان تنص على ضرورة ان يستعين "بمستشار من بين الاشخاص المؤهلين قانونا". هذا وقد تم حرمان المستشار الجبائي من حقه في العمل الذي مارسه طيلة 45 سنة من خلال إصرار وزير العدل وحقوق الانسان على إصدار القانون الفاسد عدد 11 لسنة 2006 بالإعتماد على الكذب والمغالطات والزور مثلما يتضح ذلك من خلال مداولات مجلس النواب والرأي الإستشاري عدد 495 لسنة 2012 الصادر عن المحكمة الإدارية والذي يلزم المطالب بالاداء بتعيين محام في القضايا التي يتجاوز فيها مبلغ النزاع 25 الف دينارا وذلك في خرق للفصول 5 و6 و7 من دستور 1959 والفصول 2 و14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والفصلين 2 و6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية، علما أن تلك الجريمة الشنيعة لازالت متواصلة في خرق لاعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة. ولمزيد تهميش المهنة والتنكيل باصحابها لم يتم تحديد الإدارة المعنية بمتابعتها خلافا لما هو معمول به بالنسبة لبقية المهن مثلما يتضح ذلك من خلال الأمر عدد 556 لسنة 1991 المتعلق بتنظيم وزارة المالية، علما أن الأمر عدد 3152 لسنة 2010 المتعلق بتنظيم وزارة العدل تجاهل المهنة التي تعد من بين المهن القانونية والقضائية في إنكار لقانون الدولة.
كما يصر الفاسدون على عدم التنصيص صلب كل التصاريح الجبائية وبالاخص التصاريح الشهرية (باستثناء التصاريح السنوية) على هوية معمريها حتى يتم تعطيل احكام الفصل 99 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية والتكتم على الاعمال التي يقوم بهام مخربو الخزينة العامة من السماسرة.
ايضا، لم تنظر وزارة العدل في مطالب الترسيم بقائمة الخبراء العدليين الصادرة عن المستشارين الجبائيين، علما ان قضاة الجباية يصرون على تعيين خبراء عدليين في المحاسبة لإعادة إحتساب الأداء في خرق للفصل 4 من القانون عدد 61 لسنة 1993 المتعلق بالخبراء العدليين رغم أن إدارة الجباية أوضحت من خلال مذكرتها الداخلية عدد 30 لسنة 2007 أن ممتهني المحاسبة لا يمكنهم القيام بمهام ترجع بالنظر للمستشارين الجبائيين.
كما يصر الفاسدون على التعامل مع السماسرة والمتحيلين الذين يتدخلون في الملفات الجبائية امام القباضات المالية ومصالح المراقبة الجبائية والمحاكم وعلى عدم ابلاغ امرهم للنيابة العمومية مثلما اقتضت ذلك احكام الفصل 9 من قانون المهنة والفصل 29 من مجلة الاجراءات الجزائية وكذلك على عدم اصدار مذكرة داخلية توجه لاعوان المراقبة والاستخلاص في كيفية تحرير محاضر ضد السماسرة والمتحيلين تطبيقا لاحكام الفصل 9 من قانون المهنة التي تلزم وزير المالية بابلاغ النيابة العمومية.
ايضا، رفضت نفس الاطراف تحوير تركيبة لجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري التي تضم خبيرين محاسبين عوض ان لا تتكون الا من قضاة تفاديا لتضارب المصالح والتي تعتبر محكمة خارج المنظومة القضائية وقضاء موازيا في خرق لمبدا وحدة الاجراءات الجبائية حيث لا يستقيم حسب الدستور والمنطق البت في قرارين في التوظيف الاجباري بطريقتين مختلفتين.
كما ان نفس الاطراف اصرت على عدم تمرير الاستشارات التي ترغب المهنة في توجيهها الى المحكمة الادارية لتفنيد مغالطات المهن المعادية التي تتصدى لمشروع قانون تنظيم المهنة بتعلة ان فصله الثاني مخالف للفصل الثاني من مرسوم المحاماة وكذلك توضيح بعض المسائل المتعلقة بالصعوبات التي يواجهها يوميا المستشار الجبائي نتيجة عدم المام الاطراف المتعاملة معه وبالاخص المحاكم بمهامه وبقانون مهنته.
ايضا تصر نفس الاطراف على عدم الرد على مئات العرائض والتظلمات المرفوعة لوزارة المالية ومختلف مصالحها منذ سنة 1986 والمتعلقة بالجرائم المرتكبة في حق المهنة والآلاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية والمطالبين بالضريبة والخزينة العامة أو إصدار ردود تعد على أصابع اليد الواحدة عادة ما تكون مليئة بالمغالطات والاكاذيب بغاية مواصلة التنكيل بأصحاب المهنة وبالعاطلين عن العمل وتعذيبهم في خرق لاحكام الفصول 10 و15 و20 و21 من الدستور.
فهل يمكن اليوم الحديث عن اصلاح جبائي في ظل تهميش مهنة المستشار الجبائي والتنكيل باصحابها من خلال ارتكاب كل انواع التجاوزات الخطيرة في حقها واطلاق العنان لمخربي الخزينة العامة الذين حالوا دون انتصاب الالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية لحسابهم الخاص والتصدي لتاهيلها بالنظر للمعايير الموضوعة من قبل الكونفدرالية الاروبية للجباية الممثلة لاكثر من 200 الف مستشار جبائي ينتمون لاكثر من 22 بلدا اروبيا والتي بعثت برسالة دعم للمهنة خلال شهر سبتمبر 2013 تسلمت رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة الحوكمة نسخة منها.
كان لزاما على رئيس الحكومة المهموم ببطالة حاملي الشهادات العليا في الجباية المبادرة فورا بفتح تحقيق بخصوص الاكاذيب والمغالطات الواردة برسالة وزير المالية المؤرخة في 11 مارس 2016 وبخصوص الفاسدين الذين عرضنا جزء صغيرا من جرائمهم المرتكبة في حق المهنة والالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا والخزينة العامة والمؤسسات الشفافة طيلة عشرات السنين واحالة مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة المعطل صلب رئاسة الحكومة من قبل اعداء المهنة ومناشدي بن علي نتيجة لاستشراء الفساد، علما انه كان موضوع جلسة عمل وزارية بتاريخ 24 جوان 2013 اوصت بعرضه في اقرب الاجال على مجلس الوزراء دون ان يتم ذلك بتدخل من الفاسدين من داخل وخارج الادارة.
الأسعد الذوادي
رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين وعضو الجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا وهيئة الخبراء بمرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة والمجلس الوطني للجباية (2002 - 2016) ورئيس مؤسس للغرفة النقابية الوطنية الوطنية للمستشارين الجبائيين (1997 - 2011)
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 190519