انطلق موسم مناشدة ''الزبيدي'' ،و الصراع على أشدّه بين واشنطن و باريس في تونس

باب نات -
طارق عمراني - ان المتتبع للتعاطي الإعلامي في جل المنابر الإعلامية التونسية بعد وفاة الراحل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في ذكرى الجمهورية يلاحظ بشكل جلي التركيز على شخصية وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي و التسويق له على انه الخليفة الطبيعي للباجي قايد السبسي و ذلك عبر تمرير رسائل إعلامية بالإشارة إلى ان وزير الدفاع كان أقرب شخصية للرئيس الراحل و مكمن أسراره و ذلك إستنادا للصورة التي جمعته به قبل يومين من وفاته حيث تحدث موقع الكتروني على ان فحوى ذلك اللقاء كان وصية الوداع التي استأمن فيها الرئيس وزير دفاعه المخلص على تونس، و هو ما تقاطع مع تصريح إعلامي للناشط السياسي عمر صحابو و الذي اعتبر ان الزبيدي هو الشخصية الوطنية الوحيدة القادرة على تسيير دواليب الدولة في مناخ اقليمي متقلب و مخاطر تتهدد تونس شرقا و غربا، تصريح صحابو لم يكن الاول و الاخير حيث تسارعت وتيرة المناشدة يوم مواراة جثمان الرئيس الراحل الثرى و ما لذلك من رمزية سياسية و عاطفية حيث التف الشعب حول جثمان الرئيس في جنازة وطنية مهيبة و بكاه بحرقة بغض النظر عن الإنتماءات السياسية، تصريح خالد قزمير الاكاديمي الذي اعتبر ان كل مواصفات رئيس الجمهورية تتوفر في شخصية الزبيدي.
هذا التعاطي الإعلامي لم يكن بمنأى عن السياق الدولي خاصة مع حديث الصحافة الفرنسية عن حرب غير معلنة بين فرنسا و الولايات المتحدة الامريكية في المطبخ السياسي التونسي.
فقبل أسابيع من الإستحقاق الرئاسي بدأ الصراع الإقليمي يحتدم ولو بشكل سري في تونس بين القوة الكولونيالية التاريخية ممثلة في فرنسا و بين شرطي العالم الأمريكي إذ تسعى واشنطن إلى ضمان موطأ قدم لها في شمال أفريقيا بعد أن أستشعرت خطر تمدد الدب الروسي في المياه الساخنة و تركيزه على ليبيا كمحطة ثانية بعد سوريا شأنه في ذلك شأن باريس التي نصبت نفسها وصية لحلحلة الأزمة الليبية وفق مصالحها و من ثمة الإستئثار بكعكعة إعادة الإعمار و عقود النفط عبر عملاق البترول "طوطال"
و تبقى كلمة السر في الصراع الليبي الداخلي هي تونس الجارة الشرقية لليبيا و الأقرب للعاصمة طرابلس .
الصحافة الفرنسية ركزت في الأسابيع القليلة الماضية على التعاون العسكري التونسي الأمريكي و تسارع وتيرته في الفترة الأخيرة بشكل ملفت و سري.
حيث نشر موقع France info مقالا تحت عنوان
تحدث فيه عما أسماه "تحالفا عسكريا وثيقا " بين الولايات المتحدة الأمريكية و تونس حيث تعمل واشنطن وفق عدة مصادر على دعم التعاون العسكري مع تونس بشكل سرّي و استشهد الموقع الفرنسي بمقال لموقع Maghreb Confidential
تحت عنوان
و ذلك بتاريخ 18 أفريل 2019 تحدث عن التركيز الأمريكي على تونس عسكريا ،كما عنون ذات المصدر بتاريخ 21 مارس
إذ تحدث الموقع عن صفقة تقضي بتركيز قاعدة أمريكية على الأراضي التونسية مقابل تزويد تونس بطائرات حربية من نوع AT-6 Wolferine .
كما ذكرت وكالة ايكوفان الإقتصادية أن تونس قد طلبت من واشنطن في ذات الفترة قرضا ب500 مليون دولار لتمويل شراء طائرات هجومية خفيفة .
و أشارت France info إلى المقال الذي نشرته مجلة جون أفريك في 10 فيفري 2017، وكشف عن تصاعف قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس خلال 3 سنوات ،علاوة على التقارير الإخبارية التي تؤكد مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في عمليات نوعية في إطار مكافحة الإرهاب بجبل الشعانبي على الحدود الجزائرية.
و أردف المقال بأن تونس أصبحت من أكثر شركاء الولايات المتحدة موثوقية حيث تحدثت صحيفة النيويورك تايمز نقلا عن مصدر عسكري أمريكي إعتزام واشنطن إرسال 150 عسكريا إلى تونس بشكل دائم .
و أضاف المقال بأن التدخل الأمريكي أضحى حقيقة ملموسة في تونس و هو مايشير إلى إعتزام واشنطن تقليل تواجدها العسكري غرب القارة الإفريقية مقابل تدعيمه شمالا حيث قال الجنرال توماس وايدهاوسر رئيس الأفريكوم في تصريح للنيويورك تايمز بأن تونس "هي أكثر شركائنا موثوقية و مناسبة لنا " ،غير أن حساسية الموضوع جعلته في إطار السرية خوفا من ردة فعل إرهابية إنتقامية من الجماعات المتطرفة في شمال إفريقيا كما أن مسألة الوجود العسكري الأمريكي هي قضية شديدة الحساسية بالنسبة للشارع التونسي بصفة خاصة .
وفي سياق متصل نشر موقع موند أفريك الفرنسي مقالا تحت عنوان
أشار فيه إلى أن وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي هو مهندس التعاون العسكري التونسي الأمريكي و من المنتظر أن يترشح للإنتخابات الرئاسية بدعم سري من واشنطن لا سيما أن الزبيدي شخصية سياسية وازنة و يحظى بدعم رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي كما أنه ينحدر من منطقة الساحل المعروفة بصناعة النخب التونسية الحاكمة .
من جهته نشر موقع راديو فرنسا الدولي RFI مقالا إنتقد فيه تعامل وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي مع ملف إيقاف الفرنسيين المسلحين في معبر راس جدير الحدودي و التعاطي معه بشكل مبالغ فيه ،كما أشار المقال إلى أن ال13 فرنسيا هم من رجال الحرس الديبلوماسي المكلفين بحماية السفير الفرنسي في ليبيا سافروا نحو تونس بجوازات ديبلوماسية بعد إحتدام المعارك في العاصمة الليبية طرابلس و ذلك في 6 مركبات من نوع 4*4 و بقوا عالقين في المعبر الحدودي لأكثر من 20 ساعة حيث وقع حجز لديهم مئات القنابل اليدوية و الخوذ و السترات المضادة للرصاص و راجمات صواريخ و قذائف ومعدات إتصال متطورة تم إيداعها في مستودع الحجز التونسي التابع للجمارك التونسية ،وأضاف المقال أن فرنسا قد أعلمت السلطات التونسية بالموضوع قبل 48 ساعة.
و أردف المقال بأن الموضوع كان ليتوقف عند هذا المستوى الطبيعي ،غير أن وزير الدفاع التونسي حاول توجيه الموضوع و تكييفه معتبرا أن الفرنسيين الذين تم إعتراضهم كانوا تحت غطاء دبلوماسي تمويهي حيث أنه الوزير التونسي الوحيد الذي أعرب عن شكوكه و كرر روايته و إتهاماته أكثر من مناسبة ،مما جعل الموضوع بمثابة مادة دسمة للإعلام التونسي و الأجنبي وذلك حسب تعبير المقال.
و أعتبر المقال أن تصرف وزير الدفاع التونسي يأتي في إطار سياق داخلي ،حيث يبدو أن للوزير طموحات سياسية في الإنتخابات الرئاسية و يريد أن يظهر في شاكلة الرجل القوي الحامي للسيادة التونسية في سياق إقليمي متفجر و معقد .
و ختم المقال بالإشارة إلى أن رواية الوزير التونسي "الفيروسية " إنتشرت في مواقع الأخبار العربية و العالمية و أظهرت فرنسا في موضع الداعم العسكري للماريشال خليفة .
كل هذه التطورات السياسية الداخلية و الاقليمية يمكن ان تفسر لنا ظاهرة المناشدة لوزير الدفاع التونسي و من المنتظر ان تتسارع وتيرتها في الايام القليلة القادمة
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 186506