نيوزيلندا أقصى نقطة جغرافية للصراع الحضاري

دكتور أيمن القاطري (*)
مرة أخرى أذكر بأنه صراع حضاري يتجاوز الدول ذاتها و أنه صراع وليس هنالك للأسف إمكانية للتعايش إلا في حالة واحدة ألا وهي تكافئ القوى....إن الصراع الحضاري يتغذى أساسا من وجود أزمة في الفكر اليبيرالي، كونه لم يعد قادر على تحديد معالم و آليات الرخاء و الإستقرار على مدى بعيد مثلما أستطاع ذلك خلال القرنين السابقين. لذلك فإن هذا الفكر المرتبط أساسا بالهوية الأوروبية المتأصلة في ريادة الرجل الأبيض في مرحلة مترنحة ما بين النيوليبيرالية التي لم تعد قادرة أن تقدم أكثر مما قدمت وتعاني من فاعلية اقتصادية في مواجهة عملاق مثل الصين يعتنقها ظاهريا ولكنه إيديولجيا مختلف تمام الإختلاف و بين التيار الإجتماعي الذي كان معدل الكفة و الذي يعتبر أكبر الخاسرين لصالح اليمين المتطرف. إنما مسألة صعود اليمين المتطرف ليست مجردة حالة ثقافية أو إجتماعية كما يراد تسويقها إعلاميا بل هي في مرحلة على مستوى التطبيق تعتبر سياسية و على مستوى أعمق فكريا هي رؤية حضارية... هنالك أوجه متعددة لليمين المتطرف منها حالات الإعتداءات على الأجانب و خصوصا المسلمين وصولا إلى مرحلة مثل التي حصلت اليوم في نيوزيلاندا من قتل على المباشر و نقل حي لقتل المسلمين رحمهم الله في مسجدين....في نفس الوقت التيار السياسي لليمين المتطرف والذي يعتبر نفسه قوميا متواجد اليوم بنسب مرتفعة و مهمة في البرلمانات الغربية ناهيك عن الدولة العميقة. اليمين المتطرف له خاصية واحدة مهمة خلال القرون الماضية في أوروبا وهي القومية الدينية للغرب فكان اليهود يوما ما في محرقة اليمين المتطرف حيث كانوا الطرف الأضعف رغم قوتهم المالية و لكن هذا كان في أوروبا المتصارعة فيما بينها أيضا بإسم الفرق المسيحية المختلفة ولكن كل ذلك حصل ولم يستفد المواطن الأوروبي شيئ بل في النهاية حصد حربيين عالميتين و آلاف الملايين من القتلى.....
مرة أخرى أذكر بأنه صراع حضاري يتجاوز الدول ذاتها و أنه صراع وليس هنالك للأسف إمكانية للتعايش إلا في حالة واحدة ألا وهي تكافئ القوى....إن الصراع الحضاري يتغذى أساسا من وجود أزمة في الفكر اليبيرالي، كونه لم يعد قادر على تحديد معالم و آليات الرخاء و الإستقرار على مدى بعيد مثلما أستطاع ذلك خلال القرنين السابقين. لذلك فإن هذا الفكر المرتبط أساسا بالهوية الأوروبية المتأصلة في ريادة الرجل الأبيض في مرحلة مترنحة ما بين النيوليبيرالية التي لم تعد قادرة أن تقدم أكثر مما قدمت وتعاني من فاعلية اقتصادية في مواجهة عملاق مثل الصين يعتنقها ظاهريا ولكنه إيديولجيا مختلف تمام الإختلاف و بين التيار الإجتماعي الذي كان معدل الكفة و الذي يعتبر أكبر الخاسرين لصالح اليمين المتطرف. إنما مسألة صعود اليمين المتطرف ليست مجردة حالة ثقافية أو إجتماعية كما يراد تسويقها إعلاميا بل هي في مرحلة على مستوى التطبيق تعتبر سياسية و على مستوى أعمق فكريا هي رؤية حضارية... هنالك أوجه متعددة لليمين المتطرف منها حالات الإعتداءات على الأجانب و خصوصا المسلمين وصولا إلى مرحلة مثل التي حصلت اليوم في نيوزيلاندا من قتل على المباشر و نقل حي لقتل المسلمين رحمهم الله في مسجدين....في نفس الوقت التيار السياسي لليمين المتطرف والذي يعتبر نفسه قوميا متواجد اليوم بنسب مرتفعة و مهمة في البرلمانات الغربية ناهيك عن الدولة العميقة. اليمين المتطرف له خاصية واحدة مهمة خلال القرون الماضية في أوروبا وهي القومية الدينية للغرب فكان اليهود يوما ما في محرقة اليمين المتطرف حيث كانوا الطرف الأضعف رغم قوتهم المالية و لكن هذا كان في أوروبا المتصارعة فيما بينها أيضا بإسم الفرق المسيحية المختلفة ولكن كل ذلك حصل ولم يستفد المواطن الأوروبي شيئ بل في النهاية حصد حربيين عالميتين و آلاف الملايين من القتلى.....
اليوم اليمين المتطرف حدد بكل وضوح ملامح الصراع الحضاري و الجهة المقابلة وكالعادة الحلقة الأضعف... المسلمين أو كل من ينتسب لدين الإسلام وباعتبار هذا الدين هو الجهة الحضارية الأخرى المقابلة...هذا شعبويا و انتخابيا... لنمر و نقرأ الخطاب السياسي وهنا ستجده يحدد بالضبط ويقول المشكل هو الإسلام السياسي.... اليمين المتطرف الذي يعتمد على الكنيسة و الدفاع المقدس على الهوية الدينية للغرب ذو المرجعية التاريخية المسيحية اليهودية يعتبر الصراع و المشكل على المستوى السياسي مع الإسلام السياسي....
هذا الوجه المبسط لقراءة سطحية للصراع الحضاري، ولكن كما أذكر دائما فإن الصراع الحقيقي لا يطفوا للسطح.... الصراع الحضاري الحقيقي يتمثل في أن العولمة التي أساسا هي أهم منتجات اليبيرالية تجد نفسها في أزمة ستفقد أصحاب" الباتيندة" كما نقول بالعامية التونسية قدرتهم على التحكم و على البقاء في القمة و أن هذا أصبح تقريبا أمر محتوم خلال الخمسين سنة المقبلة حيث ستنتقل الريادة شرقا في جزء كبير منها بل سيشهد العالم مرحلة التعددية في الأقطاب لفترة وجيزة هي تلك بالتحديد ما يرعب اليمين المتطرف لأنها مرحلة قد يكون فيها كل شئ ممكن وستفقده الكثير الكثير من التوازن و الريادة... لذلك فإن هذا الصراع الحضاري الكبير هو الأساس لفهم ما يحصل على الأرض.... من إستهداف للحلقة الأضعف ألا وهم المسلمون.

الحقيقة أيضا أن العالم الاسلامي وبالأساس العربي منه لم يقدم نماذج حضارية بديلة لحد الساعة ولازال يترنح ما بين التحرر الوطني و التبعية الاقتصادية وبين الكم الهائل من الموروث المثقل من الانحطاط الثقافي الاجتماعي أساسا, ولأن منطق الصراع الحضاري أوسع وأقوى بكثير من صراع الدول و الشعوب فان لا مكان فيه الا لمن يقدر أن يفرض نفسه بنفسه...
للحد من الصراع الحضاري هنالك في الحقيقة طريقين لا ثالث لهما، الأول يتمثل في ثورة تقنية خامسة قادرة على تعديل الكفة وخلق مناخ إستقرار إقتصادي يحقق الرفاهية لأكبر عدد من البشر في كلا طرفي الصراع الحضاري و أما الثاني فهو أن يأتي جيل قيادي سياسي قادر على تحجيم التطرف من الجهتين و بناء جسور من التعاون ما يخلق الثقة بين الأطراف المختلفة و الأهم هو إتخاذ الحلين معا.
إن الأجيال الجديدة لديها القدرة أكثر على التواصل فهي ولدت في ثورة التواصل لذلك فإن من الحكمة للسياسيين أن يستوعبوا هذه التغيرات و أن يتأقلموا ليس على مستوى الصور فحسب بل على مستوى آليات و مناهج العمل و الأهداف السياسية بالأسئلة التي وجب أن تطرحها اليوم مثلا ماذا يمكن أن نقدم للشباب من إمكانيات تطوير قدراتهم لخلق وظائفهم بأنفسهم خلال العشرين سنة المقبلة و التي سيكون فيها الذكاء الصناعي قد أصبح جزء من حياتنا اليومية، ما نوعية التعليم التي وجب أن نقدمها للأطفال و الشباب اليوم، كيف يمكننا أن نطور و نمنهج العقل العربي بشكل يكون في النهاية قادر على الإنتاج و الابداع و تثمين للوقت و العمل....أسئلة كثيرة لو أردنا تحديدها. قد يختلف الوضع في منطقتنا من بلد لآخر و لكن في العموم التحديات نفسها.
يبقى أن الصراع الحضاري سوف يتواصل بحدة في الخمسين السنة المقبلة لأنها مرحلة انتقالية للسلطة التجاذبات فيها بين القوى العظمى, الصاعدة و النامية سيكون كبير, مفهوم الدولة القطري في هذا الصراع سيف لن يكون مجدي بل من الحكمة اليوم الاسراع في تحديد مفاهيم أكبر من الدولة القطرية المصغرة أي تكتلات استراتيجية لكي تستطيع الدول الاستمرار و بالبقاء في خضم الصراع الحضاري.
* خبير استراتيجي دولي
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 178809