إذا حبوك ارتاح لا تتعب ولا تصرف

بقلم سمير الوافي
بدون دعاية و إشهار..
بدون الحاح على الجمهور..
بدون دعاية و إشهار..
بدون الحاح على الجمهور..
بدون توسل عبر وسائل الإعلام..
بدون كشافة و لا شبيبة مدرسية في المسرح..
بدون أغان جديدة متداولة أو محفظة ..
بدون ظهور في وسائل الإعلام ..
بدون كليبات و لا فضائيات..
بدون تعب و لا مصاريف و تكاليف ..
بدون استعطاف لجلب الجمهور..
بدون كل ذالك ملأت أمينة مسرح قرطاج بمحبيها و عشاق صوتها.. الذين جاؤوا تلقائيا.. بدون إلحاح من الدعاية.. وبلا تذاكر مجانية.. و لا و سائل إعلام و إعلان..
كان المشهد مذهلا في مسرح قرطاج إنها ليست مجرد علاقة بين فنانة و جمهورها بل قصة حب صامدة .. فيها المشاعر والوفاء والعشق والشغف والأشواق.. لقد جاءت أمينة إلى ذلك الموعد في مسرح قرطاج .. مجروحة بالانتقادات القاسية ومطعونة بأقلام حادة.. تشكك حتى في جدارتها باعتلاء مسرح قرطاج للمرة الثانية على التوالي .. وتتنبىء لها بالفشل والخيبة.. وتقذفها بأشنع النعوت الفنية..
السلطة الخامسة
ولكن الجمهور هو السلطة الخامسة .. وقراره حاسم وحاكم.. لقد كان جمهورا غفورا .. يغفر لأمينة خمولها وكسلها و بخلها .. وهبلتها .. ويكفيه منها اسمها وصوتها الجبار.. ما ان تقول هنا أمينة فاخت حتى يهرع اليها الناس بشغف وتلقائية و لهفة.. ويزدحمون أمام شبابيك التذاكر..منذ سنوات وأمينة في تلك المكانة الجماهيرية ..منذ سنوات والصحافة تنتقدها بحدة وتطالبها بالجديد .. وتحثها على الانتاج .. وتتوقع لها النهاية والخيبة.. وسوء العاقبة.. لكن الجمهور له رأي أخر وقرار اخر.. لا يخذلها ولا يعاقبها على كسلها .. ولا تفتر مشاعره نحوها..
وفي مسرح قرطاج ... كان التواصل بين أمينة وجمهورها .. مذهلا ورهيبا .. ويستحق دراسة لفهمه وتبريره.. فهذه فنانة ترتكب كل ما يجعل الجمهور ينفر من فنان وينساه .. الكسل.. الغياب.. البخل.. مقاطعة الاعلام.. وعدم الظهور في كليبات ومنوعات..و..و..
ولكن الجمهور يستقبلها على الركح كالملكة.. ويتفاعل معها بالجسد والروح..ويحبها فتبادله الحب .. وتغني له ..
أمينة فاخت صارت فنانة خارج التصنيف والقواعد والضوابط.. تنجح حين يتوقع الجميع أن تفشل.. وتضحك حين ينتظرون أن تبكي .. يتعب غيرها ويصرف ويقلق و يلهث و يستعطف و يصور عشرات الكليبات.. وتدعمه شركات وفضائيات.. لينجح ويلمع ويصل الى الجمهور..

أما هي فمن النوم.. من التثاؤب.. من الغياب واللامبالات.. تأتي الى المسرح متى شاءت فتجد الجمهور غفيرا في انتظارها .. بدون تأثير خارجي من فضائيات أو شركات .. بل تلقائيا .. وبأمر من الحب..
ليست جديدة حتى نقول أنها فقاعة وقتية.. وليست دخيلة حتى نقول أنها موضة عابرة.. فمنذ سنوات وهي الاستثناء.. ومعشوقة الجماهير.. بلا وصفة نجاح مقنعة.. سوى صوتها الجبار.. وما وهبه لها الله من حضور أسر.. وطلة ساحرة.. وقوة ناعمة.. في قيادة عواطف جمهورها..
لا تغني فقط
أميتة فاخت غنت أغان متداولة وقديمة ..من أم كلثوم الى بوقنة الى قديمها .. وقليل من جديدها الذي لا يصح مباغتة الجمهور به هكذا .. بدون دعاية ولا ترويج و تسويق.. وذلك جعل الثلاثة أغاني الجديدة تمر في غفلة من الانتباه والتركيز.. ومع ذلك غهي حين غنت الحب كده لأم كلثوم.. جعلتها بصوتها الجميل وأدائها المتمرد وروحها المتميزة.. أغنية جديدة .. كانك تسمعها لأول مرة .. وتلك هي قوة أمينة فاخت .. التي استعصت على النقد والانتقاد . انها تجعل الأغنية احساسها الخاص وحالتها ومزاجها و شعورها. . انها لا تؤديها فقط .. بل تحسها فتغنيها .. وتعبر بها.. وذلك ليس غناء بل أعلى من الغناء.. انها حالة تعبير شاهقة .. تجعل أمينة مجنونة على الركح .. فتستحوذ على مشاعر الجمهور.. وتتحكم في حواسه..
وفي حنجرتها ثروة.. ولكن.. في جيبها عقرب...
ولكن.. ذلك الجمهور المخاص.. المواضب على حبها.. يستحق أن تكافئه أمينة بالجديد والمذهل والمبهر.. فلا يجب أن تستسهل النجاح.. معولة على محبته لها ووفائه لصوتها .. لا بد أن تصنع لها تاريخا يدوم ويخلد.. لا بد أن تحسن التصرف في تلك النعمة.. التى وهبها لها الله.. وجعلها محبوبة ومطلوبة ومعشوقة.. هكذا بلا دعم ولا جهد ولا تكاليف.. واذا حبوك ارتاح لا تصرف ولا تشقى..
فأمينة في روحها نعمة . وفي حنجرتها ثروة.. ولكن.. في جيبها عقرب...
Comments
12 de 12 commentaires pour l'article 16810