تقديم كتاب ''في الحرب على الإرهاب: من إرهاب المفهوم إلى إرهاب المقاربة''

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/alharbbbalairhaaaaaaaaab.jpg width=100 align=left border=0>


باب نات - بقلم الكاتب

طرحنا في كتابنا "في الحرب على الإرهاب: من إرهاب المفهوم إلى إرهاب المقاربة" مقاربة مختلفة لظاهرة الإرهاب الدولي و الحرب عليه. و يقع الكتاب الصادر عن دار المنتدى للنشر في 350 صفحة (20/14) .





و قد حاولنا الإجابة على السؤال التالي: هل تقود المقاربات المعتمدة ، محليا و دوليا، إلى الإمساك بشبح "الإرهاب" و الإرهاب الدولي (مفهوميا) ؟ و في غير هذه الحالة، هل يمكن تطهير العالم من هذه الآفة؟
و تطلب الجواب على هذا السؤال المركزي التطرق إلى أسئلة فرعية أخرى:
كيف يمكن "للإرهاب" باعتباره حكم قيمة (في أحسن الأحوال)، و ليس مفهوما علميا و لا جريمة مستقلة، أن يتحول إلى حكم مطلق يوجب المساومة و يشرعن كل أشكال الهيمنة والاحتلال، و يعزز آليات الاستبداد؟
لماذا تحولت الحرب علي "الإرهاب" إلى سلاح سياسي و استراتيجي يشهر منذ عقود ضد شعوب العالم العربي و الإسلامي و أنظمته المتمردة؟
و هل يكفي الإرهاب سبيلا للقضاء على "الإرهاب"؟

و بعيدا عن المعالجات التبسيطية و التسطيحية التي تروج لها الآلة الدعائية لرعاة الحرب على "الإرهاب" (من قوى الهيمنة و الاحتلال و أنظمة الاستبداد الوظيفي) في مستويي المفهوم و المقاربة، و اعتبارا كذلك إلى أن التواطؤ على عدم وجود تعريف محدد للإرهاب ليس مسألة نظرية تتصل بالمفاهيم فقط، حاولنا في مدخل نظري عام الإشارة إلى مصطلحي "الإرهاب" و الحرب على "الإرهاب"، و عرضنا لمجموعة من الإشكاليات المعرفية و القانونية و الأخلاقية و السوسيولوجية التي مازالت تحول دون الوصول إلى تعريف متوافق عليه للإرهاب و آثار ذلك على مقاربة الإرهاب الدولي مفهوما و معالجة.

تعني الحرب على "الإرهاب" في معناها المجازي هي كل إستراتيجية أو سياسة أو منظومة تستهدف عدوا حقيقيا أو مصطنعا (أو الآخر المختلف سواء كان من الاغيار القريبين أو البعيدين) يصمه القائمون عليها ب"الإرهاب"، و عليه يكون الإرهاب كل عائق حقيقي أو مصطنع يحول دون تحقيق الأهداف المعلنة أو الخفية لفرسان تلك الحرب سواء تمثل ذلك في صورة جماعة أو حزب أو نظام أو دولة أو شعب أو مجوعة ثقافية أو حضارية.

و اعتبارا إلى أن "الإرهاب" ليس مفهوما نظريا لأنه لا يستجيب للمعايير العلمية للمفهوم و لا جريمة مستقلة (و إن كان جريمة دولية)، نقدر انه مفهوم مركب بنيوي و وظيفي:

1 - انه مفهوم بنيوي مرتبط بأي سلطة إمبراطورية أو سلطة احتلال أو استبداد يقوم مقام العدو المفترض دائما، حقيقيا كان أو مصطنعا،
2 - كما انه مفهوم وظيفي بوصفه:
* آلية إدانة و اتهام على المستوى السياسي،
* (و الأخطر) انه أداة للتفكيك و إعادة البناء على المستويين الاستراتيجي و الحضاري) يمكن استخدامها عند الضرورة ضد كل مجال جيوسياسي (أو حضاري) مستعص أو متمرد.
لذلك اخترنا عرض بعض جوانب الموضوع شديد التعقيد في بابين يتعلق أولهما بإرهاب المقاربة و ثانيهما بمفردات مفهوم الأمر الواقع للإرهاب.

و قد استفزنا قصور المقاربة القانونية في التعاطي بموضوعية و تجرد مع ما تم تسميته "بالإرهاب" إلى محاولة تشريح " الإرهاب" و الإرهاب الدولي من زوايا مختلفة.
و عملنا على توظيف مقاربة متعددة الأبعاد، فكرية (تلقي الضوء على الخلفيات الثقافية و الحضارية) ، و سياسية ( تركز على ثوابت الخطاب السياسي الرسمي و كذا الإعلامي) ، و إستراتيجية عملنا من خلالها، و في ثنايا هذا العمل، على تعرية ما اسميه- مع الاحتراز الشديد- ب"مفهوم" الأمر الواقع ل"لإرهاب" في منطلقاته و مفرداته، و على نزع القداسة الموهومة عما اصطلح على تسميته (أمريكيا و صهيونيا) بالحرب على " الإرهاب".

لذلك توقفنا في الباب الأول من الكتاب (إرهاب المقاربة) على المقاربة الأمريكية (الصهيونية) للإرهاب و ذلك من خلال تشريح و تركيب مستويات التعريف الرسمي الأمريكي لهذا "المفهوم" وفق المؤسسات السياسية و الأمنية المختلفة. و استقصينا معالم هذا العدو – الشبح من خلال الخطاب السياسي الرسمي الأمريكي و تتبعنا سمات ذلك الخطاب معرفيا و أخلاقيا و تواصليا و سياسيا. كما اشرنا، و إن بإيجاز، إلى الخطوط العريضة للخطاب الإعلامي الغربي حول "الإرهاب".

و عرضنا في الباب الثاني بالتحليل و النقد لما أسميته – تجاوزا – ب"مفهوم "الأمر الواقع للإرهاب الذي صاغته الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني و انخرطت فيه الدول الكبرى كما الاستبداديات العربية الوظيفية، و لآثاره ليس فقط على دولة القانون و حقوق الإنسان و إنما بالأساس على المستويين السياسي و الإستراتيجي.

و يتشكل هذا المفهوم ذي الخلفية المسيحية اليهودية من فسيفساء مفردات قد تلتقي و قد تستقل، تاريخيا أو مضمونيا و لكنها تجتمع في إطار بناء متداع نظريا و هش قانونيا و متحيز و إقصائي سياسيا و استراتيجيا و حضاريا.
انه بناء تم تشييده على حساب حقائق التاريخ و معايير الحقيقة و مبادئ الشرعية القانونية و العدالة الدولية.

و قد فصلنا و ناقشنا بعض شتات هذا المفهوم من خلال المفردات التالية:
1 – التعريف بالاختزال( تفريد الإرهاب): يشكل اختزال الإرهاب في أعمال الأفراد و الجماعات بما فيها أنشطة المقاومة المسلحة للاحتلال الأجنبي و حركات المقاومة الضلع الأول لهذا المفهوم. و يقوم على فكرتين:
1 - تؤسس الأولى لإدانة الحق المشروع لمقاومة الاحتلال المعترف به دوليا،
2 - و تنتهي الثانية إلى تبييض الاحتلال و الغزو و الهيمنة باعتبار أن مرتكبي هذه الجرائم الدولية هم فرسان بل قادة الحرب على ذلك " الإرهاب".
و فيه عرضنا لمسالتين:
- أساس التمييز بين الإرهاب و بين الكفاح المسلح من اجل تقرير المصير
- الإرهاب الدولي و حق المقاومة في ضوء القانون الدولي
2 – التعريف بالنسخ ( شطب إرهاب الدولة): على الرغم من أن إرهاب الدولة مثل التجسيد الأصلي لمصطلح "الإرهاب" و شكل حقيقة تاريخية ثابتة في الممارسة السياسية و الدولية ، فان هذه المقاربة عملت كذلك على شطب إرهاب الدولة، سواء مورس الإرهاب داخليا(ضد الشعب أو بعض فئاته) أو دوليا من خلال الاستعمار و الاحتلال و الغزو و الهيمنة، مادام القائمون على ذلك الإرهاب زعماء أو مجرد جنود في حرب " مقدسة" لا تنتهي ضد شبح اسماه الأسياد " إرهابا" و انصاع العبيد لهذه التسمية صاغرين منكسرين( و إن أدى ذلك إلى استعداء شعوبهم و القوى الحية فيها، و حتى المكونات الأصيلة في هويتها، و غلق أي أفق للتحرر الوطني و الاستقلال الحضاري لبلدانهم و أمتهم).
و فيه عرضنا للمسائل التالية:
- التحول السيميائي موضع سؤال
- موقف القانون الدولي من إرهاب الدولة
- إرهاب الدولة أكثر خطورة من إرهاب الأفراد
- تنسيب التمييز بين إرهاب الدولة و إرهاب الأفراد.
3 – التعريف بالادلجة ( اسلمة و تعريب الإرهاب): تتمحور مقاربة "الإرهاب" بصفة أكثر وضوحا (خاصة بعد 11/9 /2001 ) على عنصرين أريد لهما أن يتعانقا و أن ينصهرا في قالب مزدوج:
- جوهر ديني يصبح الإسلام ( دون غيره من الأديان و الفلسفات) بموجب هذه المقاربة إيديولوجية تؤصل للعنف و الإرهاب و تمثل أصلا لكل شرور العالم.
– بعد قومي و عنصري تقيم بواسطته علاقة عضوية بين العرب و المسلمين و بين " الإرهاب".
و فيه عرضنا للعناوين التالية:
- من هو العدو؟ و مزنا بين العدو المموه ("الإرهابيون" و المنظمات "الإرهابية" الموسومة بالإسلامية دون غيرها) الذي بينا انه ليس العدو الحقيقي المستهدف و أن " فقاقيع العنف العدمي (كما انظمه الاستبداد الوظيفي) صناعة غربية (و صهيونية) بحكم النشأة أو الوظيفة" ، و بين العدو غير المرئي . و انطلاقا من قناعتنا بان الإرهاب" مكون بنيوي في العقل الغربي تمت صياغته نظريا و ممارسته عمليا- طوال التاريخ الأوروبي و الأمريكي، ضد الآخر – العدو، و الآخر المختلف"، عرضنا لتلك الجذور في الفكر الغربي و كذا من خلال تاريخية العلاقة بين الشرق و الغرب.
كما عرجنا على شبهة عدوانية الإسلام (من التعميم إلى التدليس و الإسقاط) في ضوء المبادئ العامة و التاريخ الإسلامي. كما عرضنا لصورة الإسلام في الغرب بما هو إيديولوجية مهددة (و ليس دينا) و بما هو حسب المصلحة و الخلفية (اليهودية المسيحية)عدوا أو صديقا.

4 – التعريف بالتخصيص (الانتقاء و الطائفية): و فيه عرضنا للعناوين التالية:
- مفهوم الأمر الواقع للإرهاب و ما ناله من تضييق غربي و توسيع عربي: فقد ضيقت الولايات المتحدة الأمريكية (و الكيان الصهيوني) تعريف " الإرهاب" لتؤدلجه و تربطه بالدين، ثم بالإسلام حصرا. و فوضت لحلفائها من المستبدين العرب بعض الهامش للتوسع في تعريف "الإرهاب" و ضربه، و لكن في حيزه الإسلامي دائما، سواء كان "الإرهاب" حقيقيا أو مصطنعا، أو كان معارضة وطنية و إسلامية حقيقية، أو فكرا حرا أو مجتمعا أهليا، يخشى منها على "الاستقرار" و على مصالح الغرب و الصهيونية في المنطقة.

ثم اعتمدنا لغة إحصائية ( و مصادر غربية) لنبرز تهافت التفسيرات الذاتية للتطرف و لنوضح:
- تهافت وسم العرب و المسلمين حصرا "بالإرهاب": الأرقام تكذب الادعاءات
- التطرف و الدين (الإسلام حصرا): البيانات تفند الافتراضات، و أكدنا أن الإرهاب ليس صناعة التطرف الديني حصرا و أن " حصر مولد الإرهاب على الدين أو التطرف الديني أو الفكر الديني هو خطا علمي و تضليل معرفي. و يصبح المنطق العلمي البحت أن الإرهاب هو صناعة التطرف السياسي مهما كان مصدره دينيا أو علمانيا أو لا دينيا.
- جماعات العنف (السنية و الشيعية): عنف واحد و تأويلان مختلفان
- في سمات خطاب جماعات العنف

و لاحظنا أن مقاربة تؤدلج "الإرهاب" و تعربه، و تشخصن "الإرهابيين"، و تخصص جماعات العنف بانتقائية شديدة و تبيض إرهاب الدولة و تجرم مقاومة الاحتلال الأجنبي، لا يمكن أن تكون مقاربة قانونية شفافة و مجردة. إنها مقاربة تعكس توظيف "الإرهاب" لخدمة السياسة و الاستراتيجيا، و لا يشكل "الإرهاب" فيها سوى أداة من الأدوات التي تمكن من تحقيق تلك الأهداف.
و قد بينا أن مثل هكذا مفهوم شكلته نظريا و جسدته ممارسة، و لازالت، بنىة أية سلطة إمبراطورية أو سلطة احتلال أو استبداد. و يمثل في واقع الأمر إرهابا ذهنيا مورس غربيا على الآخر المغاير أو المختلف (العالم العربي و الإسلامي خاصة).
لذلك ليس من مصلحة هذه القوى أن يصار (بضم الياء) إلى صياغة علمية لمفهوم "الإرهاب" و لا أن يكشف عن الزوايا المظلمة في "الحرب على الإرهاب" لان كل ذلك سيفضح تلك الحرب و يعري فرسانها أمام شعوبهم و العالم.

إن مصطلح "الإرهاب"، و رغم تغير السياقات التاريخية و الموضوعية، ظل محافظا على جوهره بوصفه كل عائق حقيقي أو مصطنع يحول بين قوى الهيمنة و الاحتلال و أنظمة الاستبداد و بين تحقيق أهدافها المعلنة أو الخفية.
أما الحرب على "الإرهاب" فهي – مجازا- كل إستراتيجية أو سياسة أو منظومة تستهدف عدوا حقيقيا أو مصطنعا (أو الآخر المختلف سواء كان من الاغيار القريبين أو البعيدين) يصمه القائمون عليها ب"الإرهاب". إنها الإيديولوجية التي تؤطر تلك الحرب و تشرعن إجراءاتها و سياساتها و تخفي أهدافها الحقيقية و تموه استراتيجياتها.

هذه لمحة موجزة عن بعض الأفكار الواردة في هذا الكتاب الذي نقدر اختلافه عن المعالجات الشائعة إعلاميا و سياسيا و حتى أكاديميا، معالجات اختارت أن تكون أسيرة لدعاية السلطة (سلطة الهيمنة أو الاحتلال أو الاستبداد) و رهينة للصورة المضللة (غالبا) التي ترسمها من خلال ثقافة الخوف التي تنشرها و تعولمها.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 161737


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female