بين ''قم يا شكري...'' و''نم يا رفيقي...'' تفرّق دم الشهيد بلعيد

طارق عمراني - لم يكن يوم 6 فيفري 2013 فاجعة للطيف اليساري فقط في تونس بل كان منعرجا خطيرا للثورة التونسية برمتها ودخولا في نفق مظلم من المجهول انطلق بإغتيال سياسي من العيار الثقيل في يوم كان ينتظر فيه ان تتم مناقشة قانون تحصين الثورة
لحظة فارقة ومفصلية في تاريخ تونس لا تقل اهمية عن لحظة 14 جانفي ،زلزال سياسي اربك المسار واعاد ترتيب اوراق المعارضة مقابل بعثرة اوراق الترويكا الحاكمة التي تتعرض لهزات متتالية من ملف البغدادي المحمودي الی احداث رش سليانة وأحداث 9 افريل وصراع مفتوح مع اتحاد الشغل ومناصبة الاعلام العداء لها وتأسيس حركة نداء تونس
مقابل ترنح الترويكا كان اغتيال شكري بلعيد قبلة حياة للمعارضة التي تلقفت الفرصة التاريخية
لحظة فارقة ومفصلية في تاريخ تونس لا تقل اهمية عن لحظة 14 جانفي ،زلزال سياسي اربك المسار واعاد ترتيب اوراق المعارضة مقابل بعثرة اوراق الترويكا الحاكمة التي تتعرض لهزات متتالية من ملف البغدادي المحمودي الی احداث رش سليانة وأحداث 9 افريل وصراع مفتوح مع اتحاد الشغل ومناصبة الاعلام العداء لها وتأسيس حركة نداء تونس
مقابل ترنح الترويكا كان اغتيال شكري بلعيد قبلة حياة للمعارضة التي تلقفت الفرصة التاريخية
نداء تونس اكبر المستفيدين
لم تكن حركة نداء تونس التي تأسست في 16 جوان 2012 بقيادة الباجي قايد السبسي لتفوّت الفرصة التاريخية للإنطلاق الفعلي في المضمار السياسي بعد 7 اشهر فقط من اجتماعها التأسيسي في قصر المؤتمرات بالعاصمة،فالحزب الذي تمكن عبر كاريزما مؤسسه من تجميع اغلب الطيف السياسي المعارض حوله بالتخويف من أسلمة المجتمع وتهديد النمط المجتمعي البورقيبي كان في حاجة إلی حدث تاريخي للتقارب مع الجبهة الشعبية التي كانت عصية علی كل محاولات الإختراق الندائي خاصة مع رفض زعيم الوطد الموحد شكري بلعيد لأي تقارب مع الإسلاميين ورموز النظام القديم وبإغتياله تعززت القطيعة بين الإئتلاف اليساري والإسلاميين لتصل حد العداء بتحميل حركة النهضة المسؤولية الجنائية في مرحلة اولی لاغتيال بلعيد والمسؤولية السياسية في مرحلة ثانية اما بالنسبة للعلاقة مع رموز النظام السابق فقد ذاب عنها الجليد الايديولوجي وتجمعت تحت سقف واحد وتحولت إلی لجنة دائمة للتشاور والتنسيق بين الإتحاد من اجل تونس والجبهة الشعبية في اطار اعتصام الرحيل بساحة باردو في صيف 2013
وبهذه الطريقة كانت حادثة اغتيال شكري بلعيد فرصة لنداء تونس لإقتلاع ورقة الاعتراف والتطبيع السياسي مع العائلة اليسارية تحت شعار "عدو عدوي صديقي" كما ساهمت عبقرية السبسي في استمالة وجوه يسارية ونقابية وحقوقية في اطار حركة نداء تونس إلی تيسير فتح قنوات الحوار مع التيارات اليسارية
الجبهة الشعبية بين "نم يا رفيقي" و "قم يا شكري"
من المؤكد ان الجبهة الشعبية التي كانت الخاسر الاكبر بشريا وقياديا من اغتيال رمز من رموزها التاريخية شكري بلعيد صاحب مبادرة تجميع الروافد اليسارية في اطار ائتلاف حزبي واسع في 7 اكتوبر 2012 فإنها استفادت جماهيريا وانتخابيا وذلك ما ترجمته نتائج الانتخابات التشريعية (15 مقعدا في البرلمان رغم ارتفاع وتيرة الإستقطاب الثنائي والتصويت النافع) والرئاسية (حمّة الهمامي ثالثا ب8% من الاصوات في الدور الأول) فالجبهة الشعبية تمكنت من كسب التعاطف سواء الاعلامي او المنظماتي (الإتحاد التونسي للشغل) والحقوقي والجمعياتي حتی ان بعض مكوناتها انخرطت في سياسة المتاجرة بدماء شكري بلعيد واستثمارها كأصل تجاري في غياب مشروع سياسي وبرنامج واضح حتی ان هذه المتاجرة واحتكار الاصل التجاري وصلت حد التناكف بين مكونات الجبهة ذاتها فالتيار القومي والشعبي يری انه ايضا قد بذل الغالي والنفيس بإغتيال الحاج محمد البراهمي في 25جويلية 2013 الذي كان رصاصة الرحمة في جسد الترويكا التي رضخت وتخلت عن السلطة بعد الحوار الوطني كما طفت علی السطح صراعات بين حزب الوطد من جهة وبين حزب العمال من جهة أخری وهو صراع زعاماتي داخل قمرة القيادة الجبهوية حيث صرح المنجي الرحوي ودون مواربة في لقاء اذاعي في سبتمبر 2016 ان رصيد حمة الهمامي( الناطق الرسمي بإسم الجبهة الشعبية) النضالي قد تآكل من خلال اجترار نفس الخطاب كما اكد الرحوي علی غياب النفس الديمقراطي داخل الجبهة الشعبية ويتقاطع هذا التصريح مع الكلمات الشهيرة لبسمة الخلفاوي في الذكری الثالثة لإغتيال بلعيد في 6 فيفري 2015 في اجتماع شعبي "قم يا شكري ولا تستمع لمن قال لك نم" وهي اشارة واضحة للكلمات التي القاها حمة الهمامي خلال تأبين شكري بلعيد في مقبرة الجلاز "نم يا رفيقي...نم يا صديقي...نم يا حبيبي...فلا اعين الجبناء"
فحزب العمال يری انه صاحب الشرعية النضالية التاريخية وحزب الوطد يری في تموقع الجبهة الشعبية وصعود اسهمها جماهيريا هو نتاج لرمزية الشهيد شكري بلعيد
ومع غياب البرنامج السياسي والخط الواضح لمكونات الجبهة الشعبية ستتواصل المزايدات بتأبيد الأصل التجاري لإغتيال شكري بلعيد واستحضاره في كل استحقاق انتخابي مع صراع داخلي بين الرفاق للتموقع وبيت القصيد كالعادة "دماء شكري"
ورحم الله شكري بلعيد
Photo Archives
Comments
3 de 3 commentaires pour l'article 155515