أميرة في مهب الريح

في مثل هذا اليوم 31 أوت 1997 توفيت في باريس الأميرة ديانا رفقة صديقها عماد الفايد
لم يحدث أبدا أن استحوذت أخبار أميرة أوروبيّة اهتمام العالم كما فعلت الأميرة ديانا، أو "الليدي دي" كما كانت تكنّى. فأن يهتمّ بها البريطانيّيون فهذا عادي، فأخبار العائلة المالكة هي الخبز اليومي للصحافة الصفراء إلى جانب النجوم والمشاهير، لكن الأميرة ديانا جعلت من نفسها نجمة محبوبة في العالم، حتى أصبحت تفاصيل حياتها تتصدّر الصحف العالميّة، بل وحتى نشرات الأخبار بكلّ اللغات، منذ أوّل يوم في زفافها حتى آخر يوم في غلق ملفّ وفاتها. وكانت أميرة القلوب، كما كان يحلو للصحافة تلقيبها، أوّل من تمرّد على النظام المحافظ للعائلة المالكة البريطانيّة.
ولدت ديانا سبنسر في غرّة جويلية 1961 من إحدى العائلات الشريفة والقريبة للعائلة المالكة البريطانيّة. حصلت على لقب "ليدي " بعد أن ورث والدها لقب إيرل سبنسر (والألقاب مهمّة في بريطانيا للتقرّب إلى العائلة المالكة). تعرّفت على وليّ العهد البريطاني الأمير تشارلز في عام 1980. وأعلنت خطوبتهما في فيفري 1981. لكنّ العالم اكتشفها في 29 جويلية 1981 لمّا زفّت إلى الأمير في حفل أسطوري تابعه 750 مليون مشاهد على التلفاز بينما اصطف 600 ألف شخص في الشوارع لمشاهدة ديانا ابنة العشرين ربيعا في طريقها الاحتفال، والتي أصبحت منذ ذلك الحين تحمل لقب أميرة بلاد الغال. قضى الأميران جزءا من شهر العسل في منزل عائلة ماونت باتن في برود لاندرز فى هامبشاير قبل أن يسافرا إلى جبل طارق، ممّا تسبّب في أزمة بين بريطانيا وإسبانيا (ارجع الى مقال 25 أوت) ليلحقا باليخت الملكي البريطاني في رحلة بحرية استغرقت اثني عشر يوما في البحر المتوسط حتى مصر. كما زارا أيضا تونس و جزيرة سردينيا و اليونان. وأنهيا شهر العسل في بالمورال.
أنجبت ابنها الأوّل الأمير ويليام عام 1982، ثمّ الأمير هنري عام 1984. وعلى عكس ما عرف عن العائلة المالكة، فقد كانت تهتمّ بنفسها بتربيتهم، وحاولت أن تجعلهم يعيشون طفولتهم كبقيّة أبناء الشعب البريطاني. انتشرت شهرتها في العالم بسبب غزارة أعمالها الخيريّة، كزيارة المرضى المصابين بأمراض مزمنة حول العالم. وقيادة حملات لحماية الحيوانات والتوعية من مرض الإيدز وأيضا حملات ضد استخدام الأسلحة المحرّمة كالألغام. بالإضافة إلى ذلك كانت ترعى المنظمات و الجمعيات التي تساعد المشردين والشباب والمدمنين والعجائز. وبداية من عام 1989 أصبحت رئيسة مستشفى للأطفال، وترأست العديد من الجمعيّات الخيريّة، حتى صارت تلقّب حول العالم بأميرة القلوب.

لم يبدأ الاهتمام العالمي بتفاصيل حياتها الشخصيّة الّا في سنة 1992 عندما نشر كتاب "ديانا حياتها الشخصيّة" الذي تحدّث عن انهيار زواجها. فقد اكتشفت سنة 1985 أن الأمير تشارلز الذي يكبرها بـ13 على علاقة غراميّة مع صديقته القديمة (وزوجته الحاليّة) كاميليا. والخيانة الزوجيّة عادة عرفت عن أجداده الأمراء والملوك البريطانيّين منذ قديم الزمان. وقد وصفت الأميرة ديانا في أحد لقاءاتها التلفزيونيّة حياتها الزوجيّة بـ"المزدحمة". وقد تناولت الصحافة الصفراء في بريطانيا الموضوع بكلّ نهم، وبدأت في في كشف العديد من الفضائح بين الزوجين. وقد تمرّدت الأميرة على تقاليد العائلة المالكة التي تلتزم الصمت في مثل هذه الأمور، فكانت تخرج للاعلام لاتهام كاميليا بالتسبّب في تدمير حياتها الزوجيّة، رغم أوامر الملكة اليزابيث الثانية بالتزام الصمت. تحوّلت أزمة إلى النقاش في مجلس العموم البريطاني، وقد حاول رئيس الوزراء جون ميجر نفسه التدخّل. لكن تمّ الطلاق في فيفري 1996، وحافظت الليدي دي على لقب أميرة بلاد الغال، كما استطاعت المحافظة على شعبيّتها بعد أن كسب تعاطف الشعب البريطاني.
أصبحت حياة الأميرة بعد الطلاق محلّ اهتمام الصحافة، فلا تكاد عدسات كاميرات الباباراتزي تفارق حركاتها وسكناتها، بعد أن صارت حياتها أكثر مادّة يبحث عنها الجمهور. وفي صائفة 1997، دعى الملياردير المصري صاحب محلّات الهارودز الشهيرة في لندن الأميرة ديانا لقضاء عطلة الصيف في يخته الجديد جنوب فرنسا، فوافقت رغم محاولات الأمن البريطاني منع ذلك. تعرّفت في تلك العطلة على ابنه عماد الفايد، المشهور باسم دودي، والذي أصبح صديقها. كان الباباراتزي يلاحقونها أينما ذهبت ممّا بدأ يسبّب لها احراجا. وفي يوم 30 أوت 1997 حاول دودي وديانا الخروج من نزل "الريتز" في باريس المملوك لعائلة الفايد، لكنّ ازدحام الباباراتزي حال دون ذلك، فاضطرّا للخروج من الباب الخلفي بعد منتصف الليل. اكتشف المصوّرون ذلك فتابعوا السيّارت التي كانت تتجوّل في قلب باريس، فقام السائق بالدخول إلى أحد الأنفاق بسرعة تفوق 100 كم/س رغم أن السرعة القصوى هي 65 كم/س، لكنّه فقد السيطرة على المقود فارتطمت بالعمود الثالث عشر ليلقى كلّ من السائق ودودي حتفهما في الابّان، وتصاب ديانا وحارسها إصابات خطيرة. لم تأت سيّارات الإسعاف الّا بعد أكثر من 45 دق، وتمّ نقل الأميرة إلى المستشفى، لكنّ قلبها توقّف عن العمل على الساعة الرابعة صباحا في مثل هذا اليوم 31 أوت 1997. ليتصدّر خبر وفاة أميرة القلوب عن سنّ 36 سنة جلّ عناوين الأخبار. أقيمت لها مراسم دفن ملكيّة بطلب من طليقها تشارلز في 6 سبتمبر، تابعها الملايين من المشاهدين حول العالم.
قيل الكثير حول أن مقتلها كان مدبّرا، وقد قاد محمّد الفايد هذه الحملة، فقد كانت الأميرة تقول بأن المخابرات البريطانيّة ستقوم بتفجير إحدى الطائرات التي ستركبها. كما أنّ علاقتها بمسلم كانت ستسبّب حرجا كبيرا لبريطانيا، فاضافة لامكانيّة اعتناقها للإسلام (الذي يمكن أن يؤثّر على أبنائها الأمراء)، فانّ انجابها لمسلم يعني أنّ أخ الملك المحتمل لبريطانيا سيكون مسلما. كما أنّ سرّ وجود صدمة من سيّارة بيضاء قبل الحادث بقي لغزا. هذا إضافة للتباطؤ الغريب لسيّارات الإسعاف. وقد أغلق القضاء الفرنسي الملفّ نهائيّا سنة 2008 باعتبار السائق مذنبا لأنّه كان مخمورا، وبعدها قرّر محمّد الفايد أنه سينهي الحملة التي استمرت عشر سنوات من أجل أطفال الأميرة.
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 147139