بعد الفيديو الفضيحة.. هل تحوّلت ''نسمة'' الى عصابة اعلامية؟؟

بقلم: شكري بن عيسى (*)
صدمة عارمة سادت البارحة واليوم شبكات التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، اثر تسريب فيديو لمالك قناة نسمة نبيل القروي ، يتضمن كلاما (ان ثبت) غاية في الفضاعة الى حد الاجرام، من الناحتين الاعلامية والقضائية، ولن نشير الى المبادىء والقيم التي ذبحت من الوريد الى الوريد.
صدمة عارمة سادت البارحة واليوم شبكات التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، اثر تسريب فيديو لمالك قناة نسمة نبيل القروي ، يتضمن كلاما (ان ثبت) غاية في الفضاعة الى حد الاجرام، من الناحتين الاعلامية والقضائية، ولن نشير الى المبادىء والقيم التي ذبحت من الوريد الى الوريد.
لن تصدق الحقيقة ما تسمعه باذنك طوال 4 دقائق و55 جزء من الدقيقة من خطاب بصوت القروي، يتوجه به للفريق الاعلامي لقناته "نسمة" من صحفيين ومعدين ومخرجين ومصورين وتقنيين ومحررين، وكأنك في فيلم هوليودي يتضمن مشهد تخطيط لعصابة من اجل تصفيات لاعداء، فيه اعداد غاية في الحبك مع الاضمار المسبق العميق.

والمستهدف هي منظمة "أنا يقظ" التي نشرت قبل أشهر تقرير حول شبهات فساد للاخوين القروي ، ونشبت بينها وبين "نسمة" معركة اعلامية واخرى قضائية لا تزال تداعياتها متواصلة لحد اللحظة، وتم منع المنظمة المتخصصة في الشفافية من حق الرد حتى بعد صدور احكام قضائية، على خلفية جملة من البلاطوات التي اعدت خصيصا لتشويهها ومهاجمتها، استعملت فيها ابشع الوسائل وأقذرها.
وما كشفه الفيديو المسرّب او بالأحرى التسجيل الصوتي ، هو عملية الاعداد لبلاطو تلفزي لا علاقة له بالصحافة واخلاقها ومبادئها ومواثيقها، يوزّع فيه القروي حسب الكلام المسرب الادوار للاجهاز على "أنا يقظ" بطريقته، بثلبها والتشهير بها وبأعضائها واتهامهم بالخيانة الوطنية والارتزاق للخارج، مسديا تعليماته لصحفيي القناة من المحققين بان يدرجوا في تحقيق هذا الامر عن "انا يقظ"، مركزا على صور واسماء اعضاء منظمة الشفافية التونسية "بالواحد" كما قال "فلان وفلا وفلان"، والصاق تهم خطيرة بهم بانهم "خونة متاع بلادهم" و"عملاء" و"ياخذوا في الفلوس بش يبيعوا بلادهم".
وذلك قبل المرور الى الجزء الثاني الذي يتم فيه استدعاء صحفيين أولهم "جمال العرفاوي"، ومجموعة أخرى عددهم خمسة أو ستة صحفيين سماهم "أصحابنا"، لسؤالهم عن "أي ووتش" واستيقاء اجابة معدة سلفا، بأنهم (اي "انا يقظ") "خونة بيوعة يتشروا احنا نعرفوهم وعنا دوسيات علاهم" والاعداد لـ" bande d'annonce" وتضمينها "حاجات خطيرة جدا بش تتعدى قريبا على نسمة"، أكد القروي "نسبوهم.. نثلبوهم"، والمرور حتى لاصدقائهم وترويع عائلاتهم.
والامر حسب توزيع المهام يتم بارسال صحفي لمنزل صديق او صديقة احد اعضاء "انا يقظ"، وتم تحديد الصحفي "امين" (في اشارة على ما يبدو الى امين مطيراوي الذي قام بشيء مماثل سابقا مع مدير اذاعة موزاييك) وصحفي اخر اشار اليه باليد دون تسمية للمداهمة، والاتصال بعائلة المعنية او المعني وترهيبها بان ابنهم او ابنتهم على علاقة مع شخص (من انا يقظ) "عميل وespion متاع امريكا وياخذ في الفلوس"، ويتم نشر الامر في الحي بالاتصال بأربعة او خمسة منازل لتهشيم المعنيين كما ورد على لسان القروي في التسجيل.
والتركيز على التصوير وتصريحات الصحفيين والكلام الصادم والصور كان غرضه على حد قول المتكلم في التسجيل ارعاب اعضاء "اي ووتش" حتى بصور "bidon"، كما تم التأكيد المهم احداث الاثر البليغ وتحقيق الهدف في التشويه والصاق الخيانة بهم، ومع كلمات لا اخلاقية الاشارة الى ان المنظمة لن تقدر على مالك قناة العائلة، اذ القضاء سيحكم بعد خمس سنوات بـ700 دينار لا غير، المهم الصاق تهم العمالة والفساد والسرقة والابتزاز وتخريب البلاد والارتزاق باعضاء "انا يقظ".
وفي نهاية التسجيل التحول الى تقنية الـ "micro trottoir" لسؤال "المارة" بعد تلقينهم، ليصرحوا على حد قول المتكلم في التسجيل بان "الجمعيات هاذوما كيما هاذاكا 'اي ووتش' * سراقة كذابة عملاء"، مؤكدا "يلزم نخلصوا عباد نحفظوهم درسهم.."، ووضع الامر في ارتباط بالجمعيات الاسلامية للانتقال الى ان اليوم الامر اخطر بالصاق صفة تهديد البلاد بـ "انا يقظ".
طبعا الامر يحتاج لتحقيق قضائي نطلبه على الفور للتثبت وتحديد المسؤوليات، لان الامر ليس مجرد ثلب وشتم وتشويه وانما يتجاوزه ليضرب الامن العام والنظام العام في كليته، فالمسألة توظيف ان ثبت للاعلام السمعي وللصحافة لغايات اجرامية بطريقة خطيرة، وفيها ضرب للاعلام والمجتمع المدني والديمقراطية، كما ان الامر يحتاج لتحقيق من "الهيكا" ونقابة الصحفيين ونقابة الاعلام والثقافة، للوقوف على حقيقة الامر واتخاذ القرارات المستوجبة فوريا.

والدلائل والقرائن الفعلية كانت متعددة ومتظافرة وجدية لتأكيد الامر، بعد بث بلاطوات على "انا يقظ" بتلك الطريقة أداره وساهم فيه كل من حسان بالواعر وجمال العرفاوي ووليد احمد الفرشيشي وخليفة بن سالم، كما تؤكده الطرق المعتمدة من القناة ابان الحملة الانتخابية في 2014، حيث اصبحت مريم بلقاضي تحت التحكم الكامل للقروي في ادارة الحوارات، وفي احد الحوارات مع مسؤول في "الايزي" الصحفية كانت تدافع على الحملة الانتخابية في فضيحة كانت مجلجلة.
الطريقة فعلا مافيوزية، والسؤال اليوم هل تحولت "نسمة" الى عصابة اعلامية؟ الاغلبية تعرف الاجابة بوضوح، ولكن في دولة تحترم القانون والمؤسسات لا بد للمؤسسات الادارية والقضائية والمهنية ان تكون هي الفيصل، ونتمنى ان لا يتم تكفين الامر وتعويمه مثل بقية الفضائح السابقة!!
(*) قانوني وناشط حقوقي
Comments
21 de 21 commentaires pour l'article 141469