رســــالة مفتوحـــــــــة إلى عناية السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/chahedle259816.jpg width=100 align=left border=0>


محمد زروق
جامعي. ناشط في المجتمع المدني
رئيس سابق لمنظمة الدفاع عن المتسهلك.






سيدي رئيس الحكومة، سلاما وبعد،
في بيانكم الحكومي لنيل ثقة مجلس نواب الشعب أفصحتم عن الخطط والتوجهات العريضة لمجابهة عجز الميزانية الحالية لسنة 2016 والمقدر بــ2.9 مليار دينار والعجز المتنامي المرتقب في مشروع ميزانية 2017 بتطبيق حكومتكم سياسة تقشفية عامة إن لم توجد في ظرف بعض أشهر حلول لتجاوز هاته الأزمة المالية العمومية الخانقة. الفترة قصيرة وقصيرة جدا والإخلالات متشعبة وأصبحت هيكلية وحكومتكم شابة وجديدة تنقصها خبرة ممارسة الحكم وهذا طبيعي لإيجاد حلول وطنية سريعة يمكن تطبيقها في وقت قياسي.

حكومتكم وإن توخت هذه السياسة وهو الأرجح حسب المعطيات المتوفرة وضعف هامش تحرككم بفعل ضيق الوقت، فإنكم تكونوا قد اخترتم أسهل الطرق وهو ضرب في الصميم للطبقات الوسطى والضعيفة والمعدمة. أنتم تعلمون جيدا أن سياسة التقشف هي خيار ليبرالي موجع لهاته الطبقات بالذات يُدفعها غالبا الثمن ويعمق أزمتها في العيش الكريم، وأن هذه السياسة تحتوي حزمة من الإجراءات موجهة خصوصا لهاته الشرائح الشعبية ومنها بالخصوص:
• التقليص المتسارع في تدخلات صندوق الدعم للمواد والخدمات الأساسية.
• التقليص من الميزانيات المخصصة للمرافق العمومية الأساسية كالصحة والنقل والتعليم والمياه والكهرباء إضافة إلى التدخلات الاجتماعية (العائلات المعوزة).
• التقليص من ميزانية التنمية وهي التي تدفع بحد أدنى من النمو في المناطق الداخلية المحرومة في غياب الاستثمار الخاص وهي التي تشكو نقصا فادحا في البنية التحتية وفي الضروريات الحياتية الدُنيا: مياه الشرب، طرقات، مستوصفات...
• التقليص من دور الدولة التعديلي في أسواق المواد والخدمات وهو الملاذ الأخير لهذه الطبقات لحمايتهم من تغول المضاربين والمحتكرين.
• الترفيع في مستوى الضغط الجبائي بالرفع في نسب الأداءات عامة.
• التحكم في مستوى كتلة أجور الدولة والقطاع العمومي والعام بتجميد الأجور وتسريح الموظفين والأعوان في إطار تنفيذ خطط اجتماعية.
• إمكانية خوصصة منشآت وطنية في قطاعات حساسة.
إن اتبعت سياسة التقشف من سيدفع ضريبتها ؟
إن الطبقات الوسطى والضعيفة خاصة تعيش في سوق حرة وصلت نسبته 90 % عانت الكثير منذ نشوب الثورة حتى الآن من خلال الخسارة الكبيرة والمتنامية لطاقاتها الشرائية التي قدر معدلها بحوالي 40 % في سوق حرة بدون ضوابط حكمتها الفوضى وبارونات الفساد ونخرتها نسب التضخم العالية والمتتالية عجزت الحكومات المتعاقبة على تطهيرها وضبطها بل بالعكس انتهجت الدولة التمادي في سياسات تحررية في أسواق تغلب عليها الفوضى العارمة كانت انعكاساتها خطيرة ومحبطة على مستوى الأسعار وجودة المواد والخدمات في البلاد. وحتى التشريعات التي سنت وخاصة التنقيح في العمق لقانون المنافسة والأسعار عدد 64 لسنة 1991 في سبتمبر 2015 قد قبر ولم نسمع عن مدى قدرته على أرض الواقع للتصدي للخروقات المفضوحة في مسالك التوزيع ومنظومات الإنتاج والتصدي لتنامي الاقتصاد الموازي والحد من ظاهرة التهريب، وكأني بهذا القانون وقع تنقيحه للترويج له فقط لدى مؤسسات مالية دولية مانحة طالبت به في إطار إصلاحات جوهرية كبرى لمواصلة دعمها المالي لتونس.
إن الطبقات المستهدفة من سياسة التقشف تمثل القوة العاملة النشيطة في البلاد والمقدرة بحوالي 4.3مليون نشيط وهي التي أعطت الطلب الداخلي (الاستهلاك) وهو المحرك الوحيد للتنمية الذي اشتغل بالرغم من ظروف السوق القاسية وضمن مستوى أدنى لنسب النمو مقابل تعطل محركات التنمية الآخرى : الاستثمار والتصدير في سنوات ما بعد الثورة. الطبقة الوسطى جلها من الأجراء في القطاع الخاص والعمومي والعام ومن صغار التجار والحرفيين والمهن الصغرى وأيضا من صغار الفلاحين والبحارة وهم يعانون من نسب الضغط الجبائي العالية (المعدل الوطني %20.6 سنة 2015) كانت السبب الرئيسي في ضرب الإدخار الوطني محرك الاستثمار الذي تدحرج إلى مستوى 12 %وأهدر الطاقة الشرائية .هاته الشريحة تقوم بواجباتها الجبائية عن طريق الأداء على الدخل ويساهمون بالتالي بأكثر من 4.5 مليار دينار سنويا في ميزانية الدولة علاوة على تحملهم أيضا الأعباء الكبيرة للأداءات الغير مباشرة ومنها بالخصوص الأداء على القيمة المضافة والأداء على الاستهلاك الذين يتحملهما المستهلك وحده في آخر المطاف.
إحذروا المزيد من المساس بالطبقتين الوسطى والضعيفة.
سيدي رئيس الحكومة،
إن توجهكم الذي لا نتمناه في اتباع سياسة التقشف ستكون اثارها سلبية على 640.000 شاب وشابة عاطلين عن العمل والمنتمين في أغلبهم لعائلات متوسطة وضعيفة تقوم بتوفير حاجياتها في ظروف صعبة للغاية، وأيضا على قرابة 20 % من التونسيين يعيشون تحت خط الفقر بدون أي أمل في رؤية سياسة ثاقبة وبرامج عملية واعدة تنتشلهم وتخلصهم من العيش في ظروف بدائية مخزية.
زد على ذلك أن سياسة التقشف يكون لها أسوأ الأثار على تعميم و جودة الخدمات العمومية التي تستعملها غالبا هذه الطبقات والتي تشكو من قلة توفرها أو تدني مستوى خدماتها وهي تحتاج في الفترة القادمة النهوض بها أكثر وإصلاحها لتحسين خدماتها وتعميمها بإرادة سياسية شجاعة.

سيدي رئيس الحكومة،
في الختام، وضعية الوطن لا تستحمل المزيد من تعميق الانقسامات الطبقية خاصة وأن الطبقة الوسطى والضعيفة تعرضت إبان الثورة لتدن مهول في قدرتها على مجابهة كلفة الحياة التي لم تعد تطاق وتحولت إلى طبقات مهترئة إلى فقيرة وهو ما سيؤدي عاجلا أو آجلا إلى الاحتقان الاجتماعي في البلاد لا يتمناه أحد.
وطننا في أمس الحاجة لعدالة اجتماعية شاملة يتقاسم فيها أعباءها كل أبنائه ولتوجه إلى حلول وطنية تونسية تدفع البلاد إلى العمل وتعطي الأمل لكل التونسيين. لعل الخلاص إذن في إعلان اعتماد وإرساء مخطط لإنعاش الاقتصاد الوطني (Plan de Relance Economique) للمرحلة القادمة يكون من أبرز محاوره مخطط لتطوير نجاعة وإنتاجية الاقتصاد والمالية العمومية و وضع منوال تنموي جديد عادل في إطار حوار وطني ويقطع مع المنوال الحالي عنوان الفشل، ينأيان عن إتباع سياسة تقشفية عقيمة تكون آثارها سلبية على البلاد عامة وعلى الطبقات الوسطى والهشة خاصة وستضرب حتما الطلب الداخلي والاستثمار وبالتالي قدرة الاقتصاد على خلق الثروات لتحقيق نسب النمو المرجوة تنقذ البلاد.



Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 130252

Mourad Jemni  (Tunisia)  |Mercredi 31 Août 2016 à 09:03           
الي من يدعي في علم السياسه معرفه و إداره الشأن العام خبره كان لزاما عليك اثناء تحليلك تصنيف المشاكل و الصعوبات الإقتصاديه إلي صنفين صنف موضوعي و صنف مفتعل

Maxii Melinoss  (Tunisia)  |Mercredi 31 Août 2016 à 08:49           
اضغط على جماعة بوشماوي وجماعة لطيف وكل اللي نهبوا البنوك ليدفعوا ما عليهم من ضرائب
ثم سرّح السكة لنقل الفوسفاط والعتصامات يجب ان تكون سلمية غير ممنوعة لكن بدون تعطيل
اقتصاد البلاد ثم راجع الاثمان للطاقة المنهوبة من الدول الاستعمارية ان كنت حقا رئيس حكومة وطني
وستنفرج باذن الله اما المساس من الطبقات الضعيفة يجعلها تثور وتقلب كل شيء على روسكم
لان وصلنا لمرحلة وخّر وخر ظهر البهيم وفاء

Sinbad  (Qatar)  |Mercredi 31 Août 2016 à 08:34           
سياسة التقشف لن تؤدي إلا إلى ثورة الجياع التي لن ترحم البلاد والعباد وسيؤدي لخراب العمران كما قال ابن خلدون والأفضل للشاهد وعصابته أن يبحثوا عن حلول أخرى تبعد عنهم غضب الجوعى حتى لا يكون مصيرهم كمصير نوري سعيد في العراق
بعض المعلقين كان الأولى بهم الصمت لأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة والله مع من يعمل ويجتهد حتى ولو كافر ويزيد في رزق العاملين لا الكسالى والمتواكلين لأنه عادل يرزق الأمم حسب عملها أما حساب يوم القيامة فمتروك له ولذلك عوض الحديث على الله والعودة لطريق الله ومنطق القدرية التافه بادروا بالعمل فهو ما ينتج الثروة والعمل يباركه الله
أما من تحدث في الحياة الشخصية للكاتب فاعلم أن ما قاله صحيح وواقعي وكان الاجدر بك البحث عن حل لا السب والشتم

TheMirror  (Tunisia)  |Mercredi 31 Août 2016 à 08:21           
كفاك تلحيسا و تقفيفا و تبنديرا يا عناية الرئيس السابق لمنظمة الدفاع عن المستهلك، فالسفهاء مثلك لا يتكلمون إلا كذبا، أنت نكرة و لم تفعل شيئا للمواطن عندما كنت في سَيِّئَةِ الذكر منظمة الدفاع عن المستهلك بل كنت تقتني الباطاطا بدون ثمن و يدفع ثمن مشترياتك المواطن البسيط من خلال الأسعار الملتهبة التي تَسَتَّرْتَ عليها
إني لا أعرفك شخصيا و لكن من واجبي فضح الأنذال مثلك كي أشفي غليل خالتي مباركة

TheMirror  (Tunisia)  |Mercredi 31 Août 2016 à 08:18           
كفاك تلحيسا و تقفيفا و تبنديرا يا عناية الرئيس السبق لمنظمة الدفاع عن المستهلك، فالسفهاء مثلك لا يتكلمون إلا كذبا، أنت نكرة و لم تفعل شيئا للمواطن عندما كنت في سَيِّئَةِ الذكر منظمة الدفاع عن المستهلك بل كنت تقتني الباطاطا بدون ثمن و يدفع ثمن مشترياتك المواطن البسيط عن من خلال الأسعار الملتهبة التي تَسَتَّرْتَ عليها
إني لا أعرفك شخصيا و لكن من واجبي فضح الأنذال مثلك كي أشفي غليل خالتي مباركة

Jawhar_Berlin  (Saudi Arabia)  |Mercredi 31 Août 2016 à 03:49 | Par           
لا تقشف ولا وثيقة قرطاج ولا إتحاد شغل ولا مبادرات ولا هم يحزنون. الحل للخروج بتونس من أزمتها العميقة هو في الآية الكريمة: ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) إذن: إيمان + تقوى = بركات من السماء والأرض وفرج ورزق واسع وصلاح الحال. أما إذا واصلنا في تحدي الله بالمعاصي والذنوب والمجاهرة بالفواحش فلا تنتظروا فرجا بل أخشى أن تنطبق علينا الآية الأخرى: ( فأخذناهم بذنوبهم) والله يصلح حال بلدي الغالي وجميع بلدان المسلمين

Tarek Zied  (Tunisia)  |Mardi 30 Août 2016 à 22:54           
منين جبتها عناية السيد تقريب هلكلمة من عهدالبايات وانشاالله يعاني روحو


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female