الصراع في العاصمة و الصراع في القصرين

بقلم الأستاذ بولبابه سالم
فجأة صعدت من جديد مسألة المساواة في الارث بعد المؤتمر الأخير لجمعية النساء الديمقراطيات حيث أعلنت رئيسة الجمعية الجديدة انها مصممة على مطلب تكريس المساواة في الارث في اطار الغاء كل اشكال التمييز بين الجنسين .
فجأة صعدت من جديد مسألة المساواة في الارث بعد المؤتمر الأخير لجمعية النساء الديمقراطيات حيث أعلنت رئيسة الجمعية الجديدة انها مصممة على مطلب تكريس المساواة في الارث في اطار الغاء كل اشكال التمييز بين الجنسين .
طبعا يحتاج هذا الامر الى مراجعة كل المنظومة القانونية الخاصة بالميراث ، و من المعلوم أن فقه الميراث في القانون التونسي مستمد كليا من القرآن الكريم و الشريعة الاسلامية .

يخطئ من يعتقد أني سأناقش الطلب فهي حرة في مواقفها لكني سأناقش الظرف الذي قدمته فيه رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات هذا الطلب ، لا أظن انها غافلة عما تعيشه تونس من غليان اجتماعي كبير انطلق من القصرين و امتد الى كل الولايات بسبب الفقر و التهميش و غياب التنمية حيث بلغ التوتر مداه اثر وفاة احد شباب الجهة و اسفرت هذه التحركات عن استشهاد عون امن في فريانة و اصابة العشرات . شارك في الحركة الاحتجاجية آلاف المعطلين عن العمل الذين أصروا على اقتحام مقرات الولايات و المعتمديات لتنفيذ اعتصامات سلمية من أجل نيل حقوقهم في الشغل و الكرامة بعد ان تخلت عنهم الاحزاب السياسية و النخب المثقفة التي انحرفت نحو مشاكل جانبية ايديولوجية و هجرت مشاغل المواطنين بعد نهاية الانتخابات ،، لقد اصبحت مواضيع المثلية الجنسية و قانون الزطلة و غيرهما محور حديث وسائل الاعلام و غابت جوهر اهداف الثورة في التشغيل و التنمية التي حررت الأيادي و أطلقت الألسن ،، هذه الاوضاع المتفجرة دفعت بالحكومة الى اقرار حظر التجول بعد ان تحولت بعض الاحتجاجات الى عنف و فوضى و نهب للممتلكات العامة و الخاصة .
في هذا الوضع ، انتظرنا من السيدة رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات أن تثير قضية المرأة الريفية و ما تعانيه من تهميش و معاناة و عدم توازن جهوي فقد تابع الجميع مئات النساء من حاملي الشهادات العليا يتظاهرن في سيدي بوزيد و القصرين و قفصة و جندوبة للمطالبة بحقوققهن الاجتماعية باعتبارهم مواطنين ، و احداهن متحصلة على الاستاذية في الرياضيات و تعمل راعية اغنام . لم يطلب نساء هذه الجهات المفقرات المساواة في الارث لأنهن فاقدات للثروة أصلا ، فماذا سيرثن ؟
هناك فرق كبير بين مشاغل فئة قليلة غريبة عن ثقافة المجتمع و منقطعة عن الواقع و بين مشاغل غالبية المجتمع . لا ادري لمن وجهت رئيسة النساء الديمقراطيات طلبها ؟ هل هي رسالة للداخل ام للخارج ؟
كاتب و محلل سياسي
Comments
4 de 4 commentaires pour l'article 119690