استمـــرار الاستهتـــار

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/arp2015x2.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

لم يكن غريبا ان يحدث ما حدث خلال جلسة التصويت لحسم الخلاف المتعلق بترؤس لجنة المالية عشية يوم الجمعة من خروقات للقانون وتلاعب جليّ بالنظام الداخلي لمن ائتمنهم الشعب على مصيره واقسموا على كتاب الله بخدمة الوطن باخلاص والالتزام باحكام الدستور والقانون.





هذا المجلس منذ جلسته الاولى قام بخرق الدستور في فصله 59 بـ تمطيط الجلسة الافتتاحية التي امتدت لايام وتجاوز الاقصى المحدد بـ10 ديسمبر في الفصل 66 وذلك بالمصادقة على مشروع قانون المالية صبيحة يوم 11 ديسمبر، وفي الدستور الخرق خرق ولو تعلق بساعة.

خلال الجلسة المخصصة لحسم الخلاف حول ترؤس لجنة المالية انزلقت الامور الى وضع خطير في استهتار بكل الضوابط والقيم، والمسألة من الخطورة بمكان لان اتهامات صادرة من نواب سجلناها على شاشات التلفزيون من امين عام السي بي آر ورئيس الكتلة الاجتماعية الديمقراطية بوجود تزوير خلال عملية التصويت الذي اعلن خلاله رئيس المجلس باسناد رئاسة اللجنة المالية للجبهة الشعبية.

خطورة المسألة تنبع من عدة اعتبارات، فالنواب هم من يسن القوانين وهم حماة القانون والدستور واقسموا بالتخلي عن الاعتبارات الحزبية والجهوية والشخصية لخدمة الوطن، فما بالك ان يصل التلاعب بالتصويت ودوس القواعد.

رئيس المجلس اخل بكل الضوابط، ومن تابع التصويت وقف بجلاء عن حقيقة الامر، ولن ندخل هنا بالتفصيل في الخلل الاصلي باحالة القضية الخلافية المتعلقة بتأويل النظام الداخلي على الجلسة العامة بعد ان فصلها مكتب المجلس في مرحلة اولى وما يعنيه من تدخل الاغلبية الحاكمة في اختيار من سيترأس لجنة المالية وبالتالي سيتزعم المعارضة.

وهي قضية كان من المفروض حلها داخل الكتلة الواسعة للمعارضة عبر تفعيل آليات الحوار والتفاهم والوساطة دون استغلال ولا ابتزاز ولا اعتبارات سياسية من نواب الاحزاب الحاكمة التي استغلت بمختلف تلويناتها الخلاف لتصفية خصوم سياسيين و اختيار من سيفوز بصفة المعارضة وما يترتب عنه من تسويات يترتب عنها تنازلات في المقابل قد تمس باستقلالية هذه المعارضة التي باتت مختارة سواء في هذا الاتجاه او ذاك.

في الجلسة العامة التي ترأسها رئيس نداء تونس محمد الناصر كانت الفضيحة صارخة باتم معنى الكلمة والامر مسجل بالصورة والصوت، وفي غرفة متابعة المسائل التقنية المتعلقة بالتصويت الالكتروني تم كشف وجود تصويت مكرر للنائب عن آفاق تونس انور لعذار الذي صوّت الكترونيا وباليد وبه تم استكمال عدد 109 لفائدة الاختيار الذي يسند رئاسة لجنة المالية للجبهة الشعبية.

خلال التصويت الذي احتج عليه نواب العديد من الاحزاب وانسحبت فيه نواب السي بي ار والتيار الديمقراطي والذي اصر عليه رئيس المجلس، تم التثبت من النصاب باحتساب عدد الحضور وأكّد رئيس المجلس بان التصويت سيكون الكترونيا فقط، ولن يقبل التصويت باليد اذ اعلم النواب بان ادارة المجلس ستمنح النواب الذين لا يمتلكون بطاقات الكترونية من بطاقات للقيام بالتصويت الالكتروني من الجميع، والشاشة كانت واضحة فقد اعلنت عن الموافقة على التاويل المناسب للجبهة باغلبية 106 وهو دون الاغلبية المطلقة المقدرة بـ 109.

رئيس المجلس بدأ يلتفت يمينا ويسارا واشار عليه المشيرون بان هناك تصويت باليد لنائبين لمياء الغربي ورابحة بن ميم، وهو ما لم يحقق بعد الاغلبية المستوجبة، فطلب باعادة التصويت في توجه مزاجي اثبت انه لم يكن محايدا ولم يلتزم بالنظام الداخلي قبل ان يرفع نائب ثالث يده انور لعذار فيصل حسابه بذلك الى 109، ويعلن بذلك عن مآل رئاسة لجنة المالية للجبهة الشعبية، وهو ما اثبت خلله فيما بعد فيما شاهدناه في نشرة اخبار الوطنية على لسان العون المعني في ادارة المجلس بمتابعة التصويت الذي اكد ان هذا النائب صوت مرتين.

الامر فعلا خطير ويفقد المجلس المصداقية وخاصة رئيسه الذي راكم التجاوزات مصرا على تحقيق النتيجة التي يرتجيها دون التزام بالضوابط والاخلاقيات، ولم يخطر بباله ان الرقابة ستظبط الخروقات ويقع بالتالي الغاء النتائج المعلنة.

واذا اصبح امر مجلسنا الموقّر على هذه الحال بنوابه الممثلين للشعب، فلمن ستكون الشكوى ومن سيحمي المواطن المقهور من غلاء المعيشة وانتشار البطالة وتفاقم المحسوبية والفساد وارتفاع الفقر والنواب غارقون في الحسابات السياسية والاعتبارات المصلحية ولا شيء يربطهم بالمصالح الوطنية غير القسم الذي ادوه اول يوم على لسانهم لا غير!؟

ومن سيحمي المواطن وعند انطلاق تدخل النواب حول الجهات في الشق الثاني للجلسة انسحب الجميع ولم يبق الا المتدخلون الذين لم يتجاوز عددهم الثلاثين، انسحب منهم البعض وعلى رأسهم امين عام حركة النهضة الذي سجل في قائمة المتدخلين وانسحب عند انطفاء الاضواء في بقية الجلسة التي ترأستها النائبة الثانية لرئيس المجلس.

رئيسة الجلسة لم تحترم حتى زملاءها الذين مكثوا للدفاع عن جهاتهم، منزعجين من زملائهم الذي لم تعنيهم مشاغل الجهات، وبعد عدد من التدخلات اعلنت انها مضطرة لرفع الجلسة للالتحاق بجلسة تخص مكتب المجلس المنعقدة في ذلك التوقيت، وفعلا الاستهتار بان جليا من ناحية هضم حق النواب وهضم حق الجهات وخرق القانون والاساءة للجلسة العامة ولمجلس النواب الذي يفتقد يوما بعد يوم المصداقية، ولولا احتجاج الحاضرين لتم قطع الجلسة.

وفعلا الامر مثير للاحباط امام الاستهتار الذي استمر وتزايد وعلت عناوينه في الوقت الذي تتراكم فيه الاستحقاقات المهملة على هذا المجلس الذي ائتمنه الشعب على حقوقه ومصالحه المشروعة!!

(*) قانوني وناشط حقوقي




Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 100838

PATRIOTE1976  (Tunisia)  |Samedi 28 Février 2015 à 17:16           
غريب جدا ان لا يقع تشريك دساترة النداء في حكومة الصيد و
كدلك حزب المبادرة
مقابل الزج بالشق اليساري للنداء في الحكومة

من ناحية اخرى لا نلاحض اي دعم من الاحزاب المشكلة للحكومة
لحكومتها اد لا يملك السيد الصيد اي برنامج اقتصادي او سياسي او اجتماعي ما جعله يمنح مهلة لوزرائه لتحديد
اولويات كل وزارة
كما ان السيد الصيد بصدد فعل كل شىء من اجل فشل الحكومة من زيارات فلكلورية سئمنا منها من العهد السابق و غياب واضح للقرارات الضرورية و عدم استباق للاحداث

و استحضر تصريح اللومي بان حكومة الصيد وقتية

فاخاف من مخطط يهدف لعودة الدساترة بعد ان حرقت تقريبا جميع التيارات السياسية اثر ممارستها للحكم
عودة تقترن بالتضييق على الحريات و قمع العمال و النقابات و ممارسة الاستبداد بدعوى مقاومة الارهاب و ان تونس لا يمكن ان تحكم الا بالقمع
والحديد و النار

و ارجوا ان اكون مخطئا

LATTOUF  (Tunisia)  |Samedi 28 Février 2015 à 17:05           
المجلس التاسيسى و اضراب الاساتذة


كان الاجدر بهذا المجلس ان يتدخل لانه يتكلم باسم الشعب ليقول لنقابة التعليم الثانوى و للاساتذة كفى استهتارا. لستم لوحدكم فى البلاد كلنا نشترى مما تشترون و نتقاضا اقل مما تتقاضون و نعمل اكثر مما تعملون و من لم يحضر للقيام بالامتحانات يوم الاثنين فسيحاكم لان برمجة الاضراب يوم الامتحانات ليست للتفاوض بل للى الذراع و استعمال التلاميذ و الاولياء 5 مليون تونسى .... كدروع بشرية و ان الاسرائيليين اللذين يدرسون لابناء الفلسطينيين فى الاراضى المحتلة لن و
لم يفعلوا ما فعلتم يا اشباه الاساتذة

MURAQIB  (United States)  |Samedi 28 Février 2015 à 16:51           
مشاركة النهضة في الحكومة وبصفة متواضعة جدا وترك مركز المعارضة شاغرا يمثل خطأ فادحا وقصر نضر وما هذه الصراعات على تزعم المعارضة إلا واحدة من تداعيات هذا القرار الغير الموفق.

Fenac  (Tunisia)  |Samedi 28 Février 2015 à 16:26           
الشئ من ماتاه لا يستغرب التاريخ العربي الاسلامي شاهد على ذلك تاريخ صراعات سياسية وعقائدية انتهى بنا الى عصر الانحطاط الثقافي والحضاري تاريخ في جله بني على الانفعال السلوكي الاعقلاني استنزف فيه العقل العربي في انتاج واعادة انتاج الفقهحتى وصلنا الى التقليد واعادةمقولات السلف الصالح وحتى عقلانية ارسطو لم يكن الجوء اليها سوى مطية لتغذية الصراعات ماذا تنتظرون من عقل مستقيل يقف عاجزا في صنع نهضته لاشئ

Hemida  (Tunisia)  |Samedi 28 Février 2015 à 12:08           
ما هي الديمقراطية في نظر نوابنا المحترمين ؟؟؟
هل موضوع انتخاب رءيس لجنة بالبرلمان تتطلب كل هذا الوقت ؟؟؟
هل ان انتخاب رءيس لجنة اهم من النظر في قوانين متأكدة ؟؟؟
العيب ليس في النواب و لكن في من انتخب اغلبهم الذين و ان لم يمر على انتخابهم الا بضع اشهر فهم ليسوا في المستوى المطلوب.
لقد سقط النداء في نظري باعتبار انه يريد فرض مرشح الجبهة الشعبية مهما كانت التكاليف و اكبر دليل على ذلك هو محاولة رءيس المجلس و رءيس النداء بالنيابة المصادقة على نتيجة اقتراع مزورة.
لقد اراد النداء ان يكفر قليلا عن ذنبه باعتبار انه خذل الجبهة بعد الوعود البراقة التي قدمت اليه.
و لكن ما يصح الا الصحيح... و ما كان لله دام و اتصل و ما كان لغير الله انقطع و انفصل.

3AIBROUD  (Tunisia)  |Samedi 28 Février 2015 à 11:04           
بدا البحث عن النتيجة المرجوة عند النداء و لا غرابة في ذلك ازاء حليف الماضي. انتخبنا و ائتمنا و ندمنا و لا ينفع الندم.
لا حديث عن
اثقال كاهل الشعب بالقروض
ملفات الفساد
التهرب الجبائي
محاسبة المجرمين.
لماذا ثار الشعب ؟ هل ثار لسن قوانين و انتخاب من يتجاوزها ؟

Elmejri  (Switzerland)  |Samedi 28 Février 2015 à 10:22           
المنــــــــاصـــــــفــــــــــة بين المرأة والرجل في البرلمان التــــــــونسي....
حلم لم يتحقق
أصبحت أفق المناصفة حلما عصيا على الإمساك يتطلب نضالا طويلا قد يمتد إلى أجيال أخرى، بل أصبح رهانا لمشروع مجتمعي لا يمكن له أن يتوجه بثقة نحو المستقبل دون مساواة كاملة بين النساء والرجال.
المساواة والمناصفة ليست مجرد شعارات بل هي قيم ومبادئ يتم تعلمها بشكل يومي، هي معركة ثقافية وسوسيولوجية وبيداغوجية ممتدة في الزمن، تتطلب الكثير من النفس والأهم من هذا الإيمان الكامل بها والانخراط الكامل من أجل تحقيقها.....وهذا ما نستحقه في البرلمان الحالي

PATRIOTE1976  (Tunisia)  |Samedi 28 Février 2015 à 10:10           
مجلس نواب معطل
حكومة بلا برنامج سوى الزيارات الفلكلورية
شباب تائه و يائس
خطر ارهابي متربص

تونس يلزمها حكومة وطنية قوية تفتح ملفات الفساد في كل القطاعات و خاصة الثروات الطبيعية المنهوبة و تقاوم التهرب الجبائي و عصابات التهريب الكبرى و توفر الحد الادنى من المعيشة لكل مواطنيها دون استثناء

حان وقت استرجاع السيادة الوطنية و يكفي من الخضوع للمستعمر و عملائه المحليون

خلاف دلك اخاف من ثورة الجياع التي بدات تطل براسها

Mokhtar1958  (Tunisia)  |Samedi 28 Février 2015 à 09:27           
من اعطاه الشعب الامانة على ان ينوبه في المجلس و خان هذه الامانة يجب طرده طرد الكلاب من المجلس و ان يحاكم و يحاسب على هذه الخيانة

MOUSALIM  (Tunisia)  |Vendredi 27 Février 2015 à 23:34           
المنجي الرحوي والجبهة لا يستحقان تزعم المعارضة بعد انكشاف تدخل السبسي في قرار التصويت لهما مما يشكل فضيحة داخل المجلس فالجبهة ستكون غير مستقلة في قرارها وستكون تابعة لحزب الأغلبية ولن تحدث أي مشاكل تنكد على السبسي وقرارات حزبه داخل المجلس .الجبهة كل يوم تزداد انتكاسة


babnet
*.*.*
All Radio in One