''قصر غيلان'' عنوان بارز لسياحة صحراوية تونسية في حاجة ماسة إلى تدخلات طال انتظارها

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5de810b0e03058.39520924_onjiehmlpqkgf.jpg width=100 align=left border=0>
@Ksar-Ghilane/Facebook


وات - " الوحدة قاتلة و اقضي اياما بل قل اسابيع متتالية لا تحيطني الا الكثبان الرملية والتي غالبا ما تذروها الرياح فتهجرني في وحدتي.
ها هنا اقيم في "عشتي" على بعد 70 كلم وسط صحراء دوز في الطريق المؤدية الى قصر غيلان من ولاية قبلي ". كلمات قالها ايمن التواتي صاحب مشربة لا تكاد تظهر من بين الرمال بعد ان اكتست جريد النخل اليابس.
ارتسمت على وجهه نظرات شوق واشتياق تغطيها ابتسامة بشوشة تختزل كرم اهل الجنوب التونسي.







جلس ايمن لا يؤنس وحدته الا ابريق شاي ازرق مال الى السواد في ركن خلفي من مقهاه الصغير المجهز ببعض الكراسي وبمنصة عرض عليها شيئا من المشروبات ومذياع يهمس انغاما تخالها موسيقى. "مقهاي هو مورد رزقي اتحدى به الطبيعة و مصاعب الحياة بعد ان عجزت عن الحصول على مورد رزق". ينظر حوله و يقول " سياحتنا موسمية وتمتد على اسابيع قليلة وها انا اتأقلم مع طبيعتنا الوعرة ومع "الظروف". حرصت على ان اوفر المشروبات الباردة و ان اوفر الانترنات لحرفائي فزودت مقهاي ومسكني بالطاقة الشمسية عسى الفضاء يكون استراحة و محطة قارة يطيب فيها المقام فاهلا بكم بيننا ضيوفا مبجلين".



تعاود الرحلة طريقها بين كثبان الرمال المترامية التي رسمت لوحات اختلفت احجام هضابها فتنافست ترنو الى العلو ، رمال صفراء لماعة تحتضن اشعة الشمس الحارة، حبات رمل رقيقة تراكمت بحنان الملمس لا تهزها الا عجلات سيارات رباعية الدفع اهتزت وتمايلت تطوي الكيلومترات في طريق رحلة "قصر غيلان".

رحلة كانت مناسبة لمعايشة عينة من مهنيي السياحة الصحراوية الذين يكابدون من اجل المحافظة على موارد رزقهم وعلى مشاريعهم الصغيرة ما يميزهم حب الصحراء رغم قساوتها وغيرة على تراثهم ولباسهم وعلى "الشاش" كعنوان لصمود ابناء الجنوب وشموخهم.
فجاة تتوقف الرحلة بعد أن علقت احدى السيارات رغم أنها رباعية الدفع وسط الكثبان الرملية .



ينزل الركاب ويبقي السائق فتحي بن عثمان يدير مقوده يمنة ويسرة ويضغط على البنزين لاخراج عربته مستنجدا بخبرة عقدين من الزمن في مغالبة الصحراء.
هي حادثة عرضية قال "انها لا تبعث على الخوف فهي مسألة عادية" وما هي الا بضع دقائق الا استعادت العربة مكانها وقدرتها على السير لتواصل رحلتها.

ويضيف فتحي " لقد طالبنا وزارة السياحة بان تولي قطاع السياحة الصحراوية عناية خاصة فهو مورد رزق هام لعديد العائلات وهو في حاجة الى اجراءات عاجلة للمحافظة عليه بتحسين البنية الاساسية وخاصة بتوفير شبكة للاتصالات لتسهيل التدخل في الحالات العاجلة".

تحط الرحلة بعد ساعات رحالها بالقرية السياحية "قصر غيلان" حيث جلس محمد بن منصور امام متجره. تتجاذب اطراف الحديث معه فيحدثك عن غياب التنوير وكلفته الباهضة بسبب اللجوء الى المولدات التي تستعمل البنزين ويعاود تاكيد الحاجة الى توفير تجهيزات التواصل التي قال انها العائق الابرز في تنشيط مسار الرحلات الى قصر غيلان. ويتابع محمد " منطقتنا ثرية وقادرة على ان تكون مكانا للنزهة وللراحة لا ان تقتصر على ان تكون منطقة عبور قبل الولوج الى الصحراء.

نحن في حاجة الى تسهيلات في الحصول على القروض لتطوير مشاريعنا ولنوفر احدث التجهيزات وخاصة الى التدخل لتهيئة محيط القرية والمناطق المحاورة ومن بينها "عين الشفاء" التي يقصدها الزوار للتداوي بمياهها الدافئة.

تنتشر المخيمات بقصر غيلان، فالخيمات بها مجهزة وفيها ظروف الاقامة المريحة وحتى اجهزة التبريد. خيام بيضاء جميلة مرتبة تنتصب غير متباعدة وسط واحة من النخيل تظللها وتعطف عليها بشيء من البرودة والنسيم العليل.

كريم شمام احد المستثمرين بالمنطقة اكد انه اقتحم غمار السياحة الصحراوية اقتناعا بجدواها وبقدرة قصر غيلان على استقطاب السياح التونسيين والاجانب. ولاحظ ان نجاح الاستثمار يبقى في حاجة الى حل اشكاليات الربط بالتيار الكهربائي ونقص اليد العاملة، بالاضافة الى مشكل الطريق واشكاليات الوادي القريب من المنطقة اذا ما تهاطلت الامطار.

اصحاب المحلات التجارية وعدد من شركات الجولات على الدراجات النارية الرباعية "الكواد" جلسوا لامبالين وكان شيئا من الياس دب الى قلوبهم.
تسالهم فيتكلمون بصوت واحد " لقد اثبتت السياحة الصحرواية انها علامة سياحية مميزة ولا بد من الاعتناء بها وتطويرها وتوفير تسهيلات لمزيد تنشيطها ".

غير بعيد عن قرية "قصر غيلان" ما يزال معلمها الاثري الروماني الذي استمدت منه اسمها منتصبا شاهدا على قساوة الطبيعة يتنظر صيانة وتهيئة بعد ان خانته الوحدة وتلاعبت به الرياح وتراقصت من حوله الرمال لتعزف بين جدرانه النخرة الحانا حزينة عسى الانسان يمد له يد المساعدة ويبعث فيه الروح من جديد.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 193815


babnet
*.*.*
All Radio in One