بن علي إعترف بأنهم غلطوه وتوعدهم بالمحاسبة... فمتى يُقر التجمعيون بأخطائهم؟

كريم السليتي (*)
إعترف الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في خطابه الأخير الشهير قبل عشر سنوات بوجود فساد في نظامه وكما إعترف بأن المسؤولين التجمعيين غلطوه وأنهم سيحاسبون. لكن الغريب في الأمر أن يأتي اليوم بعض ضعاف الذاكرة والعقل والمغفلين ليتحسروا على تلك الأيام.
إعترف الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في خطابه الأخير الشهير قبل عشر سنوات بوجود فساد في نظامه وكما إعترف بأن المسؤولين التجمعيين غلطوه وأنهم سيحاسبون. لكن الغريب في الأمر أن يأتي اليوم بعض ضعاف الذاكرة والعقل والمغفلين ليتحسروا على تلك الأيام.
نريد أن نُذكر هؤلاء أن الشعب ثار على بن علي وعلى الدساترة التجمعيين بسبب الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية وانتشار الفساد والطبقية والفقر والبطالة والتهميش والظلم والقمع الأمني وانعدام العدل والحرية تماما.
قد يكون من المعقول أن تتذكر شبابك فتتحسر على صغر سنك وعلى قوتك وعنفوانك وصحتك، لكن لا تتحسر أبدا على حياة في ظل نظام قمعي ساد فيه الظلم والتشدد الأمني والجبائي والبيروقراطي.
صحيح بعد الثورة كثرت الفوضى والارتجال في القرارات وهذا طبيعي لأن الشعب كان يعيش في كبت رهيب، فلا تتوقع أنه لما تتاح له الحرية فجأة سيستغلها بنظام وحكمة ولذلك من الطبيعي أن تحدث هناك بعض الهزات، لكن في كل الأحوال لا يجب أن يحجب ذلك عنا قيمة الحرية.
ولا يجب علينا أن ننسى أنه في عهد بن علي كانت هناك مصائب وكوارث وسرقات وإختلاسات وسوء تصرف وفساد رهيب ليس أقلها تهريب مليارات الدولارات للخارج، لكن أغلب التونسيين لا يسمعون بذلك لإنعدام حرية التعبير والصحافة ولعدم وجود وسائل التواصل الاجتماعي كما هي عليه اليوم. كما أن نظام بن علي كان شديد الحرص على التغطية على تلك القضايا والأحداث والكوارث أو التهوين من خطورتها إذا بلغت إلى العامة.
أما اليوم فتونس شفافة تماما فأي حدث حتى ولو كان بسيطا يتم تناقله بشكل لافت على مواقع التواصل ، ولا يجب أن ننسى أن من يحنون لعهد الاستبداد والفساد يحاولون التهويل من أحداث ما بعد الثورة لتخويف الناس من الحرية والتسويق للعودة لمربع حكم الشخص الواحد والحزب الواحد والاعلام الواحد والرأي الواحد والفساد الواحد.
يكفينا فخرا بعد الثورة استقلال القضاء ، وفتح أبواب الإدارة والمناصب العليا لجميع فئات الشعب بعد أن كانت حكرا على التجمعيين وعلى أبناء جهات جغرافية بعينها.
هذا الكلام يبقى موجها لمن يقدر معنى الحرية ويحترم الحق في الاختلاف أما العبيد الذين كل همهم الأكل والشرب والتكاثر فهذا الحديث غير موجه لهم وهنيئا لهم أحاسيس الحسرة والألم على فقدان نظام الاستبداد والقمع والتعذيب.
* كاتب وباحث تونسي
Comments
6 de 6 commentaires pour l'article 218652