رجب طيب ينقذ شرطيا نمساويا أثناء عملية فينا الإرهابية

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5fa1503fc76ab3.67007117_ehikgmonqpljf.jpg width=100 align=left border=0>


أيمن عبيد (*)

قبل بضعة اسابيع فقط، صرّح نيكول باشينيان رئيس الوزراء الأرميني، خلال لقاء مع صحيفة "لا روبوبليكا" الإيطالية:





“أرمينيا وقره باغ، هما آخر العقبات أمام طريق التوسع التركي، وإذا لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل، سيرى الأتراك قريباً على أبواب فيينا، كما كان الحال في القرن السابع عشر”.

لا اعلم ان كان ذلك ضرب من ضروب الصدف، التي لا يخلو منها عالم السياسة، حتى وان كانت السياسة فن صناعة الصدف.

ولكنني اكاد اجزم ان ذلك التصريح الفولكلوري، ذيل آخر من ذيول الفشل والخيبة، التي لازالت تلاحق القيادة الأرمينية، من ساحات المعارك الميدانية، وصولا للحروب الاعلامية. بل يبدو ان لفخامة رئيس وزراء أرمينيا، من الحظ المنكوب ما يفوق قامته الصغيرةَ ضخامةً، فقد امتد شؤمه متمرّدا على حدود الجغرافيا، ليغطّي المساحات الشاسعة بين جبال كرداغ والعاصمة النمساوية فينا، ويلونها بلون واحد، تحت عنوان:

"ان خيبات السيد بشنيان في فضاءات البروباغندا وصناعة الرأي، لا تقلّ أبدا عن فشله في مساحات صنع القرار، وارض الواقع."

فلا بدّ انه قد تمنى فعلا تورّط تركيا او توريطها في حادثة فينا الإرهابية، ولو اردنا الجنوح لنظريات المؤامرة، لقلنا ان السياقات الراهنة ترجّح حضورا رئيسيا، لورشات مجموعة "منسك" الاستخباراتية في انتاج مثل هكذا عملية. الا ان الاكيد والثابت، ان ابواق التشكيلات الدولية والاقليمية المعادية لتركيا، كانت ستلتقط هذه الحادثة الإرهابية لتصنع منها وقودا يسكب، على موجة العداء للاسلام والمسلمين فيزيده تأجيجا، ولصناعة صورة حسيّة مستجلبة من غياهب التاريخ، مفادها ان اصحاب النجمة والهلال قد عادوا من جديد يقرعون ابوابنا بسيوفهم ايها المسيحيون، لعل ذلك ينفخ في رفات حس جيوستراتيجي اوروبي مفقود، فيُحيِي وحدتهم مثلما حدث ذات سبتمبر 1683.

الا ان الدنيا ليست بالأماني ولا بالتباكي، فقد كان تركيا في الموعد، وكانت فعلا حاضرة في مسرح الجريمة، ولكن في دور آخر تماما قلب الصورة رأسا على عقب.

فقد صادفت الحادثة الإرهابية، تواجد رجب طيب غولتاكين مع صديقه المعروف في الحلابات المحترفة للفنون القتالية بإسم "أيرون مايك"، في مقهى قريب من وسط المدينة، حتى يتوجه الشابان التركيان دون ادنى تردد الى موضع اطلاق النيران، ويتمكنا بخفة وإتقان، من سحب عجوزٍ مصابة ومن ثمة يعودان للنجاح فيما فشلت فيه سيارات الاسعاف وقوات الشرطة النمساوية، اذ اقتحما ساحات الاشتباك المباشر لينقذا أمنيّا جريحا، كان في حالة خطيرة.

ورغم اصابة طفيفة لاحد الشابين، بعد ان وجه اليهم الارهابيون سيلا من الرصاص، فقد رفضا الذهاب الى المستشفى، وخيّرا مواصلة المساعدة في اجلاء المواطنين النمساويين.


اقرأ أيضا: سفير أنقرة بالنمسا يلتقي شابين تركيين أنقذا مصابين بهجوم فيينا

وقد ظهر احد الشابين بملامح شديدة الانهاك ولكنها محمّلة بالرّزانة، في فيديو قصير مباشرة من مسرح العمليات، لخّص فيه كل ما حدث بدقة عالية، فجمع صوته الهادئ بين ثراء المعنى والاقتصاد في اللفظ وكأنّه كان يستعرض تقريرا اعلاميا محترفا، ثم اختتم بتوجيه رسالة:

"نحن الأتراك، نحن المسلمون، ندين كل اشكال الارهاب، نحن نحترم النمسا، ومهما حصل، سنكون في كل وقت وحين جاهزين للمساعدة."

وكأنه كان بذلك يجيب فخامة رئيس وزراء الارميني.

لست شخصيا من هوات نظرية المؤامرة، الا ان عالم ما بعد الانعطافة الكبرى لن يكون فيه مكان الا لأولئك الذين يستيقظون باكرا، ويدلجون في الليل والنهار، في السرّ والعلن من اجل ادراك الغاية المنشودة، فما الحظ في عرف الدول، الا المام بالمعلومة في ادق تفاصيلها، ومراعات للتفاصيل في ادقّ جزئيّاتها، وقد كانت تركيا والمسلمون هذه المرة من المحظوظين بمصادفة تواجد هاذين الشابين على مقربة من مسرح الهجمة الغادرة التي اودت بحياة ثلاثة من الأبرياء الى حد الآن، ونسبتها الجهات الرسمية النمساوية مبدئيا لتنظيم داعش الارهابي.

هذا ويجدر بالذكر ختاما، ان مما اخذ بالانتشار صبيحة اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لأحد الشابين وهو يرتدي زيّا للقوات الخاصة التركية.

* كاتب وناشط سياسي


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 214333


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female