لماذا نعارض إستقلالية البنك المركزي؟

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/bct2018.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم حسام الدين الشفي
(باحث)



ينص الفصل الثاني من القاون الأساسي للبنك المركزي لسنة 2016 "على أن يكون البنك مستقلا في تحقيق أهدافه ومباشرة مهامه والتصرّف في موارده"، حيث أن المشرع حينها بعد أخذ ورد بين الفاعلين السياسيين توجه نحو تعديل قانون 1958 المتعلق بالبنك المركزي، وعلل العديد هذا التوجه كون البنوك المركزية المستقلة عن السلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة ووزارة المالية، تقدم مردودية أحسن من نظيراتها التي تخضع لسياسة السلطة التنفيذية مباشرة، بشكل تكون فيه سياساته رهين الجهة السياسية الفائزة في الانتخابات، كذلك تجعل من البنك المركزي وسيلة لضمان تواجد هذه الأطراف في السلطة وذلك حسب رغبات كبار ممولي الاطراف وحتى اتباع سياسات نقدية ترضي الناخبين ولو كانت على حساب الاقتصاد الوطني.




واستقلالية البنوك المركزية عن الحكومات، فرضتها معاهدة ماستريخت (Maastricht) عام 1992، على الدول الأوروبية الراغبة في تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية، واتبعت فرنسا وبريطانيا هذه المعاهدة بشكل صارم، وكون فرنسا على سبيل المثال اقتصادها يرتبط مباشرة باقتصاد عدة دول افريقية فانها سارعت لحث البلدان النامية على ضمان استقلالية البنك المركزي وذلك لاقحامها عناصر تسهر على ان تلاؤم السياسة الاقتصادية لتلك الدولة نظيرتها في فرنسا، ومنذ 2011 استغلت فرنسا حالت الفراغ والفوضى الاقتصادية والتشريعية للضغط على السلط التونسية للتوجه نحو إستقلالية البنك المركزي.

ومما يؤكد ان قرار إستقلالية البنك المركزي هو قرار فرنسي بإمتياز، عضوية السفير الفرنسي في لجنة قيادة الدراسات الإستراتيجية للبنك المركزي، كذلك مشروع تغيير تسميته من البنك المركزي التونسي إلى البنك التونسي إقتداءا بالبنك الفرنسي، إلا ان التشابه في الأسماء مع أحد البنوك المحلية إنتهى بالعدول عن المشروع.

من أبرز مهمات البنك المركزي هي تقديم القروض للدولة التونسية دون فائدة وجرت العادة أن تقترض تونس من البنك المركزي مطلع كل سنة 2 مليار دولار لتسهيل قانون المالية، إلا أن القانون الأساسي الجديد يفرض على الدولة الإقتراض الداخلي يكون عبر البنوك المنتصبة محليا حتى لو كانت أجنبية، وهنا مربط الفرس حيث ان تعديل لقانون جاء مباشرة بعد التفريط في راس مال 4 مؤسسات بنكية تونسية إلى جهات اجنبية فرنسية ubci uib والتجاري بنك للمغرب.
بحيث أصبح الدين الداخلي لتونس بنفسه دين خارجي، والغريب أن نسبة الفائدة تبلغ في بعض الأحيان 11٪ بعد ان كانت تونس تقترض دون فائدة.
نسبة فائدة مهمة، مع ضمان السداد دفع البنوك الخاصة للسعي وراء اقراض الدولة و التقليص من قروضها لفائدة الخواص والمستثمرين وذلك عبر التشديد في الشروط والترفيع في نسب الفائدة مما أثر سلبا على تمويل المستثمرين. كذلك القروض التي تقترضها الدولة موجهة أساسا نحو الصرف والإستهلاك، مما يقلص من المال المخصص للإستثمار من البنوك الخاصة، بالاضافة إلى أن أرباح البنوك تتراكم لدى الشركات الأجنبية الأم خارج البلاد.
فكرة إستقلالية البنك المركزي في تونس جعلت البنك هدفا للصراعات الحزبية والخارجية للسيطرة عليه بعد خروجه نسبيا من سيطرة الدولة، وفي الوقت الراهن وغياب الإستقرار السياسي فإن سياسة البنك المركزي تعارض في عدة نقاط سياسة الحكومة الإقتصادية والنقدية، وإبعاد السلطة النقدية من دائرة السلطة التنفيذية يضعف من سيطرة الدولة على السوق المالية، وكل الخبراء الذين ناشدوا فكرة إستقلالية البنك المركزي اكدوا انه سيتم تجاوز الحاجز بين التمويل الحكومي والبنوك المركزية قريبًا، في ظل تدهور الاقتصادات بسبب الجائحة، البنوك المركزية ستقوم بتمويل الحكومات مباشرة، وافضل مثال على ان إستقلالية البنك لا تتماشى والدول النامية، هو الوضع الإقتصادي الصعب للبلدان التي تتبع هذا المنوال، للذكر وليس للحصر فإن اليابان والبرازيل والهند بنوكها لا تتمتع بالإستقلالية، في حين أن البلدان الأوروبية التي أقرت هذا النظام لم تتبعه إلا بعد طفرة إقتصادية مهمة.


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 214231

BenMoussa  (Tunisia)  |Lundi 2 Novembre 2020 à 09:15           
البنك المركزي التونسي هو جزء من الدولة التونسية وليس مؤسسة خاصة
وعلى ذلك لا يمكن ان تتعارض قراراته وتصرفاته مع مصالح الدولة
واستقلاليته لا تمنعه من تقديم القروض للدولة من دون فائض وان لزم الامر تفرض الاوامر بقوانين
والكاتب قدم عذرا واهيا لضرب استقلالية البنك وربط قرارات ما بعد الثورة بفرنسا



babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female