تونس وتطبيع الإمارات.. حسابات "التكلفة" تُلزم سعيد "الصمت"

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5f3b7f65172b40.47460177_jmohqpeflikgn.jpg width=100 align=left border=0>


الأناضول - تونس/ يامنة سالمي -

أرجع خبيران صمت الرئيس التونسي، قيس سعيد، تجاه التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي إلى رغبته بعدم الصدام مع أبوظبي وواشنطن، في ظل وضع داخلي تونسي هش





لم يَصدر عن الرئيس التونسي، قيس سعيد، حتّى اللحظة، أي موقف إزاء إعلان الإمارات وإسرائيل، الخميس، اتفاقهما على تطبيع العلاقات بينهما.

صمت سعيد إزاء هذا التطبيع أثار انتقادات له، باعتبار أن أحد أسباب التفاف الجماهير حوله، محليا وعربيا خلال حملته للانتخابات الرئاسية في 2019، كان اهتمامه اللافت بالقضية الفلسطينية وانتقاداته لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ووصفه التطبيع بـ"الخيانة العظمى".

واعتبر خبيران تونسيان، في حديثين للأناضول، أن سعيد يتعامل مع التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي بحذر كبير لاعتبارات، أهمها تجنّب الدخول في صدام مع الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب هشاشة الوضع الداخلي، الذي لا يسمح لتونس باتخاذ موقف قوّي.

واتهم سياسيون تونسيون الإمارات، مرارا، بقيادة "ثورة مضادة" لإفشال عملية التحول الديمقراطية في بلادهم، وهي الوحيدة الناجحة، بحسب مراقبين، بين دول عربية أخرى شهدت ما تُسمى بالموجة الأولى من ثورات الربيع العربي، عام 2011. وعادة ما تنفي أبوظبي صحة هذا الاتهام.

** حذر في التعاطي مع الإمارات

بولبابة سالم، كاتب صحفي ومحلل سياسي، يقول إن "العلاقات بين الإمارات وإسرائيل ليست أمرا جديدا، فقط كانت في السرية واليوم أصبحت علنية.. والأحزاب والمنظمات التونسية أصدرت بيانات تدين هذا التطبيع".

ووصف سالم، في حديث للأناضول، "الاتفاقية (المرتقبة بين الإمارات وإسرائيل) بأنها مذلّة أكثر حتى من اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979".

واعتبر أن "موقف الجامعة العربية (تلتزم الصمت) من التطبيع الإماراتي فيه تلكؤ، خاصة وأن السلطة الفلسطينية طلبت عقد اجتماع عاجل، لكن الجامعة لم تستجب بعد".

وتابع أن "وضعية تونس الاقتصادية والمالية وما تعانيه من مشاكل داخلية، لا تجعلها تأخذ موقفا حاسما من هذه المسألة".

واستدرك: "من المفروض أن تصدر الخارجية التونسية بلاغا تندد فيه بهذه الاتفاقية".

وعن موقف سعيد، قال سالم إن "ما جاء في خطاب سعيد إبان الحملة الانتخابية بخصوص القضية الفلسطينية، هو خطاب الحماسة الانتخابية وليس خطاب السلطة، لما فيها من إكراهات وواقعية خاصة في التعامل مع دول الخليج".

وشدّد على أن "تونس لا تريد أن تخسر علاقاتها مع الإمارات لأن إصدار موقف سيكون له ثمن، على غرار طرد السفير التونسي وطرد العمالة التونسية البالغة حوالي 25 ألف تونسي، باعتبار أن الإمارات دولة غير ديمقراطية وتتعامل بعنجهية كبيرة".

وأردف: "تونس لا تريد أن تكون في موقف محرج لأن تكلفة أي موقف قد تتخذه من التطبيع بين الإمارات وإسرائيل سيكون غاليا".

وزاد بأن "الأحزاب والمنظمات الكبرى في تونس، ومنها أحزاب قريبة من الرئيس (حركة الشعب) أدانت هذا التطبيع، وهذا في اعتقادي رسالة قوية وكافية على الرفض التونسي للتطبيع".

واستطرد: "الدول التي تكون في وضعية اقتصادية هشّة لا يمكنها اتخاذ قرارات قوية، وتونس تعيش وضعا داخليا هشّا، ولا تريد أن تستعدي أحدا والدخول في خصومة مع الإمارات، وحتى تغذية مناخ التوتر الداخلي".

وزاد بولبابة بقوله إن "هشاشة الوضع الداخلي، والتصدّعات التي تعشيها تونس والوضع الاقتصادي، هو ما يحدّد السياسة، وليس لنا شعب يتحمّل التبعات الاقتصادية للمواقف السياسية".

** الإدارة الأمريكية

من جهته رأى طارق الكحلاوي، أكديمي وناشط سياسي، أنه "يجب قبل كل شيء متابعة الموقف العربي، حيث جرت العادة أنه كلّما أعلن بلد عربي التطبيع، يتم بشكل آلي التنسيق والتشاور على مستوى الحكومات العربية والجامعة العربية".

وأضاف الكحلاوي للأناضول: "لا يمكننا أن نبحث لماذا لم تصدر تونس موقفا، بل يجب أن نتساءل على مستوى الحكومات العربية، حتى الحكومات التقليدية التي هي ضد التطبيع على غرار الجزائر وسوريا، لم تصدر إلى الآن موقفا من التطبيع الإماراتي".

وتابع: "الحلفاء التقليديون للإمارات أيّدوا هذا التطبيع، على غرار سلطنة عمان التي لها نفس الموقف أعلنت عنه منذ سنتين بعد زيارات رسمية مع إسرائيل، وأيضا البحرين شاركت في مؤتمر الإعلان عن القدس عاصمة إسرائيل، هذه الدول بطبعها في حلف مع الإمارات ومواقفها ليست جديدة".

وخرقت كل من مصر والبحرين وسلطنة عمان الصمت العربي، إذ هنأت الدول الثلاث الإمارات رسميا باتفاقها مع إسرائيل على التطبيع.

واستطرد: "نلاحظ أن الدول التي ترفض التطبيع تقليديا، على غرار الجزائر وسوريا، صامتة رسميا، وليس فقط تونس".

وأردف الكحلاوي: "عادة في هذه المواقف يتشاور وزراء الخارجية العرب، وأعتقد أن قيس سعيد ترك هذا الهامش لهذه العملية الدبلوماسية لوزراء الخارجية وللبيروقراطية الدبلوماسية للتشاور في ما بينها قبل إصدار موقف، وتجنّب أن ينفرد كرئيس عربي بموقف لوحده".

وزاد بأن "وزراء الخارجية يتريّثون ويحاولون إصدار موقف مشترك، أخذا في الاعتبار لعدة حسابات، أهمها الموقف الأمريكي المساند للموقف الإماراتي، وتونس حذرة ولا تريد الظهور في موقف ضدّ الإدارة الأمريكية".

واستطرد بقوله: "تونس تجاري الملفات التي في علاقة مع الإدارة الأمريكية بحذر كبير، وتتجنب الصدام معها".

وأعلنت كل من الولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل، الخميس، التوصل إلى اتفاق على تطبيع العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب، في خطوة هي الأولى لعاصمة خليجية.

ورأى أن "سعيد ترك مجال المناورة في هذه القرارات الدقيقة لوزارة الخارجية وآليات الدبلوماسية التقليدية، خاصة وأن تونس عضو (غير دائم) في مجلس الأمن الدولي، ولا يريد الانفراد بموقف واضح ويترك الأمور لآليات الدبلوماسية التقليدية لتمارس عملية صناعة القرار".

وبرّر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قرار بلاده التطبيع مع إسرائيل بأنه جاء لـ"الحفاظ على فرص حل الدولتين"، عبر "تجميد" إسرائيل مخطط ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكد أن خطته لتطبيق الضم "لم تتغير"، رغم التوصل إلى اتفاق التطبيع مع أبو ظبي.

وستصبح الإمارات ثالث دولة عربية ترتبط مع إسرائيل بمعاهدة تطبيع، بعد الأردن عام 1994، ومصر في 1979.

وقوبل الاتفاق الإماراتي- الإسرائيلي على التطبيع برفض شعبي عربي واسع عكسته منصات التواصل الاجتماعي.

كما قوبل بتنديد فلسطيني من الفصائل والقيادة، التي عدته "خيانة من الإمارات للقدس و(المسجد) الأقصى والقضية الفلسطينية".

وتقول أبوظبي إن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل هو قرار سيادي إماراتي، وتعتبر الانتقادات الموجهة إليها تدخلا في شؤونها.


Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 209090

Observo  (United States)  |Mardi 18 Août 2020 à 15:11           

Kerker  (France)  |Mardi 18 Août 2020 à 14:05           
تربطنا بالدّول العربية علاقات متكاملة متينة و عريقة تفوق كلّ شيء. لا ترتبط بشخص ما أو حكومة ما، و لا تقف عند عقبة . لا دخل لنا في شؤونهم الخاصّة و لا دخل لهم في شؤوننا الخاصّة، نجدهم و يجدوننا عند الشّدّة بإذن الله. تؤنس تؤنس و ترحّب بعروبتها.

Nouri  (Switzerland)  |Mardi 18 Août 2020 à 13:00           
@ saramba
متفق معك يا اخ، قيس يتعامل مع الشعب التونس وتونس وكل مؤسساتها وكأنه ملك الملوك ويملك الحق على كل شيئ وخطاباته مسمومة كلما تكلم الا وهاجم بعنف وبتعصب اما الاحزاب او المؤسسات او حتى احتجاجات الشعب، لكنه كلما تعلق الامر ببلد من شمال حوض البحر المتوسط تراه متسامح كي لا اقل مذلول.
الله المستعان، صورة لم اكن اتخيلها

Nouri  (Switzerland)  |Mardi 18 Août 2020 à 12:53           
احاليل غامضة كغموض قيس، هل لا يعلم قيس كل هذه الاشكاليات عند حملته النتخابية وإلا تونس في ذلك الوقت كانت دولة قوية وذات سيادة في القرار ؟
كل هذا ثرثرة !!!
مع الاسف الشديد كل البلدان العربية او اكثرها تستعمل القضية الفيلسطينية وكأنها منتوج يستعملونه إلا عند الحاجة، والله المستعان.
هنالك من يخشى امريكا وحتى الايمارات وهنالك من يخشى إلا الله، اليس كذلك يا اردوغان.

Nouri  (Switzerland)  |Mardi 18 Août 2020 à 12:39           
@ saramba
متفق معك يا اخ، قيس يتعامل مع الشعب التونس وتونس وكل مؤسساتها وكأنه ملك الملوك ويملك الحق على كل شيئ وخطاباته مسمومة كلما تكلم الا وهاجم بعنف وبتعصب اما الاحزاب او المؤسسات او حتى احتجاجات الشعب، لكنه كلما تعلق الامر ببلد من شمال حوض البحر المتوسط تراه متسامح كي لا اقل مذلول.
الله المستعان، صورة لم اكن اتخيلها

Ahmed01  (France)  |Mardi 18 Août 2020 à 11:41           
يجب تجريم التطبيع من أيّة جهة كان

وإذا أريد لقيس سعيد ـ كما يوحي المقال ـ أن يقع في مأزق التناقض بين القول والفعل ، فأن الأمر يقتضي أيضا أن يقطع علاقاته مع قطر وتركيا ـ وهما سابقتان ومتقدمتان في التطبيع على الإمارات ـ وهذا مأزق خصومه الذين يبصرون بعين واحدة
وأمس ، حمل المرزوقي بشدّة على الإمارات في موضوع التطبيع ! ـ وتناسى أن عرّابيه ذوي حلف استراتيجي مع الكيان ، وأن قناته ـ الجزيرة ـ شرّفتنا على شاشتها بتقديم سادة الكيان الغاصب وعرّفتنا ـ بارك الله فيها ! ـ بالمتحدث باسم الجيش الصهيوني : أفيخاي أدرعي

BenMoussa  (Tunisia)  |Mardi 18 Août 2020 à 11:41           
هل يقصد بولبابة سالم ان قيس سعيد يفتقد الشجاعة للتعبير عن ارائه والتمسك بمبادئه
وهل تصرفاته مع الاحزاب ومجلس النواب ووزراء النهضة ناجمة عن حرصه لمصلحة تونس
ام هي المصلحة الشخصية طاغية على كل المواقف والتصرفات وحتى المبادئ

Artiz  (United States)  |Mardi 18 Août 2020 à 11:01           
رب عذر اقبح من ذنب .لكن نشكر الايام التي لم تتآخر كثيرا لتكشف لنا هذا الرجل الدجال .و آقول له تستطيع خداع الناس لبعض الوقت لكن لا تستطيع خداعهم لكل الوقت

Sarramba  (Tunisia)  |Mardi 18 Août 2020 à 10:01           
لم يكن هذا الموقف مقبول حتى يطول (موقف رئيس الجمهورية) الأخض بعين الاعتبار ب و ب و ب و ب واليشمل احترام المؤسسات والبرلمان و نوابه، والأحزاب والديمقراطية و لعبتها ...... و خاصة الوافاء بالعهد و الأمانة و الميثاق واليمين وااااااااااااا الدستور بحذافره والتوقف على التّحرّش بالجيش والأمن والفقر والنساء وتجريم الشعب خاصة البؤساء منهم
إخوتي الكرام أبوح لكم بأني لست متفائل في هذا الموضوع و أخاف أن يكون "المقيم العام قيسر تونس الأوحد"، علاوة على أنه أسير قلعة قرطاج و عصابة نِسوة القصر والقواشة العملاء، أسيرَ جهله و تعنته و ركاكته ورفضه التحلي برئيسٍ محترم أمين ، ذكي، حكيم....قف، قف، قف ... إنك تحلم حقًا
حسبنا الله و نعم الوكيل

Nouri  (Switzerland)  |Mardi 18 Août 2020 à 09:23           
احاليل غامضة كغموض قيس، هل لا يعلم قيس كل هذه الاشكاليات عند حملته النتخابية وإلا تونس في ذلك الوقت كانت دولة قوية وذات سيادة في القرار ؟
كل هذا ثرثرة !!!
مع الاسف الشديد كل البلدان العربية او اكثرها تستعمل القضية الفيلسطينية وكأنها منتوج يستعملونه إلا عند الحاجة، والله المستعان.
هنالك من يخشى امريكا وحتى الايمارات وهنالك من يخشى إلا الله، اليس كذلك يا اردوغان.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female