الأيالة التونسية في ذهن نخبة مفتونة بالفرنكفونية

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/tunisie-france2015.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مـــــــازن

حتى نرفع الحرج عن نخبتنا فانّ تركيا أو ما كان يعرف بالإمبراطورية العثمانية سابقا اسمان لا يترادفان اذ مرّت على تركيا الحديثة فترة علمانية عسكرية لم نسمع لنخبتنا صوتا ولا كلمة رغم انتهاكات حقوق الانسان والمحاكمات العسكرية والانقلابات ومصادرة الاعلام الحرّ والتدخل العسكري في عدد من دول الجوار.
أما الإمبراطورية العثمانية التي يخشون عودتها ومن ثمّ عودة الأيالة التونسية فهو الوهم بعينه اذ لم تؤمّن تركيا عودة امتدادها الطبيعي في شرق آسيا والتي كانت ولازالت تعتبر ظهر القومية التركمانية فكيف لها بمناطق عربية كانت لوقت بعيد تحت إمرتها. تونس دولة مستقلة ارتضت النظام الجمهوري قد ساهمت بشهداء عظام لنيل استقلالها و شهداء أخر لتثبيت الديمقراطية الراعية لوحدتها و هويتها و ثرواتها.
...


الأزمة ليست مع تركيا كما تدّعي النخبة بل ربّما مع رئيسها ذي التوجه القومي الإسلامي. لقد هللوا ليلة الانقلاب عليه ولكنهم أشدهوا ببسالة الشعب التركي والتفافه وراء رئيسه المنتخب ولذلك فشل الانقلاب واقتيد خونة الدولة التركية الى السجون. الأتراك يؤمنون بسلمية الانتقال للسلطة ويقفون باحترام لكل من اعتلى الحكم عبر صندوق الاقتراع وهذا ما ينقص نخبتنا المغبونة التي تخسر رهان الانتخاب فتنطلق في العويل والانتحاب. لكنّ الأتراك يؤمنون أيضا أن أردوغان لا يمكن أن يبقى في الحكم لعقود كما يفعل العرب بل يعدّون غيره لمقاليد السلطة ولعل ما حدث في انتخابات البلديات دليل واضح أن هذا الشعب المفعم بالاعتزاز بقوميته ولغته ودينه يعرف كيف تدار الأمور ولا يأتمر بأجندا أجنبية اذ يضع صالح وطنه وامتداده التاريخي صوب عينيه.

لعل النقطة التي أفاضت الكأس تونسيا هو مقدم أردوغان وسعيه لعملية إنزال داخل التراب الليبي وهذا أمر ينكره كل من يحترم حقوق الأوطان في تقرير مصيرها ولكنّه لا يتخذه ذريعة ليترك شعب عريق كليبيا لقمة سائغة لذئاب دولية وشركات طاقية واسعة النفوذ.

نفس النخبة لم تنبس بشفة ليلة الانزال العسكري الفرنسي في مالي حيث الذهب والألماس وحيث يصطنع الإرهاب الدولي ليقتل جيوشنا العربية المرابطة على حدود أوطانها. نفس النخبة الغبية تصاب بالبكم كلّما واصلت الطائرات السيسية الانقلابية طلعاتها وضرباتها الموجهة لعدد من المدن والتجمعات السكنية الليبية.
لا نستغرب مثل هذه المواقف فولي نعمة نخبتنا الفرنسي مشارك ولو بطريقة خفية في هذا السجال القذر الذي قسم الشعب العريق الى شعبين والعاصمة الى عاصمتين والبرلمان الى برلمانين. هناك منذ بضع سنوات مر هنري ليفي المستريب وخطط لمثل هذه الفتنة الطاحنة فتتفرد شركات البترول والغاز باستغلاله بأبخس الأثمان.

أختم بأنّ الوهم الذي يصيب النخبة الفرنكفونية جعلهم ينتقدون قدوم أردوغان لأجل تصدير الزيت والتمر التونسي واستثمار مستشفى للأطفال. الأمر أخطر من ذلك فالنار المشتعلة عند جيراننا ستتسرّب حتما لو لم نبحث عن عون لإخماد الحريق أو على الأقل الحد من خطورته على حدودنا.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 195084


babnet
All Radio in One    
*.*.*