يا ليت ميركيل .. إمرأة تونسية

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5d891967f31ef8.73251419_ekglhqpniomjf.jpg width=100 align=left border=0>


حياة بن يادم

استوفقني خبر تصنيف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كأقوى إمرأة في العالم، للمرة التاسعة على التوالي، من قبل مجلة فوربيس الأمريكية.





بالرجوع إلى شخصية إنجيلا ميركيل، نجد أنها إمرأة نشأت في منطقة ريفية بالقرب من بيرلين من عائلة مسيحية كاثوليكية ابنة قس مسيحي. أصيلة ألمانيا الشرقية سابقا. كانت طالبة متميزة، تحصلت على الدكتوراه في الفيزياء سنة 1978. عملت بعدها ككميائية في المعهد المركزي للكيمياء الفيزيائية في أكادمية العلوم بين 1978 و 1999.

بعد سقوط جدار برلين في عام 1989، انضمت ميركل إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ليتم تعيينها سنة 1998 أمينة عامّة. وبعد ذلك بفترة وجيزة عيّنت وزيرة للمرأة والشباب في حكومة هلموت كول.

في سنة 2005، تم إعلان ميركل كأول مستشارة ألمانية في تاريخ ألمانيا، وهي أول مواطن من مواطني جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقًا، التي تحكم ألمانيا التي أعيد توحيدها من جديد. وأول إمرأه تحكم ألمانيا بعد أن أصبحت دولة وطنية حديثة عام 1871. لتبقى في هذا المنصب إلى حدّ الآن.

تميزت المرأة بإدارتها الناجحة، و ببناء اقتصاد مزدهر، مكّن ألمانيا من الصمود أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أصابت أغلب دول أوروبا بالركّود. و توصف لدى دوائر القرار بأنها القائد الفعلي للإتحاد الاوروبي.

أصبحت محلّ اهتمام الصحافة العالمية، من خلال مواقفها الجريئة تجاه القوة العظمى الولايات المتحدة الامريكية. كاسرة بذلك حاجز تبعية القارة العجوز للمارد الأمريكي. حيث وجهت توبيخا للولايات المتحدة على إثر تنصت وكالة الأمن القومي الأمريكي في 2013، على مكالماتها الهاتفية، و اعتبرته تعدّي على الخصوصية حيث قالت: "التنصت بين الأصدقاء غير مقبول".


بتتبع مواقفها تميزت ميركل :

*بمواقفها الإنسانية دونا عن قادة العالم الغربي، حين حصلت أكبر عملية نزوح في العصر الحديث للشعب السوري، قائلة "عندما تصل الأمور إلى الكرامة الإنسانية لا يمكننا إجراء التسويات".
*بشخصيتها القوية التي استمدتها حسب تعبيرها من الأوقات الصعبة و تمسكها بإيمانها بالله، قائلة "إنني شاكرة لكل الأوقات الصعبة التي مررت بها ولكل الدموع التي ذرفتها لأنها جعلتني أقرب من الله وجعلت مني المرأة القوية التي أنا عليها اليوم".
*بعزة نفسها و صلابتها حيث صرّحت "ربما أنحني لكنني لا أنكسر أبدا لأن ذلك ليس من طبيعتي".
*بحكمتها و رصانتها و مسؤوليتها، حيث قالت "لا تتعثر بحياة الناس الآخرين أو بأخطائهم ولا تعلق بها.. و أن الحرية لا تعني أن تكون حرًّا من شيء ما وإنما أن تكون حرًّا في القيام بشيء ما".


على الرغم و أن المرأة التونسية طبعت ببصمتها تاريخ تونس، و قدّمت للعالم في عهود التخلّف نموذجا متطورا للحضارة، من أمثال فاطمة الفهرية مؤسسة جامع القرويين بفاس، و أم ملال أول إمرأة تعتلي عرش الحكم في الإسلام حيث نجحت في إدارته بحسن تدبير و رأي ثاقب، و القائمة تطول. إلا أننا اليوم نعيش تصحّرا من هذه النماذج.

على الرغم و أن المرأة التونسية بقوة إرادتها كانت و لازالت شريكة الرجل في مختلف المعارك السياسية التي شهدتها البلاد، انطلاقا من مقاومة المستعمر إلى غاية ثورة 17 ديسمبر، حيث سقت بدمها مع الرجل ياسمين الحرية و الكرامة لتكون بذلك حاضرة على الدوام في النضال، إلا أنها كانت الغائب الأبرز في مراكز القرار.

نجد اليوم مع الأسف، المتصدر للمشهد، نموذج المرأة في أسوأ تعابيرها، إنها المرأة "الفضيحة"، "المبتذلة"، ذات المستوى المنحط. حيث أصبحت سلعة تعرض على وسائل الإعلام مؤثثة مشهد الرداءة باستهتارها للقيم الأخلاقية، و معرضا للألفاظ السوقية.

أما المرأة "السياسية"، فإنها لا تعدو أن تكون رقما شكليا لزيين القائمات الانتخابية، و لتبييض صورة تونس في المحافل الدولية وأخرى أداة لنسف المسار الديمقراطي، و غيرها للدفاع عن المرأة السلعة عوض الدفاع عن حق المرأة البشر في الحياة، على حساب المرأة المتعلمة التي تملك الكفاءة و الخبرة و الإرادة، المتصالحة مع هويتها، و هي ميزات لا تبتعد عن أوصاف ميركل.

إن المرأة التونسية لا تختلف كثيرا عن المرأة الألمانية حيث تتساوى معها في كافة المجالات، هذا ما يجعلني أقول يا ليت ميركل.. إمرأة تونسية.


Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 194323

MedTunisie  (Tunisia)  |Vendredi 13 Decembre 2019 à 18:21           
الفارق يكمن في الناخب الالماني و الناخب التونسي الذي مزال يعاني أمراض التبعية و يصوت لمن برنمجه اقصاء الشق الأحر على اساس انه تونسي من درجة ثانية و اساس ديني


babnet
*.*.*
All Radio in One