محاولة فاشلة لاغتيال المرزوقي.. معنويا

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5d7f1c9754ae78.94166444_legfhknpoimjq.jpg width=100 align=left border=0>


نصرالدين السويلمي

الكثير من قواعد الثورة لا يملكون الحكمة ورصيدهم من النفس الطويل يراوح الصفر، تراهم يقدمون اعناق ثورتهم الى خصومهم لأسباب واهية تتعلق باجتهادات جانبية، قتلة متجولون بأقمصة ثورية، وبعقول هزيلة مهزوزة تلتهم مخزونها الاستراتيجي في لحظة انفعال وعلى هامش محطة ضمن المحطات الكثيرة للمسيرة.

...

منذ ظهور الانتخابات، برزت محاولات سخيفة لاغتيال الدكتور المرزوقي معنويا، محاولات سيكون مصيرها الفشل إذا تسلحت الثورة بالحكمة، هجمات غريبة تستهدف الرجل على خلفية الترشح! حتى أن بعضها مدح الرجل ووصفه بالشهم والمقدام ثم ذبحه بأبشع العبارات لأنه أقدم على الترشح! فجأة تنكروا للرجل الذي تصدى للثورة المضادة وناصر الثورات العربية وتكلم بلغة سبعطاشية فصيحة وادخل ثقافة شعبية جديدة على القصر ساهمت في كسر احتكاره من قبل أقلية نادرة من اللحوم البيضاء المعلبة، ووخزت سلوكات برجوازية ورثها قرطاج عن البايات سرعان ما عاد اليها السبسي بعد فوزه في انتخابات 2014.

سحقت المنظومة القديمة بورقيبة و انحازت الى بن علي وأيدت وباركت ما فعله بالشيخ الهرم الذي مات تحت الحصار في ظروف مزرية، ثم عادت تلك المنظومة بعد الثورة وسحبت جثة الراحل من عمق 1987 واهلها الى مصاف أولياء الله السياسيين، وشرعت في استثمار الجثمان، ثم زرعت الأصنام التي اسقطتها هي بنفسها، وصرفت عليها من أموالنا لتثبيتها من جديد في قلب شوارعنا الكبرى، كل ذلك في بحث عن رموز يستعملونها في حربهم على الثورة. بينما تعمد الثورة الى تشويه رموزها فقط لأنها اختلفت مع بعض اجتهاداتها! يفعل الجهل الثوري بنفسه ما لا يفعله به الجهل القمعي، يصر الكثير من أبناء ومراكز الثورة على إفراغ الارشيف الثوري من جميع محتوياته،بانتهاج سياسية الطعن الشامل، يمدون ايديهم الى الخزينة الثورية وينثرون رصيدها بينما الحمق يتطاير من اعينهم والشماتة تتراقص في أعين خصومهم. ان لم نحتاج المرزوقي في رئاسة الجمهورية فنحتاجه في معارك اخرى، هب ان الرجل لا يصلح لهذه وتلك فنحن نحتاجه حتى في تكثير السواد، ناهيك ان للمرزوقي أرصدة أخلاقية و نضالية عالية، ليس أقلها التصدي لضباع النفط ووقوفه في وجه الانقلاب الدموي في مصر وفي وجه سفاح البراميل، وانتصاره للرئيس الشهيد محمد مرسي وتنقله بين المحافل الدولية لفضح الإعدامات الجماعية التي نفذها المشير.. ثم انه الخصم اللدود لدولة العار المنفّط، فيما جحافل من الساسة اشترتهم الدويلة بالخبس اليسير وطبعت ماركتها على جلودهم"أبو ظبي للاستثمار".

لماذا أصر المرزوقي على دخول الانتخابات حتى "ينهزم"؟! الجواب يأتي في شكل سؤال معاكس ومماثل، لماذا أصر ونستون تشرشل على دخول الانتخابات حتى ينهزم، كان المرزوقي يرغب في الحكم لثقته في قدراته كما كان تشرشل، لكن المزاج الشعبي جاء بخلاف ذلك، خرج تشرشل من السلطة ليدخل أرشيف الرموز البريطانية ونجومها ومحطاتها الكبرى، بينما يحاول البعض تشويه المرزوقي وطرده من أرشيف الثورة وذاكرة تونس، لصالح بورقيبة وبن علي وبشير زرق العيون والسبسي ووسيلة ومفيدة بورقيبة.. وكانه كُتب على تونس أن تقرر الزمرة الحاق هذا الرمز بالمدونة وحجب ذاك. وإذا ما همت الثورة بتزكية رموزها، خرج بعض السعال الثوري يطعن ويبشر بان المرزوقي انتهى نهاية مذلة لأنه ترشح من جديد!!! تلك سياسة إذا استفحلت، الحقت الجميع بركب التسفيه، المرزوقي والغنوشي وبن سدرين ..وكل القافلة المتصالحة مع الذات السبعطاشية .

علينا ان ننتهي من تبذير ذاكرة الثورة والشروع حالا في إعادة الاعتبار لها والحديث حولها وتقديم الأطروحات والدراسات والندوات، علينا ان نثمن رموزنا السياسية والثقافية والاجتماعية، علينا ان نستثمر في العربة والبوعزيزي وبوزيد و 23 اكتوبر والمجلس التأسيسي والدستور والشهداء.. علينا ان نشرع في تجميع قطع ثورتنا بدل الطعن فيها وتبديد مقدراتها.

شكرا السيد المنصف المرزوقي، شكرا السيد راشد الغنوشي، شكرا السيدة سهام بن سدرين شكرا للعيادي شكرا للجيش الوطني شكرا لكل المثقفين وكل السياسيين وكل المدونين الذين استماتوا حين ظن أبناء الثورة بالنصر الظنون، شكرا لكل الذين قضوا والذين مازالوا، شكرا للذين لا تلهيهم ارقام الانتخابات العابرة على مواصلة مشوارهم في سكة التغيير الضخمة المحفوفة، مازلنا نحتاجكم، مازالت الثورة تترقب منكم الكثير في المحافل الدولية وايضا في المناسبات الداخلية، شكرا لكل الرموز التي اسهمت في مسيرة الثماني سنوات، شكرا لكل الذين اسهموا في صناعة المفخرة التونسية، شكرا لكل الذين تصدوا لخنازير البيانات الأولى وبغايا الدبابات..شكرا لأولي الألباب الذين ينظرون إلى محطة 15 سبتمبر 2019 بعيون 23 اكوبر 2011 وبحواس 26 اكتوبر 2019، وبروح 17 ديسمبر وبعقل 14 جانفي، شكرا للذين يعبّون المشهد برمته ولا يكتفون بارتشاف لحظة خمرة عابرة، شكرا للذين لا يشكرون الساعة الحاضرة ويلعنون جميع العام الفارط.. شكرا لكم جميعا.. ولا عزاء للنبّارة الذين يأكلون ويجترون ويروثون ثم هم يغمزون، وذلك مبلغهم من الحياة.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 189175


babnet
All Radio in One    
*.*.*