كذلك لم يقدّم لنا الوطن شيئا و هذه بتلك !

<img src=http://www.babnet.net/images/6/drapeau55.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم / منجي باكير -

سأقول اليوم أحاسيس سأحكي بشيء من العاطفة ، و أصف إحباطات ، و أذكر حقائق هي موجّهة أساسا إلى الشريحة العمريّة التي جاوزت الأربعين و الخمسين سنة ، فقط لأنّه لن يفهمها إلاّ هم ...

...

هذا الوطن ، ولدنا فيه و ترعرعنا و كبرنا فيه ، أحببناه من كلّ قلوبنا و حيّينا علمه الكثير من المرّات و ردّدنا نشيده الوطني منذ كنّا لا نفقه معاني أبياته و لا زلنا نحفظ هذه الأبيات عن ظهر قلب ، لكنّنا قلناه بقلوبنا قبل ألسنتنا لا كما يفعل السّياسيون في مهرجانات الخطابة و الإحتفال بالأعياد الوطنيّة ، تتمتم به شفائفهم و لا تعتقده قلوبهم و ذلك لأنّه طبعا يفضحهم ، و لأنّه يذكّرهم ب: لا عاش في تونس من خانها وبعد عقودمن الزمن اكتشفنا أنّهم خونة و مرتزقة و ظلمة باعوا الوطن و اظطهدوا أهله بل سخّروهم لتكديس ثرواتهم ، كما أنهم خلفوا وراءهم ( مشتلة ) فاسدة أكملت في نفس المسار الفاسد ...

قلت كبرنا في هذا الوطن و لكنّنا لم نقدّم له شيئا غير الدّعاء ، نعم لم نقدّم له شيئا لأنّ حكّامه السّابقون كمّموا أفواهنا و كبّلوا أيدينا و صادروا أدمغتنا و قصّوا ألسنتنا و ضربوا علينا الحجْر و سفّهوا رأينا و تولّوا زمام أمورنا ، حتّى صرنا كالسّوائم التي ترعى الأرض و لا تملك لمصيرها شيئا ، كنّا نعيش على أرض الوطن بلا هويّة و لا انتماء ، كنّا نعيش بالإيجار ، ليس لنا الحق أن نفكّر لوطننا ، ليس لنا الحقّ أن نبدع لوطننا ، ليس لنا الحقّ أن نقرّر مصائرنا و لا مصير وطننا أمام عقليّة الرجل الأوحد و بإشرافه و بعنايته و بهْدي منه ،، و لولاه لما كنّا كما نحن ! ففرّ من فرّ منّا و بقينا هنا على الأرض صامدون برغم الحديد و النّار ، برغم البوليس الذي يحاصرنا ليل نها ر ، بقينا و تحمّلنا في الوطن أطواقا تطبق على أنفاسنا و تجرّدنا من إنسانيتنا من الحكّام و من أزلامهم بني جلدتنا ،،،

و كذلك لم يقدّم لنا الوطن شيئا و هذه بتلك ! لم يقدّم لنا الوطن غير الخوف و الجبن و الذلّة و الإستعطاف و العيش على منن الحاكم و الرضاء حتّى بما يؤلمنا ، كنّا نعيش مواطنين درجة ثانية أو حتى ثالثة ، في وطننا كانت الأولويّة للبلاط و أقاربه و أزلامه و كذلك الأولويّة للسّائح الأجنبي ( لأنّه يجلب العملة التي ينهبها البلاط و لا ينتفع بها الشعب ) ، كنّا نسمع عن ثروات الوطن لكنّنا لا نراها و لا نلمسها ، كنّا نتحرّك في المسموح لنا من رقعة الوطن و لا نتجرّأ على الإقتراب من أراضي الحفنة الحاكمة ، كنّا نعيش في الوطن و الوطن يبكينا (( خُفية )) خوفا من سياف الجلاّدين لأنّه لم يقدر أن يعطينا شيئا ...!

فجأة وقع الإستثناء ، حدثت الثورة ، ثورة صنعها الشعب بدمائه ، استبشرنا و تفاءلنا خيرا ، مرّت الأيّام و الأشهر لكنّنا لم نرَ ما صبوْنا إليه و لا ما تعلّقت به أمانينا ،،، طيلة هذه المدّة الفارطة دخلنا دائرة جديدة من التخبّط و الضياع و الهرف السياسي .

صرنا نعيش الخوف ثانية و بأقوى وتيرة ،صرنا نعيش وسط الإضَرابات و الإضطرابات و قطع الطرق و ( البراكاجات)و تهريب أقواتنا و أدويتنا و خيراتنا إلى خارج الوطن ، أدخل لنا صعاليك الليل من وراء الحدود كثيرا من الموبقات و الممنوعات ، صار الوطن رهينة مجدّدا لكن في أيدي حفنة من سفهاء القوم و أزلام الأنظمة البائدة و دعاة التفسّخ و الإنسلاخ عن الهويّة و الدّين اغتصبوا وسائل الإعلام و صاروا يمطروننا بختلف تنظيراتهم العقيمة و اليتيمة و شذوذاتهم الفكرية و الجسدية ليطبّعوا صغارنا مع الرذائل و الموبقات ،،، حاصرنا غلاء المعيشة و كثرت مآسينا و حلّت بنا ضبابيّة المسار وسط ضعف الحكومات و عدم تحكّم بمجريات الأمور و تصارع و تجادل بين الأحزاب و الأفراد و كثير منهم من كان بالأمس يجلد الوطن و المواطنين و يتعاون مع الحاكم على سحقهم و تجهيلهم و امتصاص دمائهم ،،،ويستمرّ هكذا حالنا و حال الوطن ، لم يقدّم لنا الوطن شيئا و لم نقدّم للوطن شيئا
فهل يبقى في العمر بقيّة حتّى ننعم بوطننا و نحسّ بجمالية الإنتماء إليه و نستطيع أن نقدّم للوطن أشياء و يقدّم لنا الوطن أشياء !؟؟؟



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 172319

BenMoussa  (Tunisia)  |Lundi 03 Decembre 2018 à 12h 41m |           
سي المنجي وصفك للماضي ومعاناته صادق ينم عن انتماءاتك السليمة وانحيازك للشعب وغيرتك على هويته
واتفهم قنوتك من الحاضر وما ألت اليه الثورة ولكن الحياة صراع متواصل بين الحق والباطل فلا تيأس
الثورة لم تحقق لنا ما كنا نامله ولكنها خققت لنا الكثير الكثير حققت لنا الكرامة بعثت فينا الامل وابعدت عنا الياس والقهر النفسي ويكفي انها عرفتنا بابي مازن والمنجي بكير ونصر الدين السويلمي وغيرهم ومتعتنا بدررهم
صحيح اننا غنمنا الحرية والكلام وهو لايغني عن الجوع ولا يبني القصور ولكنه ينعش الارواح ويزرع الامل

Mongi  (Tunisia)  |Lundi 03 Decembre 2018 à 10h 56m |           
يا سي منجي. هوّن عليك. هكذا هي الدنيا. والدنيا دار بلاء. والصوف يتباع بالرزانة. ولم يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الثورة الفرنسية إلاّ بعد 70 سنة. ونحن مازلنا في البداية. وربّي يستر العاقبة.


babnet
All Radio in One    
*.*.*