حظوظ المعارضة و القائمات المستقلة

بقلم الأستاذ بولبابه سالم
تحدثت في مقال سابق عن الحملات الانتخابية للنهضة و النداء باعتبارهما القوتين الرئيسيتين واللتان تشكلان ائتلافا حكوميا .
تحدثت في مقال سابق عن الحملات الانتخابية للنهضة و النداء باعتبارهما القوتين الرئيسيتين واللتان تشكلان ائتلافا حكوميا .
لكن ماذا عن حظوظ احزاب المعارضة و القائمات المستقلة ؟
تشكل احزاب الجبهة الشعبية و التيار الديمقراطي و حزب حراك الارادة و حركة الشعب قوى المعارضة الرئيسية للائتلاف الحاكم ، دخلت الجبهة الحملة الانتخابية بشعار " الايادي النظيفة تبني بلدية نظيفة " وهو شعار له دلالات سياسية عميقة يشير الى تغلغل الفساد داخل اجهزة الدولة و مرافقها العمومية و تحمّل المسؤولية لحزبا النداء و النهضة بسبب غياب الحوكمة الرشيدة و سوء التصرف في المال العام و الخضوع الى الاملاءات الخارجية و خاصة ما تسميه صناديق النهب الدولية . تعتمد الجبهة الشعبية ذات المرجعية اليسارية على حيوية شبابها الطلابي في حملتها الانتخابية و على الارث النضالي لبعض قادتها وهي مطالبة بالالتصاق بمشاغل المواطنين و الاندماج في حركتهم المطلبية و الانخراط مع الجماعير الكادحة في معارك النضال الاجتماعي . و كانت الجبهة في طليعة حملة الاحتجاجات التي رافقت المصادقة على قانون المالية لكنها وجدت صعوبات كبيرة في تشكيل بعض القائمات الانتخابية و غابت عن المنافسة في الكثير من الدوائر . و تشكل انتخابات 6 ماي فرصة لاكتشاف حقيقة العمق الاجتماعي للجبهة الشعبية خاصة انها كثيرا ما تتحدث باسم الشعب والكادحين ، وهي فرصة ايضا لتقييم خطابها السياسي على ضوء النتائج المرتقبة في انتظار المواعيد القادمة ، لكن للجبهة وزن في بعض الجهات و سيكون لها حضور متفاوت في البلديات .
اما التيار الديمقراطي فقد شهد صعودا لافتا في الفترة الاخيرة بفعل التدخلات البرلمانية النارية للنائبة سامية عبو و التي تسعى دوما الى فضح ملفات الفساد و مساءلة الوزراء و المسؤولين و تحرجهم في الكثير من الأحيان ، و يبني التيار الديمقراطي خطابه السياسي على التصدي لعودة المنظومة القديمة التي ثار عليها الشعب و كشف فشل الائتلاف الحاكم و عجزه في محاربة الفساد بسبب سيطرة المال الفاسد على داعميه و خصوصا نداء تونس . حضور التيار في الانتخابات البلدية ليس كما كان منتظرا و كان يعول على الغاضبين من جمهور النهضة التي يعتبرونها انحرفت عن اهداف الثورة و تحالفت مع رموز المنظومة القديمة ، كما يعول على الشباب المتعطش للقيم العليا لكن هذا الحزب بنى استراتيجيته على التطور التدريجي و سيفوز ببعض المقاعد .
من ناحية اخرى لم يكن حضور حزب حراك الارادة الذي يتزعمه الرئيس السابق المنصف المرزوقي قويا عدى الجهات التي ينتمي لها قياديوه و يقدم نفسه دائما انه شوكة في حلق عودة المنظومة القديمة لكن نتائج الانتخابات قد تحدد الحجم الحقيقي لهذا الحزب .
بالنسبة لحركة الشعب ذات المرجعية القومية الناصرية فتبدو حظوظها قائمة في الجهات التي ترشحت فيها خصوصا الجنوب و اغلب المترشحين كانوا من الفصيل الطلابي في الثمانينات " الطلبة العرب التقدميون الوحدويون " و لهم ارث نضالي و اشعاع في مناطقهم و كما اشرت الى سامية عبو فان تدخلات النائب سالم لبيض و مواقفه المبدئية لفتت الانتباه ايضا و خدمت حزبه .
اما القائمات المستقلة فقد تشكل مفاجاة انتخابات 6 ماي ، كلام كثير قيل حولها و بعيدا عن خطاب بعض الموتورين الذين كلفهم اسيادهم بشيطنة هذه القائمات فان الملاحظة الأبرز في تركيبتها تظهر انها تتشكل من شخصيات سياسية ذات الوان معروفة لكن احزابها عجزت عن تشكيل قائمات فطعمتها بوجوه جديدة ، و هناك قائمات ليست لها خلفية حزبية و تكونت من شباب رافض لبيروقراطية الاحزاب و متحرر من التعليمات و يريد خدمة جهته ، كما توجد قائمات قريبة من النهضة او نداء تونس بعد استبعاد بعض الوجوه في قائمات هذين الحزبين .
و يعوّل المستقلون على غضب الشارع و خصوصا الشباب من عجز الاحزاب السياسية و عدم قدرتها على الوفاء بوعودها و ضعف المنجز الاجتماعي و الاقتصادي للائتلاف الحاكم و ترى ان البلديات فرصة حقيقية للحكم المحلي بعد الصلاحيات الواسعة التي منحتها مجلة الجماعات المحلية .
ستشكل الانتخابات البلدية اختبارا لكل القوى السياسية و ستحدد المشهد السياسي و حقيقة حجم كل طرف ، اذا فازت المعارضة و القائمات المستقلة -وهو مستبعد في نظري بسبب غيابها عن الكثير من الدوائر - فان المطالبة بانتخابات تشريعية سابقة لاوانها يصبح مشروعا ، لكن تبقى نتائج موعد 6 ماي مهمة لان تداعياتها ستطال استحقاقات الانتخابات التشريعية و الرئاسية لسنة 2019 و العيون في الداخل و الخارج ترصد و تراقب .
كاتب و محلل سياسي
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 161218