في المقابل عادت "قفة " الزوالي إلی الشارع في الذكری السابعة للثورة وقد رفعت إلی الأعلی وأعين الرفاق شاخصة نحوها وأطلق واحد منهم عقيرته بالصياح "تسقط الرجعية دساترة وخوانجية...يا غنوشي يا سفاح يا قتّال لرواح" ...ماذا ينقص المشهد ؟ فقط خالتي مباركة تلك الشخصية الوهمية التي يوحي إسمها بضنك العيش و قساوة الحياة والتي إستهلكت في القاموس الخطابي لحمة الهمامي سنوات طوال.

وفي مكان ما لم يفوّت الدكتور المرزوقي الفرصة لإستحضار سرديات "الدولة العميقة" و"الثورة المضادة" و"قوی الردة" و"الاعلام الفاسد" و "المال السياسي الفاسد" وتخويف معتاد من تزوير الإنتخابات مع تذييل خطابه بالخاتمة المعهودة التي تبشر بإنتصار الثورة وكوّة الامل التي تنبؤ بإزاحة الأزلام ورجالات النظام البائد ..وعندما نتحدث عن النظام البائد فسنتحدث عن رئيس برلمان بن علي في فجر التسعينات حينها كان في السبعينات من عمره والآن بعد قرابة الثلاثين سنة هو الرئيس المنتخب لتونس الثورة وبينما كان السيد المرزوقي يتحدث عن التزوير كان الباجي قايد السبسي بصدد زيارة لحي التضامن في العاصمة وما لذلك الحي من رمزية اجتماعية تماما مثل سوق الحلفاوين الذي ذرف فيه فخامته دموعا ساخنة في مشهد يمكن ان يصنف كأكثر المشاهد التمثيلية تأثيرا في تاريخ تونس الحديثة فعلاوة ان فخامته بورقيبي وحداثي فإنه من الحنّية بمكان ولو أردتم التثبّت فأسألوا تلك المرأة التي لم تأكل اللحم منذ سنوات وعلی الأرجح فإنها قد أصبحت خلال فترة حكمه من معشر "النباتيين"، ومن لندن وعبر قناة المستقلة تباكی زعيم تيار المحبة علی ما آلت إليها الثورة في عيدها السابع مؤكدا بشكل ممل علی برنامج حزبه في حق المواطن في الصحة المجانية والنقل المجاني لكل من تجاوز عمره 65 سنة ومنحة للمعطلين عن العمل ليستقبل بعدها وابل مكالمات هاتفية من "زواولة" تونس المهمشة التي تعاني "الحقرة" وينهي برنامجه متبرّكا بدندنة "التعليلة" التونسي بصوته الجميل.


بعد هذا المشهد السريالي سيسافر رئيسنا السابق إلی الدوحة ليلقي محاضرة في مركز المؤتمرات الدولي حول انتهاكات حقوق الانسان في الدول الشمولية و يستثني من قائمتها دولة قطر لأن لها "ظروفها الخاصة" التي تجعلها غير ديمقراطية قبل ان يتوجه إلی مقر قناة الجزيرة لتصوير سلسلة جديدة من حلقات "شاهد علی العصر" في حصص للتداعي الحر حول كواليس فترة حكمه وفي قصر قرطاج سيستقبل رئيسنا الحالي شيخ حركة النهضة أحد قطبي لقاء البريستول الشهير للتشاور مجددا و للمرّة الالف حول وثيقة قرطاج وهي بحسب تصريحات برهان بسيس آخر ما يجمع حزب رئيس الجمهورية بالإخوان في تونس مع ما لذ وطاب من القوالب الجاهزة التي عادت مايستعين بها جوزيف غوبلز تونس مثل " الواقع السياسي" و"المصلحة الوطنية "و"الحاصل الإنتخابي الذي لم يمكنّهم من الحكم بمفردهم " فكان "تحالفهم مع الإسلاميين" ضرورة قاهرة حتی لا تدخل تونس في "دوامة عنف" و"احتراب اهلي" وغيرها...


أما السيد الهاشمي الحامدي فنشر علی صفحته في الفايسبوك صورة لحديقة منزله في لندن كتلك التي نشرها سابقا بعد أن إستفزه متابعوه في تعليقاتهم علی منشوراته فكتب :"تحيّاتي لكم من حديقة منزلي بلندن قبل نصف ساعة من الإفطار،سيارة المرسيدس في الحديقة الأمامية الجو منعش ورائع بسم الله ماشاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم صل وسلم علی محمد وآله "


وفي مطعم من مطاعم المرسی الفاخرة يدخل الرفيق حمة الهمامي متأبطا ذراع رفيقة دربه بعد أن فرغا من متابعة مقابلة في كرة التنس فيتجهان نحو طاولة محجوزة مسبقا وطبق اليوم غلال البحر من كروفات ومول وكافيار
وماذا في برنامج السهرة؟ ...سيتوجهان إلی قاعة السينما لمشاهدة العرض الأول من فيلم "شرش" فالثقافة أعزّكم الله يسارية اولا تكون وعاشت البروليتاريا الكادحة مسحوقة.

هذا ببساطة ما يسمی بالسيكزوفيرنيا او الفصام في شكله السياسي فيصيب الساسة المهووسون بالسلطة ،والهوس مرض اخر ينتج عنه شبق غريزي للحكم تحتد اعراضه مع اقتراب الانتخابات وبعدها يعود الخاسر إلی حالة الهوس والرغبة الجامحة للحكم، اما الرابح فيصاب بحالة البوليميا او النهم المرضي للسلطة تتمثل أعراضها خاصة في التشبث الأسطوري بالكرسي