لهذه الأسباب ستكون بنغازي محطّة بوتين التالية...

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/poutine-pixabay.jpg width=100 align=left border=0>


طارق عمران

عندما تتفاعل الديبلوماسية المرنة بالقوة العسكرية فإنها ستعطي كيمياء روسية بإمتياز.

هكذا قيل عن سياسة الرئيس فلاديمير بوتين الذي اختار بوّابة الشرق الأوسط للعودة كلاعب اساسي في الحلبة الجيواستراتيجية وقد اختار الزمن المثالي لذلك وهو سنة 2015 الذي شهد تراجعا امريكيا في سنة البطة العرجاء(مصطلح يطلق علی السنة الأخيرة في فترة حكم رؤساء الولايات المتحدة)، وذلك لخشية باراك اوباما من التورط في مستنقع جديد علی غرار العراق و افغانستان مع تصاعد الرفض الشعبي لأي خطوة عسكرية جديدة ومع هذا الفراغ أعلنت روسيا تدخّلها في سوريا و هو ما برّرته شعبيا بمقاومة الجماعات الإرهابية المتمددة في الشرق الاوسط و التي تضم في صفوفها آلاف المقاتلين القوقازيين وهو ما تحسب له روسيا التي تضم 20 مليون مسلم ألف حساب و هي التي خاضت اكثر من حرب مع جيرانها من دول القوقاز ومنطقة الفولغا اكبر حواضن الجهاديين في العالم، كما أن سوريا البعثية من اكبر حلفاء موسكو في المنطقة العربية و اكبر سوق سلاح و سقوطها يعني انفراط عقد النفوذ الروسي في المياه الساخنة بعد سقوط نظام صدام حسين ومعمر القذافي وارتماء مصر منذ عهد انور السادات في احضان شرطي العالم الامريكي كما أن احتلال موسكو لجزيرة القرم بعد سقوط الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش بعد ثورة شعبية سنة 2014 زاد من افراز هورمونات الدب الروسي التي حفزته علی استعادة امجاده الضائعة بإنهيار الإتحاد السوفياتي.




التدخل الروسي في سوريا كان ناجحا وهو ما تترجم في كلمة بوتين في قاعدة حميميم في اللاذقية حيث هنأ جنوده بالنصر واعلن عن نهاية حملته التي حققت نتائجها بدحر الجماعات الإرهابية و ضمنت بقاء "ذيل الكلب" (لقب اطلقته الصحافة الروسية علی بشار الأسد) في سدّة الحكم كقائم بالأعمال لا سيما مع سيطرة الجيش الروسي علی ميناء طرطوس الحيوي وتركيز قاعدة عسكرية قارة فيه، و لم تقتصر نجاحات القياصرة علی سوريا فقط بل بلغت ارتداداتها كامل المنطقة حيث تمكنوا من استمالة تركيا إلی صفهم وتقريب وجهات النظر بينها و بين طهران ليتشكل حلف قوي في المنطقة مع ضرورة التأكيد علی التنسيق الكامل بين روسيا و تل ابيب .

اغلب التحاليل تؤكد ان الطموح الروسي الجامح لن يقف عند حدود الشرق الأوسط بل سينطلق منها نحو شمال افريقيا حيث تشير اخر الاخبار القادمة من المحروسة عن اتمام اللمسات الاخيرة للشروع في تشغيل مفاعل ضبعة النووي بشراكة روسية مصرية فبوتين يحبّذ التعامل مع جنرالات العسكر حيث تتقاطع المصالح لا سيما ان مصر المشير ستكون حلقة الوصل البرية مع شرق ليبيا الذي يقع في قبضة المشير خليفة حفتر احد رجالات العقيد معمر القذّافي حليف السوفييت وقد اشارت عديد التقارير الصحفية عن تواتر زيارات حفتر إلی موسكو وبطرسبرغ اينقابل وزير الخارجية سيرجي لافروف أعقبها بلقاء مع وزير الدفاع سيرجي شويغو ومن خلال هذه المقابلات الهامة يتّضح لنا مدی مراهنة الرئيس الروسي علی المشير المتقاعد ،وهو نموذج محبّذ من العقيدة العسكرية الروسية وأقصر طرقها لتحقيق اجندتها ،لا سيما أن قوات حفتر المدعومة سياسيا من حكومة طبرق تسيطر علی الهلال النفطي والمرافئ العملاقة علی غرار ميناء السدرة ورأس لانوف وتشير أغلب التسريبات إلی مساع روسية لتطوير مطار بنغازي العسكري ليصبح قاعدة عسكرية مثل ماهو الحال في حميميم السورية لما لبنغازي من اهمية جغرافية تجعل من موسكو قادرة علی منافسة الولايات المتحدة الامريكية التي تتمركز قواتها في قاعدة عسكرية في جزيرة صقلية، فالبحر الأبيض المتوسّط كان و سيظل منطقة صراع بين الفاعلين الدوليين فعملت وزارة الدفاع الروسية منذ سنوات إلی ارسال الخبرات إلی القاهرة لتكوين الإطارات العسكرية ومؤخرّا إلی بنغازي في اطار اتفاقيات تعاون لتجديد منظومات الدفاعات البحرية و الجوّية فالسواحل الليبية تمثّل ورقة ضغط قوية ضد دول شمال حوض المتوسّط التي تكوّن النواة الأساسية لحلف الناتو فهذه السواحل تمثّل مناطق حمراء بإعتبارها بوابة الهجرة غير الشرعية نحو السواحل الأوروبية فحالة الإنفلات التي تشهدها ليبيا جعلت منها بوّابة عبور لشباب شمال افريقيا ودول جنوب الصحراء.

كلّ هذه المعطيات إضافة إلی التقارير الإستخباراتية التي تؤكد عودة مقاتلي داعش من الشرق الأوسط وتمركزهم في الجغرافيا الليبية الوعرة وتقارير إعلامية توثّق إتجار بعض الميليشيات بالعبيد من الأفارقة السمر، ستدفع بروسيا إلی التدخّل في ليبيا، ومعاضدة اللواء خليفة حفتر بذريعة ملاحقة الجماعات الإرهابية والميليشيات المارقة، لا سيما أن الوضع في ليبيا أقل تعقيدا من بلاد الشام لغياب تدخّل القوی الإقليمية بشكل مباشر في مسار الإحتراب فيها عدا بعض القوی الصاعدة مثل الإمارات العربية الممكن إحتواؤها بالتقاطع في الأهداف و المآلات الرامية إلی استئصال الإسلام السياسي، كما أن الغنائم السياسية و الإقتصادية تبدو أكثر إغراء في بلد طاقي غني، كما أن الجار المصري يساند بشكل تام تحركات روسيا التي تجمعها علاقات مميزة مع الجار الجزائري وحكومة توافقية في تونس تنأی بنفسها عن الإنحياز لطرف دون آخر من الفرقاء في ليبيا.


Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 152404

Mandhouj  (France)  |Mardi 12 Decembre 2017 à 21:41           
تحليل واقعي .. فروسيا اليوم ليست روسيا 5 أو 10 أعوام سابقا ... بوتين عرف كيف يبني التفكير الإستراتيجي الجديد و فهم كيف يتدرج في تحقيقه ... الدول الغربية من مصلحتها أن تعود روسيا للمنطقة ، لانها تعرف كيف تتعامل معها حسب مصالح إستراتيجية معينة ... الدول الغربية خائفة جدا من تجارب ديمقراطية في العالم العربي ، لاعب بطبيعة الديمقراطية ، تبني دول قوية .. و الدول الغربية تجهل كيف ستكون هذه القوة الجديدة .. يجب أن نفهم كيف نبني تفكير إستراتيجي يمكن
للعالم العربي أن يكون ديمقراطي ، حقوق إنسان ، حوكمة رشيدة ، حتى تتقوى المجتمعات العربية و الافريقية ... فعلا السعودية ، الامارات ، سوريا ، مصر ، يمولون بطريقة أو أخرى العهد الروسي الجديد و يمولون بطيقة أو أخرى تقاسم الشرق الأوسط بين حلف امريكا و حلف روسيا ... ليبيا دولة غنية و أن تصبح ديمقراطية ، الدول الغربية لا تدري كيف ستكون و كيف ستتعامل مع قوة إقليمية جديدة ناشئة .. فهي (الدول الغربية) ، بطريقة أو أخرى ستفتح الباب أمام الدب الروسي ، من باب
شد إمشومك لا يجيك ما أشوم ... المجتمات العربية يجب أن تفهم كيف تقلم أظافر الموازي التي تنخرها ، حتى تتحرر و تتقوى .

Jjjcc  (Tunisia)  |Mardi 12 Decembre 2017 à 21:07 | Par           
Pourquoi pas, c'est mieux que d'avoir un Trump ou bien un Macron, ce qui est sure est que l'independance relative de de cision que la lybie a eu dans l'epoque de Gadafi ne va pas ce repeter.

Incuore  (Tunisia)  |Mardi 12 Decembre 2017 à 20:41 | Par           
امير المؤمنين علي ابوتين عليه السلام بعد أن مكنه كافور و العلج من رقاب العرب


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female