ماذا يعني تصنيف تونس من الاتحاد الاوروبي في ''القائمة السوداء'' للملاذات الضريبية الامنة؟

بقلم: شكري بن عيسى (*)
اليوم الاتحاد الاوروبي يصنف تونس رسميا ضمن 17 دولة، في "قائمة سوداء" اعتبرها ملاذات ضريبية امنة او ما يسمى "الجنان الضريبية"، قائمة اصبحت موصومة بالاصبع من كل وسائل الاعلام والسياسيين في العالم، ستزيد في انهيار الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وحتى الامني التونسي، ويأتي هذا التصنيف بعد التدهور الشامل في كل التصنيفات الدولية، سواء المتعلقة بالشفافية او الحرية الاقتصادية او التنافسية، اضافة الى التقارير الدولية العلمية المتعلقة بالسياسة والاقتصاد او الازمات السلبية في مجملها، وآخرها لـ"فيتش رايتينغ" في 13 نوفمبر المنقضي.
اليوم الاتحاد الاوروبي يصنف تونس رسميا ضمن 17 دولة، في "قائمة سوداء" اعتبرها ملاذات ضريبية امنة او ما يسمى "الجنان الضريبية"، قائمة اصبحت موصومة بالاصبع من كل وسائل الاعلام والسياسيين في العالم، ستزيد في انهيار الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وحتى الامني التونسي، ويأتي هذا التصنيف بعد التدهور الشامل في كل التصنيفات الدولية، سواء المتعلقة بالشفافية او الحرية الاقتصادية او التنافسية، اضافة الى التقارير الدولية العلمية المتعلقة بالسياسة والاقتصاد او الازمات السلبية في مجملها، وآخرها لـ"فيتش رايتينغ" في 13 نوفمبر المنقضي.
اليوم هذا التصنيف "الاسود" يمس من "الامن القومي" في العمق، والانهيارات ستكون ابتداء من الاستثمار الخارجي المباشر، الذي نحتاجه بقوة اليوم وسيتسبب التصنيف في عزوف المستثمرين، وهذا ما سيضرب المحرك المحوري للنمو: الاستثمار، وستكون الانعكاسات رهيبة على التصنيف السيادي في خصوص كلفة الاقتراض، كما ستكون الانعكاسات ايضا حتى على تسريح صندوق النقد لبقية الاقساط، وسيضر في العمق بالتصدير مع تراجع الاستثمار وحتى هروب عديد الشركات خفية على سمعتها.

اشطون من منظمة اوكسفام نظموا وفقة ساخرة بالتزامن مع اجتماع المسؤولين الأوروبيين في بروكسل @oxfam_sol
التصنيف ايضا سيضر بالمساعدات الاوروبية والدولية لتونس، وسيضر ايضا في العمق برصيد البلاد المتآكل للعملة الصعبة الذي يقارب اليوم التسعين يوما ( 94 يوم / 120 يوم) وسيزيد بالنتيجة في تدهور الدينار المنهار اصلا، وبالطبيعة سيتسبب في تضخم كبير مع "استيراد التضخم" بانهيار الدينار، دون نسيان ضرب التشغيل الذي سيتداعى سلبيا مع تراجع الاستثمار والمساعدات، وبالفعل التداعيات الكارثية ستكون واسعة ومتعددة..
ما يجب الاشارة اليه ان التصنيف لم يكن مجرد اصدار حكم معياري، او "استهدافي كما ارادت الحكومة اظهاره بانه "تدخّل في شؤونها الداخلية، بل كان نتيجة تدارس عميق وفق اعتبارات علمية دقيقة، واعتمادا على ثلاثة معايير اساسية على راسها، الشفافية الجبائية في خصوص التبادل الالي للمعلومات، والانصاف الجبائي ووجود او غياب اجراءات ضد التحيّل الجبائي، وتونس اليوم تجد نفسها جنبا الى جنب مع بنما مع ما تعنيه الكلمة من وصم اسود، وللتوضيح فان البلاد تم تصنيفها في قائمة "رمادية فيها 47 دولة، قبل ان يخلص القرار الى تصنيف 17 في القائمة "السوداء"، بعد تمكين الدول من توضيح مواقفها والدفاع عن نفسها، ولم يتم اتخاذ قرار التصنيف في "الاسود" الا بـ"اجماع" 28 بلد المكونين للاتحاد الاوروبي..
عديد الملاحظات الاخرى الاساسة تفرض نفسها في الصدد، في خصوص عدم جدية اتحاد الشغل في كشف هذا الامر، المنظمة النقابية التي بقت في حدود الشعارات والتوصيفات العامة الجوفاء في قضية حساسة خطيرة، وفي خصوص هيئة مكافحةالفساد الغارقة في الندوات الفكلورية والتهريج، وفي خصوص الحكومة التي افتضح امرها فيما يتعلق بالحرب المزعومة على الفساد، التي اتضح بعد هذا التصنيف بانها مجرد كذبة وفرقعة اعلامية لا غير وفيما يرتبط بالدبلوماسية في صلب مهمام الرئاسة التي لم تقم بما يلزم في الدبوماسية الاقتصادية، وعرضت الامن القومي الاقتصادي للبلاد للخطر الجسيم..
والأمر لم يكن بمعزل عن التقييمات الجدية التي تصلنا السنة الاخيرة، من مجموعة الازمات الدولية ومركز كارنيغي وكل المراكز الاخرى والهيئات الحقوقية-الاجتماعية، التي أقرّت بوجود "دولة زابونية" و"دمقرطة الفساد" و"عودة الدكتاتورية" و"الكليبتوقراطية" و"رأسمالية المحاسيب"، وأكّدت اغلبها على "التقدم" في طريق توقف الانتقال الديمقراطي، والدخول في تأزم اقتصادي ينبىء بانهيارت اجتماعية وامنية خطيرة.. كلها أشرنا اليها سابقا في تقاريرنا التي ومقالاتنا في هذا الموقع بالتفصيل الممل.. ونبهنا من تداعياتها الخطيرة طويلا..
وطبعا ما دمنا غارقين في استعراضات السبسي حول تهنئته بـ"عيد ميلاده" التي لم يتفطن لها التونسيين، وزيارات الشاهد الاستعراضية المتجذرة في "تجمير البايت" و"تدشين" القديم، وفي عمق فضيحة النائب الجويني الذي وعده طوبال باسم نجل السبسي حافظ بتشغيل ابنه، الذي لم يقدم اليوم في اذاعة ما يثبت انه يمتلك حتى الباكالوريا، ما دمنا غارقين في هذا الواقع المرير الاسود.. فمنتظر بشدة ان تسقط علينا هذه الصاعقة المدمرة..!!
(*) باحث في القانون الجبائي والاقتصاد
Comments
12 de 12 commentaires pour l'article 151966