هيبة القضاء و تهافت الدهماء

بقلم الأستاذ بولبابه سالم
تتذكرون الجدل الذي حصل في فرنسا حول " البوركيني " خلال الصيف الماضي لما عزم عدد من رؤساء البلديات على منع هذا اللباس في الشواطئ و المسابح الفرنسية . وقتها أحال الرئيس فرانسوا هولاند المسألة الى مجلس الدولة الفرنسي وهو أعلى هيئة قضائية للنظر فيه و اتخاذ قرار و حكم نهائي احتراما لدولة القانون .
تتذكرون الجدل الذي حصل في فرنسا حول " البوركيني " خلال الصيف الماضي لما عزم عدد من رؤساء البلديات على منع هذا اللباس في الشواطئ و المسابح الفرنسية . وقتها أحال الرئيس فرانسوا هولاند المسألة الى مجلس الدولة الفرنسي وهو أعلى هيئة قضائية للنظر فيه و اتخاذ قرار و حكم نهائي احتراما لدولة القانون .
عندما صدر الحكم و حسم الأمر من مجلس الدولة الفرنسي باقرار حرية اللباس انتهى الجدل بين السياسيين و الاعلاميين الفرنسيين ، لأن القضاء سلطة و لا أحد يشكك في أحكامه او يجرؤ على التطاول عليه .

في تونس و رغم الخطوات الصعبة و الثابتة في تحقيق استقلال القضاء بعد عقود من التبعية و التعليمات خاصة بعد انتخاب المجلس الأعلى للقضاء مازال بعض سماسرة السياسة و بيادق الاعلام يريدون العودة الى الوراء . ما دفعنا للحديث عن هذا الامر هو ردود الفعل الانفعالية و المتشنجة للرافضين لحكم المحكمة الابتدائية بسوسة في قضية المنسق العام لحزب نداء تونس بتطاوين المرحوم لطفي نقض . لقد تابعنا فصولا من العبث و اللامسؤولية وصلت حد البذاءة و التطاول على السلطة القضائية من شخصيات لطالما صدعت رؤوسنا بشعارات استعادة هيبة الدولة و احترام مؤسساتها . طبعا فإن هذا التطاول لم تتورط فيه رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة اللذان احترما حكم القضاء و استقلاليته . لكن ما اتاه بعض هواة السياسة و دراويشها يشكل فضيحة ، و اذ نتفهم صدمة من تاجروا بالقضية في سوق المزايدات و الانتخابات و التنافس السياسي فإن العبرة تقتضي تجنب الاستثمار في الدماء و ترك القضاء يعمل بمعزل عن الضغوطات السياسية و التاثيرات الحزبية .
اما بالنسبة للرعاع و الدهماء الذين يتأثرون بما تروجه بعض وسائل الاعلام فقد حان الوقت ليدركوا أن القاضي يحكم بالملفات و الحيثيات و الوقائع بالتنسيق مع حاكم التحقيق و الضابطة العدلية لا بما تروجه المنابر الاعلامية او تصريحات و بيانات الأحزاب السياسية .
و لعله من المفيد ان نذكر أنه لا أحد اعترض على قاضي المحكمة الابتدائية بسوسة قبل النطق بالحكم ، و لم نر تلك الاصوات الموتورة الا بعد صدور الحكم حيث اتهمت القضاء بالدوعشة بل هناك من دعا الى القتل و العنف . هل سمعتم باعلامي او سياسي فرنسي يتهم مجلس الدولة بالدوعشة بعد الحكم في قضية " البوركيني " ؟ و يبقى السؤال ، لماذا يرفض اتباع فرنسا في تونس الديمقراطية و يهزهم الحنين الى قضاء بن علي ؟!!
كاتب و محلل سياسي
Comments
9 de 9 commentaires pour l'article 133990