الفنان غازي العيادي للمرة الأولى على ركح مهرجان الحمامات الدولي... حضور طال انتظاره بعد مسيرة فنية ناهزت 30 عاما

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/688dd4bc8b56f0.64000183_lojmgqehnkpif.jpg width=100 align=left border=0>


وات - للمرة الأولى منذ انطلاق مسيرته الفنية قبل نحو 30 عاما، اعتلى الفنان التونسي غازي العيادي ركح مهرجان الحمامات الدولي ليحيي منفردا سهرة أمس الجمعة 1 أوت، حيث قدم عرضا غنائيا بعنوان "حبيت زماني" ضمن فعاليات الدورة التاسعة والخمسين من هذا المهرجان التي تتواصل إلى غاية يوم 13 أوت 2025.

ورغم مسيرته الطويلة التي راكم خلالها تجربة ثرية في الغناء والتلحين، فقد بقي غيابه عن هذا الفضاء الثقافي البارز علامة استفهام كبرى إذ لم يتردد الفنان ذاته في الإشارة إليها بصريح العبارة، لافتا إلى أن حضوره المتأخر على هذا المسرح يمثل إحدى اللحظات المفصلية في تاريخه الفني. كما لاحظ أن صعوده في الدورة الماضية (2024) ضمن سهرة تونسية مشتركة جمعته بأسماء بن أحمد ومهدي العياشي، لا يعدّ حضورا فعليا له بالمعنى الكامل باعتبار أن تلك المشاركة كانت جماعية ولم تمكنه من تقديم تجربته الفنية بصوته الخاص ومساره المستقل، وفق تعبيره.





هذا العرض الذي دام نحو ساعتين، جاء أقرب إلى سيرة فنية مغنّاة. وقد تنقل فيها العيادي بين محطات متنوعة من مشواره وتولى توزيعها بعناية على مراحل زمنية وفنية مختلفة، بدءا من أغانيه الأولى التي عرف بها في التسعينيات وصولا إلى تجاربه الأخيرة في التلحين والغناء.

وقدم العيادي خلال السهرة رفقة مجموعة موسيقية يقودها المايسترو يوسف بلهاني، مختارات من أشهر أغانيه التي يعرفها الجمهور التونسي عن ظهر قلب من بينها "سيدي حبيبي" و"شايفين عيونو" و"والنبي لو جاني" و"أنا زي زمان"، إلى جانب أعمال أخرى مثل "مش طبعنا" و"روحي فداك". وقد توزعت اختياراته بعناية لتغطي ثلاث فترات أساسية في مسيرته هي مرحلة البدايات والانتشار ثم فترة التلحين لأسماء عربية بارزة، وأخيرا مرحلة العودة والتجديد الذاتي التي تشهد إيقاعا فنيا مختلفا ومعاصرا.

أما العنصر اللافت في السهرة فلم يكن في الأداء الغنائي وحده وإنما في الحضور المشهدي الذي نجح العيادي في خلقه على الركح، وذلك من خلال استضافته صوتا غنائيا شابا هو الفنان أيمن لصيق الذي شاركه في أداء أغنية "زمن المصالح"، فكانت بمثابة حوار فني بين جيلين. لكن المفاجأة الأبرز في السهرة تمثلت في صعود شقيقه الأصغر معز العيادي إلى المسرح حيث أديا سويا أغنية "رضاية الوالدين" خاصة بعد أن تم الإعلان عن وجود والدتهما بين الحاضرين في المقاعد الأمامية. وتحول معها المسرح مع تفاعل الجمهور إلى فضاء عائلي حميمي تصدح فيه مشاعر الحب والامتنان والبعد الروحي للأسرة.
ولم تكن هذه اللحظة الرمزية منفصلة عن السياق العام للعرض وإنما بدت استمرارا لنبرة وجدانية واضحة في كل اختيارات غازي العيادي الغنائية، التي كانت أقرب إلى دفاتر يوميات صوتية يعيد عبرها ترتيب علاقته مع الجمهور ومع نفسه، ومع زمن لم يكن سهلا عليه العودة فيه للغناء. ولعل عنوان السهرة "حبيت زماني" أبرز انعكاس لهذا التنوع الموسيقي الذي تميز به غازي العيادي في مسيرته، حيث اقتبسه من عنوان أشهر أغانيه وأنجحها جماهيريا "حبيت زماني" وأرادها أجمل خلاصة لمسيرته ومفتاحا قرأ به العيادي فصول حياته الفنية وأعاد بها ترتيب حضوره في ذاكرة الجمهور.

غازي العيادي: "مشاركتي في مهرجان الحمامات هي ولادة جديدة في مسيرة ثلاثة عقود
وعبّر الفنان غازي العيادي عن بالغ امتنانه للجمهور الذي واكب عرضه الغنائي "حبيت زماني"، مؤكدا أن هذه المشاركة تمثل بالنسبة إليه "ولادة جديدة"  قائلا إنه لم يقبل عروضا أخرى هذه الصائفة قبل هذا العرض في الحمامات، لأنه أراد أن تكون هذه السهرة البداية الحقيقية في عودته لمصافحة جمهوره وعشاق  أغانيه.  
وأضاف غازي العيادي الذي بدأ  الغناء منذ منتصف التسعينيات "إذا كان فنان قضى ثلاثين سنة في المجال ويصعد لأول مرة على مسرح الحمامات، فهنا توجد علامة استفهام كبيرة".
وفي حديثه عن تحضيرات العرض، أوضح أن اختيار الأغاني جرى وفق تصور فني مدروس يعكس مراحله المختلفة، بدءا من أغانيه الأولى ومرورا بتجربته في التلحين وصولا إلى إنتاجاته الأخيرة. وعلّق على ذلك بالقول: "امتلاك ريبرتوار غني لا يعني أن مهمة الاختيار سهلة، لقد حاولنا أن نمثل كل فترة من فتراتي دون الوقوع في فخ التجميع أو الاستعراض".

وتحدث الفنان عن التحولات التي عرفها المشهد الموسيقي بعد سنة 2011، كما انتقد ما وصفها ببعض الظواهر التي أصبحت تتحكم في المشهد الموسيقي المعاصر، معتبرا أن عدد المشاهدات الرقمية لا يعكس دائما القيمة الفنية للعمل. وقال: "في السابق كان الألبوم يقاس بعدد النسخ المباعة، أما اليوم فكل شيء يرتبط بمن يملك القدرة على تمويل حملته على المنصات الرقمية وشراء أرقام المعجبين والمتابعين وأنا لا يمكنني أن أضخ عشرات آلاف الدولارات لمجرد شراء مشاهدات".
وفي جانب آخر من حديثه، عبّر عن تقديره الكبير لتفاعل الجمهور من خلال التعليقات التي يتلقاها عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة والتي اعتبرها دعما معنويا حقيقيا له من أجل العمل والاستمرارية في المشهد الفني.
وختم غازي العيادي حديثه بالتأكيد على أن مشاركته في مهرجان الحمامات الدولي ستكون نقطة انطلاق جديدة لمشروع فني متجدد واستعادة مكانه كمغن لا كملحن فحسب.


Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 312701


babnet
*.*.*
All Radio in One