في سهرة مشتركة على ركح الحمامات: "سوداني" و"جذب" يحلّقان بالجمهور بجناحي البوب والإنشاد الصوفي

في إطار فعاليات مهرجان الحمامات الدولي في دورته التاسعة والخمسين، كان للجمهور مساء أمس الخميس موعد مع رحلة موسيقية وجدانية تنهل من روح الفن المعاصر من خلال موسيقى البوب المعاصرة وترتحل بالحاضرين إلى جذور الإنشاد الصوفي، وذلك من خلال سهرة مشتركة بين الفنانة التونسية الشابة هند سوداني، صاحبة الاسم الفني "سوداني"، والثنائي الموسيقي التونسي "جذب" اللذين قدما عرضهما الصوفي "وليا".
افتتحت الفنانة الصاعدة هند سوداني السهرة بحضور آسر وصوت دافئ أكدت من خلالهما أنها صاحبة مشروع فني يخط طريقه بثبات وتؤدة في عالم الموسيقى المعاصرة، حيث قدّمت عرضا مزجت فيه بين البوب والديسكو والفانك بإيقاعات تونسية محلية مدفوعة بطاقة حرة وشجاعة.
افتتحت الفنانة الصاعدة هند سوداني السهرة بحضور آسر وصوت دافئ أكدت من خلالهما أنها صاحبة مشروع فني يخط طريقه بثبات وتؤدة في عالم الموسيقى المعاصرة، حيث قدّمت عرضا مزجت فيه بين البوب والديسكو والفانك بإيقاعات تونسية محلية مدفوعة بطاقة حرة وشجاعة.
ومنذ إصدار أغنيتها الأولى "ماذا بيا؟" سنة 2021، أثبتت سوداني أنها تحمل مشروعا موسيقيا مختلفا يستلهم من السينما والشعر والواقع اليومي، ويعيد تشكيل الأغنية التونسية برؤية حديثة. وقد كان جمهور الحمامات على موعد مع أداء حي لأغنية جديدة من ألبومها الأول المرتقب والذي سيصدر مع موفى هذا العام.
"هذا المسرح حلم لكل فنان تونسي وأن أكون على ركحه اليوم، فهذا يعني لي الكثير"، بهذه الكلمات عبرت سوداني عن امتنانها لمهرجان الحمامات الدولي، مؤكدة أن ما تسعى إليه هو "أغنية تونسية عالمية" تعكس تنوع مشاربها الموسيقية.
وبعد عرض سوداني المتوهج بإيقاعات البوب، خيّم هدوء على الركح قبل أن تنطلق رحلة موسيقية وجدانية تنهل من روح الإنشاد الصوفي بتوزيع جديد مبتكر، إذ قدم الثنائي "جذب" المتكوّن من مريم حمروني ومحمد برصاوي عرضهما الذي يحمل عنوان "وليا"، وهو مصطلح دارج في اللهجة التونسية يشير إلى "الأولياء الصالحين"، فكان العرض تجربة حسية وروحية جعلت من الصوت أداة تطهير وتحرير للذات.
وبصوتها الشجي، اخترقت مريم حمروني عواطف الجمهور في طقوس موسيقية مستلهمة من الإنشاد الصوفي والمدائح المغاربية فأدت "نادو لباباكم يافقرا" و"يا شاذلي يا بلحسن" و"نمدح الأقطاب" وغيرها من المدائح والأذكار وختمتها بترنيمة بعنوان "نكبة" استحضرت الوجع الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال الصهيوني أمام صمت العالم، فيما قدم برصاوي خلفيات موسيقية إلكترونية امتزج فيها الماضي بالحاضر والنغمة بالتأمل، حيث بدا هذا العرض أقرب إلى جلسة روحانية جماعية منه إلى عرض موسيقي.
وحسب ما جاء في تصريحات الثنائي "جذب"، تقوم مقاربة عرض "وليا" على إعادة تخيّل التراث بطريقة مبتكرة دون تكرار. وأكد الثنائي أهمية الاستلهام من التراث حفاظا على هذا الموروث الموسيقي الذي يمثل ذاكرة وطنية مشتركة.
وقد جمع بين سوداني و"جذب" في هذه السهرة توجّه يسعى إلى التحرر من القوالب الفنية الجاهزة وإلى بناء لغة موسيقية تونسية مبتكرة ومتصالحة مع جذورها وهويتها في الآن ذاته، حيث اختارت الأولى "البوب" وسيلة للتعبير عن الهوية الفردية المعاصرة، بينما اختار "جذب" الإنشاد كبوابة للاتصال مع الذات والذاكرة الجماعية.
وللتذكير فإن الموعد يتجدّد في سهرة اليوم الجمعة 18 جويلية مع الفن الرابع، إذ يتابع الجمهور مسرحية "كيما اليوم" للمخرجة ليلى طوبال وإنتاج مشترك بين المسرح الوطني التونسي و"الفن مقاومة"، وهي تجربة مسرحية مبتكرة تمزج بين الترميز والواقع، حيث تسرد قصة اختفاء الطفلة دنيا في ظروف غامضة بعد احتفالها بعيد ميلادها. هذا العمل الجديد هو ثمرة مسيرة تمتد لأكثر من أربعين عاما للفنانة ليلى طوبال في المسرح ويجسد رؤيتها في تقديم عروض مسرحية تحمل رسائل إنسانية كونية.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 311961