الأسبوع المقبل يسنكمل برنامج تعميمها ... خلية الفصل السريع في القضايا الجزائية، آلية قضائية جديدة للحد من طول الدعوى الجزائية

وات -
( تحرير مفيدة بن تواتى)- تستكمل وزارة العدل، الأسبوع القادم، برنامجا لتركيز خلايا الفصل السريع فى القضايا الجزائية كانت قد أطلقته سنة 2016، بالتعاون مع برنامج دعم إصلاح القضاء وبعثة الإتحاد الأوروبي بتونس، ليشمل جميع المحاكم الإبتدائية وعددها 28 محكمة، وذلك بتركيز آخر خلية بالمحكمة الابتدائية بتونس.
وتعد إشكالات بطء إجراءات التقاضي وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب بسبب إصدار الأحكام الغيابية وصعوبة تنفيذها، وهو ما يهدد أركان مقومات القضاء العادل والناجز، ويجعل من تطبيق الحق الدستوري في المحاكمة العادلة في آجال معقولة أمرا صعبا، من أهم الأسباب التى دفعت الأطراف المشرفة على المنظومة القضائية الى إقرار هذا البرنامج.
وشمل البرنامج، الذي يهدف الى التسريع في الفصل في القضايا التي ليس بها مظنون فيهم محتفظ بهم وتتطلب وقتا في إجراء الأبحاث والبت فيها، في مرحلته الأولى، ابتدائيات منوبة ونابل وبنزرت وبنعروس وزغوان وتونس 2 و قرمبالية وأريانة.
وتعد إشكالات بطء إجراءات التقاضي وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب بسبب إصدار الأحكام الغيابية وصعوبة تنفيذها، وهو ما يهدد أركان مقومات القضاء العادل والناجز، ويجعل من تطبيق الحق الدستوري في المحاكمة العادلة في آجال معقولة أمرا صعبا، من أهم الأسباب التى دفعت الأطراف المشرفة على المنظومة القضائية الى إقرار هذا البرنامج.
وشمل البرنامج، الذي يهدف الى التسريع في الفصل في القضايا التي ليس بها مظنون فيهم محتفظ بهم وتتطلب وقتا في إجراء الأبحاث والبت فيها، في مرحلته الأولى، ابتدائيات منوبة ونابل وبنزرت وبنعروس وزغوان وتونس 2 و قرمبالية وأريانة.
وبينت المعطيات التي توصلت اليها التفقدية العامة بوزارة العدل، بعد تقييم المرحلة الأولى من برنامج خلية الفصل السريع، تقلص آجال فصل القضايا الجزائية، وانخفاض عدد الأحكام الغيابية وحالات سقوط الدعوى العمومية والعقوبات بمرور الزمن وارتفاع نسب تنفيذ الأحكام الجزائية، لذلك تقرر تعميم البرنامج بداية من جوان 2018.
طول الدعوى الجزائية من هنات المنظومة القضائية .. الأحكام تصدر والعدالة لا تتحقق
أفاد المتفقد بالتفقدية العامة بوزارة العدل عبد الرزاق الحنيني لوكالة تونس افريقيا للأنباء (وات)، بأن فكرة وضع برنامج للفصل السريع في القضايا الجزائية طرح بعد تشخيص الصعوبات التى تعترض الدعوى الجزائية منذ باحث البداية الى غاية إصدارالحكم، قائلا إنه "رغم الجهود المبذولة من قبل الضابطة العدلية والقضاء من أجل تحقيق العدالة المرجوة، فإن النتائج المحققة تكاد تكون محدودة".
وتتمثل الصعوبات التى تم تشخيصها من قبل التفقدية العامة بالخصوص في طول مدة البحث على مستوى الضابطة العدلية، وتأخر بت النيابة العمومية في المحاضر، مما ينجر عنه الحاق الضرر بالمتقاضى وعدم انصافه في الحصول على حقه في النفاذ الى القضاء، وإصدار أغلب الاحكام بشكل غيابي وهو ما يؤدى الى صعوبات في تنفيذها.
وأضاف أن الاخلالات المرصودة جعلت من ثقة المتقاضي في القضاء والضابطة العدلية ضعيفة، وتعاظم الشعور بالإفلات من العقاب، علاوة على تعارض طول الدعوى الجزائية مع الفصل 108 من الدستور، الذي ينص على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة في أجل معقول، ومع جميع المواثيق الدولية التى صادقت عليها الدولة التونسية . وتابع قائلا " القضاء يصدر الأحكام ولكن على المستوى الملموس العدالة لا تتحقق، لوجود بطء في الاجراءات وتحكم اغلب الاحكام غيابيا"، مؤكدا أن التفكير في إيجاد الحلول لهذه الصعوبات نابع من ضرورة إعادة تنظيم هيكل النيابة العمومية لأن طريقة العمل الحالية لا تحقق النجاعة المطلوبة والقضاء على المدة الزمنية الطويلة بين البحث والمحاكمة.
وأشار الى أنه تم الاستئناس بالتجارب المقارنة على غرار التجربة الفرنسية وبما يمارسه القضاء والضابطة العدلية على مستوى التشريع التونسي الذى يتيح مجالات من الدعاوى الجزائية والافعال المجرمة قانونا للفصل فيها في آجال معقولة، على غرار جرائم التلبس والعنف المسلط على المرأة وقضايا متعلقة بدفع مال النفقة، الى جانب القضايا المحالة على القطب القضائي لمكافحة الارهاب والقطب القضائي الإقتصادي والمالي.
وأوضح الحنيني في هذا الصدد، أنه تم الإتجاه نحو إعادة التفكير في طريقة عمل المحاكم بتوسيع طريقة الفصل في هذه القضايا الجزائية لتشمل باقي القضايا، بإقرار إحداث خلية الفصل السريع، مبرزا أن مجال تدخل هذه الخلية يشمل الجرائم التي تمس الحياة اليومية للمواطن وأغلبها جنح، مثل العنف والخلاف بين الأجوار والمخالفات الاقتصادية، على غرار الترفيع في الاسعار وعدم اشهارها وحوادث المرور والإضرار عمدا بملك الغير.
وتتولى النيابة العمومية البت في المحاضر الجزائية باعتبارها صاحبة الاختصاص المطلق، وذلك بالشراكة مع الضابطة العدلية، التي تسرع في الابحاث المكلفة بها من قبل النيابة العمومية أو تتعهد بها مباشرة، على أن تتعهد خلية الفصل السريع بدورها في البت في المحاضر التى تحال عليها من قبل الضابطة العدلية.
وتنطلق عملية الفصل في قضية ما بتلقي باحث البداية شكاية جزائية، ويتولى مباشرة إعلام وكيل الجمهورية بانطلاق الأبحاث، وانطلاقا من ذلك تقوم النيابة العمومية باستدعاء المتهم والمتضرر في ظرف معقول لإعلامه بالقرار الذي تم اتخاذه وذلك تفاديا لطول نشر القضية وسرعة الفصل فيها.
وأكد المسؤول بوزارة العدل أن هذه الطريقة لا تتعارض مع مجلة الاجراءات الجزائية المعمول بها حاليا، بل هي منسجمة معها وستساهم بقدر كبير في تحقيق السرعة والنجاعة، معتبرا أن النتائج التي ستتحقق من خلال طريق الفصل السريع في القضايا الجزائية ستؤدى الى استرجاع ثقة المتقاضى في مرفق القضاء. وأفاد بأن التجرية الاولى، التي تم تنفيذها بالمحكمة الابتدايئة بمنوبة سنة 2016، حققت نتائج ايجابية، حيث تم تسليم 600 استدعاء لأطراف الدعوى الجزائية، حضر منهم 598 شخصا.
وكانت الاحكام في حدود 70 بالمائة منها غيابية و30 بالمائة حضورية، ثم انقلبت الالية وأصبحت نسبة الأحكام الحضورية 70 بالمائة والغيابية 30 بالمائة من جملة القضايا التى تتم معالجتها ضمن خلية الفصل السريع وذلك بعد 10 أشهر من انطلاق التجربة في محكمة منوبة.
إيصال الحقوق الى أصحابها من صميم مهام خلية الفصل السريع، والنتائج المحققة مشجعة وستقضى نهائيا عن ظاهرة طول الدعوى الجزائية
أكد سعيد بن رمضان وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بأريانة، التي انطلقت تجربة خلية الفصل السريع فيها منذ جوان 2018، أن هذه الخلية تضمن البت السريع في المحاضر الواردة على النيابة العمومية من الضابطة العدلية، في الجرائم التي لا تعالج بطريقة سريعة، وهي أساسا الجرائم اليومية التى يرتكبها المواطن التونسي والتى تنتج عن الحياة الاجتماعية، وأيضا الجرائم المتعلقة بحوادث المرور والجرائم البيئية.
وأوضح رمضان لــ(وات) أن ذلك لا يعني الارتجال في القرارات التي تتخذها النيابة العمومية، وإنما الضغط على العنصر الزمني الواجب لاتمام الابحاث الاولية من طرف أعوان الضابطة العدلية ولاتخاذ النيابة العمومية قرارا حفظا ام احالة، وذلك بهدف إيصال الحقوق إلى أصحابها في آجال معقولة وهو من صميم مهام خلية الفصل السريع.
وأضاف أن القضايا التي تبت فيها الخلية هي قضايا حساسة تمس من العلاقات داخل العائلة وبين الاجوار، مما يعنى أن التسريع في الفصل فيها قد يساعد، الى جانب تحقيق أركان العدالة، في تجنب حصول أضرار يمكن أن تطال المتضرر، وفي تفعيل آلية الصلح بالوساطة، وقال في هذا السياق " عندما يحضر المشتكى به والمتضرر أمام النيابة العمومية فإنه يمكن اجراء الصلح بالوساطة وبالتالى انهاء القضية في اجال معقولة دون اللجوء الى المحاكمة".
كما أن حضور المتضرر أمام المحكمة والذي تضمن له الخلية استلام استدعاء يمكنه من القيام بالحق الشخصي ومن طلب التعويض، حتى لا يبقي دون حماية خاصة أنه من شروط المحاكمة العادلة ليس فقط تسليط العقاب الرادع على المشتكى به وإنما تحقيق العدل بضمان تعويض عادل للمتضرر إن رغب في ذلك، وفق المتحدث.
وأكد أن التنسيق الفوري بين النيابة العمومية والضابطة العدلية أنهى التعطيلات الاجرائية المتعلقة بالخصوص في تحرير الأبحاث، ملاحظا انخراط الضابطة العدلية في هذه التجربة بشكل كلي، تجسد من خلال الارتفاع التدريجي لعدد الملفات الواردة على خلية الفصل السريع، وانخفاض نسبة الاحكام الغيابية الى 47 بالمائة بعد انطلاق التجربة من جوان 2018، بعد أن كانت في حدود 68 بالمائة، وارتفاع الاحكام الحضورية الى 53 بالمائة في جميع الدوائر، بعد أن كانت 32 بالمائة.
واعتبر وكيل الجمهورية أن النتائج الجيدة التى تحققت في بداية التجربة جعلت من المتقاضي، الذي كان منسيا في المنظومة القضائية، يثق في القضاء ولا يتخلى عن حقوقه، وعاملا رئيسيا من أجل مزيد تحسين ظروف العمل بخلايا الفصل السريع، عبر تعزيز الموارد البشرية من قضاة وكتبة ومعدات اعلامية لتسريع البت في القضايا الجزائية.
وتتكون خلايا الفصل السريع في القضايا الجزائية، من مساعد وكيل جمهورية يختاره وكيل الجمهورية، مع نائب له ينوبه عند الاقتضاء بالإضافة إلى كاتب خلية يتعهد بتحرير المحاضر وإعلام المتهم أو المتضرر .
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 179867