دفن جثث المهاجرين غير الشرعيين في مقبرة بجرجيس ... الوازع انساني والشكل مهين

باب نات -
/مكتب وات/ - تحرير روضة بوطار-هي قطعة أرض لا تمسح أكثر من ألف متر مربع تقع على سبخة بجرجيس كانت لسنوات قريبة مصب نفايات ولا زالت إلى اليوم تلقى بها فواضل البناء ... تم تخصيصها لدفن المهاجرين غير الشرعيين الذين يلفضهم البحر من حين لآخر أو يعثر على جثثهم البحارة وقد طفت على سطح بحر جرجيس.
تحويل هذه الارض الى مقبرة للمهاجرين السريين كان منذ نحو عشر سنوات وقد وصل عددهم أكثر من ثلاث مائة مهاجر علما وانه تم دفن آخر مهاجر سري بهذه المقبرة منذ ما يقارب الشهرين .
تحويل هذه الارض الى مقبرة للمهاجرين السريين كان منذ نحو عشر سنوات وقد وصل عددهم أكثر من ثلاث مائة مهاجر علما وانه تم دفن آخر مهاجر سري بهذه المقبرة منذ ما يقارب الشهرين .
قبور بعض المهاجرين مرقمة رغم ان اصحابها مجهولو الهوية باستثناء اثنين خضعا إلى التحليل الجيني وفي هذا الاطار تم التعرف على صاحبة قبر وهي النيجيرية روزا ماري الوحيدة التي هلكت في عملية هجرة غير شرعية من ليبيا في شهر ماي الماضي بحسب قريبتها التي كانت من بين الناجين.
داخل هذه المقبرة الضيقة يروي المتطوع من الهلال الأحمر التونسي والناشط المدني شمس الدين مرزوق الذي سخر اغلب وقته لدفن الجثث بعد أن تنتهي مهمة الحماية المدنية والحرس البحري والهياكل الصحية تفاصيل كل عملية دفن ليشير باصبعه إلى كل قبر قائلا" هذا القبر هو لاصغرهم طفل في الخمس سنوات وهذا آخر عثر عليه رفقة سيدة فرجح أن تكون أمه ليتم دفنهما جنبا لجنب".
يتذكر شمس الدين حالة كل جثة ومدى تاكلها ودرجة تعفنها فيذكر بألم وتأثر جثثا فقدت أحد أعضائها وأخرى طالتها تشوهات كبرى كما يذكر تاريخ العثور عليها وتاريخ دفنها.

رغم حساسية المهمة وصعوبتها إلا أن دفن هذه الجثث حسب شمس الدين خيار هو عمل إنساني لا ينتظر منه مقابلا ولا شكورا بل يمارسه فقط لاكرام الميت وخاصة بالنسبة لمهاجرين سريين خيروا الهروب من جحيم الواقع الذي كانوا يعيشونه لذلك فانه من الظلم أن يهانوا حتى عند مماتهم حسب تعبيره.
ويرى أن ضحايا الهجرة غير الشرعية وأغلبهم من الأفارقة ممن انتهت بهم رحلة الموت بسواحل جرجيس لاقوا الويلات وتعذبوا قبل الوصول إلى ليبيا من أجل تحقيق حلمهم المنشود المتمثل في الوصول إلى أوروبا غير انه سريعا ما يقفوا عند زيف احلامهم ويستفيقوا على كارثة تحيل أو غرق تنتهي بهم في إحدى المبيتات المخصصة لهم بمدنين أو بمقبرة جرجيس التي اكتضت بهم ولم تعد قادرة على استيعاب جثث أو ضحايا جدد اذ لم يعد بهذه المقبرة سوى مكانين لقبرين اثنين .
يحلم شمس الدين بتخصيص مقبرة لائقة لضحايا الهجرة تحترم الذات الإنسانية بل هو يذهب إلى أبعد من ذلك تخصيص مقبرة تحفظ الذاكرة وتكون قبلة للزوار والسواح تحكي ظاهرة إنسانية وتعطي شهادة اخرى لتونس في احترامها للانسان وصيانة حقوقه وخاصة أيام استقبالها لالاف المهاجرين واللاجئين من ليبيا وكذلك اكرام ضحايا رحلات زوارق الموت بدفنهم .
ولا يتوقف شمس الدين عن متابعة أخبار المهاجرين ليترصد أنباء الناجين منهم ممن وصلوا السواحل الإيطالية ويبقى ينتظر العثور على أولى جثث غرقى عمليات الهجرة غير الشرعية ليترقب هذه الأيام مع بداية حصول تغيرات في العوامل الجوية ظهور جثث يسبب غرق مركب قرب السواحل التونسية على متنه مائة وعشرون مهاجرا افريقيا نجا منهم شخص وحيد هو الآن في المبيت المخصص لهذه الوضعيات بمدنين.
وينشغل تفكير شمس الدين بكيفية التعامل مع هذه الجثث رافضا قطعا عملية الدفن الجماعي التي تم الالتجاء اليها في سنوات ماضية مطالبا الحكومة التونسية والمنظمات الإنسانية وأهل الخير بأن يوفروا قطعة أرض تكون "مقبرة الغرباء" لائقة ومحترمة لجثث المهاجرين أو استغلال مقبرة النصارى المعروفة بجرجيس بعد توقف الدفن داخلها.
ويرى أن أعداد جثث المهاجرين تبقى في ازدياد ولن تتوقف مادام نزيف الهجرة غير الشرعية قائما فمنذ شهر جانفي إلى شهر جوان تم انتشال ثلاثة وثمانين جثة منها 33 جثة في شهر جوان فقط.
وجعلت الهيئة الجهوية للهلال الأحمر التونسي من ايجاد قطعة ارض لتحويلها الى مقبرة لضحايا الهجرة مطلبها الملح الا ان عدم توفر رصيد عقاري لبلدية جرجيس حسب منجي سليم رئيس الهيئة الجهوية للهلال الاحمر دفعها الى المبادرة منذ عشرين يوما بجمع تبرعات لشراء ارض وتسييجها بعد أن تسلمت من اللجنة الدولية للصليب الأحمر سيارة ستخصص لنقل الجثث عند الدفن علما وان نقل الجثث كان يمشل اشكالا آخر في ظل عدم توفر وسيلة نقل للغرض .
ويسعى الهلال الأحمر إلى وضع بنك للتحليل الجيني في مرحلة قادمة وفق تصريح الدكتور سليم لوات والذي يأمل في تخصيص مقبرة تليق بالذات البشرية حسب قوله.
ورفع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بإلحاح نفس هذا المطلب في الحصول على قطعة أرض لتخصص كمقبرة لضحايا الهجرة السرية داعيا الحكومة إلى تخصيص قطعة أرض من الملك العام أو البلدي الخاص للغرض .
ودعا في بيان أصدره مؤخرا إلى التنسيق مع المنظمات الوطنية والدولية والى جمع المعلومات الخاصة بالمهاجرين وتسجيلها في قواعد بيانات مركزية يمكن الوصول إليها من قبل جميع المؤسسات وتمكن عائلاتهم من معرفة مصيرهم.
ووصف البيان التعامل مع جثث المهاجرين الذين قضوا حتفهم في حوادث غرق مراكب الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من السواحل الليبية باللاانسانية بسبب دفنهم في قطعة أرض كانت سابقا مصب فضلات رغم جهود بعض المتطوعين في جرجيس لدفن الضحايا بالامكانيات المتاحة.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 148130