لا يكاد يمضي يوم واحد من دون خبر أو أكثر عن فضيحة العفو الرئاسي في آخر أيام بيل كلينتون

لا يكاد يمضي يوم واحد من دون خبر أو أكثر عن فضيحة العفو الرئاسي في آخر أيام بيل كلينتون في البيت الأبيض. وكنت فقدت الاهتمام بالموضوع، غير ان كثرة التفاصيل اقنعتني قرب نهاية الشهر الماضي بأن أجمع الأخبار المتوافرة، وعندما زدت اليها من الانترنت والمراجع الأخري نبذاً عن الأسماء الواردة أو معلومات عن الأحداث، وجدت امامي اكثر من 400 صفحة قضيت نهاية الأسبوع الماضي في قراءتها وترتيب افكاري عنها، وسأحاول ان انقل الي القارئ اليوم وغداً صورة عن الموضوع المستمر طالما استمر التحقيق القضائي في ملابسات العفو.
وفي حين ان العفو عن مارك ريتش يظل اهم جزء من العفو والتحقيق فيه، فإن الفضيحة القت ضوءاً علي أسرتي كلينتون ورودام (أسرة هيلاري)، وأثبتت صدق المثل الأميركي ان الإنسان يستطيع ان يختار اصدقاءه، ولكنه لا يستطيع ان يختار افراد اسرته.
روجر كلينتون، وهو أخ غير شقيق للرئيس السابق، حصل علي عفو لنفسه بعد ادانته في قضية كوكايين، وكان يمكن ان يمر هذا العفو من دون ضجة، لولا ان تبين ان روجر يحاول الحصول علي عفو لستة من أصدقائه متهمين بتعاطي المخدرات أو الاتجار بها. وفي حين لم يعف عن أحد من هؤلاء، فقد زعم رجلان من تكساس ان روجر اخذ منهما 200 ألف دولار لتأمين العفو عن قريب لهما، أيضاً في قضية مخدرات، اذ يبدو ان روجر لا يعرف احداً خارج جماعات المخدرات، ادماناً وتجارة. وهناك تحقيق دائر.
أما هيلاري رودام كلينتون، فقد انتُقدت عندما تبين ان اخاها هيو رودام، وهو محام، قبض 140 ألف دولار في مقابل تأمين العفو عن متهم بالنصب والاحتيال وتجارة المخدرات. وقد أجبرته اخته علي رد الفلوس، وزعمت انها لم تكن تعرف عن الموضوع، الا ان هناك تحقيقاً.
وكان هيو رودام توسط ايضاً في العفو عن كارلوس فينالي، وهو تاجر مخدرات من لوس انجليس ضبط وهو يشحن 800 رطل انكليزي من المخدر كراك ، وحكم عليه سنة 1994 بالسجن 15 سنة، والواقع ان سياسيين ورجال دين توسطوا ايضاً للعفو عن فينالي، وخفض كلينتون الحكم عليه، والضجة مستمرة، وكذلك التحقيق.
وسعي توني رودام، وهو شقيق آخر لهيلاري، لتأمين العفو عن زوجين من تنيسي دينا في محاولة نصب واحتيال مصرفية، وقد وسعت ماري جو وايت، المدعي العام في نيويورك، تحقيقها في ملابسات العفو التي بدأت بثلاثة أسماء، لتشمل آخرين بينهم جميع الذين توسط لهم اخو الرئيس وشقيقا زوجته.
وتستطيع هيلاري كلينتون ان تقول انها غير مسؤولة عن اعمال شقيقها، الا انها هي أيضاً تحت التحقيق، وربما كانت قضيتها الأهم بعد مارك ريتش.
الواقع ان فضيحة نيوسكوير، وهي بلدة لليهود المتدينين (الحسيديم) في نيويورك، أطلت برأسها قبل صدور العفو الرئاسي في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، فعندما ظهرت نتيجة الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لاحظ مراقبون ان هيلاري كلينتون فازت بجميع اصوات الناخبين في البلدة، وتحديداً نالت 1400 صوت مقابل 12 صوتاً فقط لمنافسها الجمهوري، وازداد استغراب المراقبين عندما اكتشفوا ان المرشح الجمهوري حصل علي غالبية في ضاحيتين مجاورتين لليهود الأرثوذكس.
وجاء الجواب خلال شهرين، فالعفو الرئاسي شمل خفض الأحكام عن أربعة يهود من البلدة هم: كالمن ستيرن وديفيد غولدستين وبنجامين بيرغر وجاكوب ايلبوم، دينوا سنة 1999 في عملية نصب واحتيال علي الحكومة، إذ حصلوا علي 40 مليون دولار كمساعدات لمدارس دينية تبين للمحققين انها غير موجودة، وخفض كلينتون الحكم عليهم من حد اقصي هو 78 شهراً الي حده الأدني وهو 30 شهراً.
وحاولت هيلاري كلينتون ان تنكر وجود علاقة بين العفو ونتيجة التصويت، الا ان هناك من المحققين في نيوسكوير اليوم اكثر مما كان عندما دار التحقيق حول المدارس الوهمية، وفي كل يوم اكتشاف جديد، ويبدو ان هيلاري عقدت اتفاقاً مع كبير حاخامي البلدة وهو الحاخام ديفيد كويرسكو، ودعته وزوجها الي البيت الأبيض في 22 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
هناك الآن التحقيق القضائي في نيويورك، وأهم منه تحقيقان في الكونغرس، احدهما للجنة قانونية، والآخر للجنة القيم في مجلس الشيوخ، وهذه لم تطرد عضواًَ منذ أوصت سنة 1995 بطرد السناتور بوب باكوود، وهو جمهوري من اوريغون، بتهمة التحرش الجنسي، فاستقال قبل طرده (باكوود اصبح في آخر أيامه صهيونياً ملتزماً بقضايا اسرائيل وساعده اللوبي اليهودي كثيراً الا انه لم يستطع ان يحميه في النهاية).
لا اعتقد شخصياً ان هيلاري كلينتون ستطرد من مجلس الشيوخ، فهذا منقسم مناصفة، بين الجمهوريين والديموقراطيين، ولا يرجح كفة الحزب الحاكم سوي حق نائب الرئيس تشيني في التصويت. والعادة ان يصوت اعضاء الحزبين ما يعكس الولاء للحزب لا لنتائج التحقيق.
كل القضايا السابقة موضع تحقيق الآن، غير ان قضية مارك ريتش، وشريكه بنكوس غرين، تظل الأهم، وقطعاً الأكثر اثارة، فهي تجمع كل العناصر المشوقة في رواية من مال وجنس وفساد وجاسوسية دولية.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 822