تحرير أم استعباد

فى الندوة الصحفية التى عقدها جماعة حزب التحرير الأسبوع الماضي ذكر الأمين العام لهذا التنظيم السياسى أن حزبه يعتمد على نطام الخلافة كمبدأ أساسي للعمل السياسي ورغم غرابة هذا المبدأ الذي ينوي حزب انشىء في مرحله عاشت فيها تونس ثورة فريدة لم يعرف لها تاريخ البشرية مثيلا اعتماده فإنه يمكن من من منطلق القبول بمبدأ الاختلاف في الرؤى والأهداف اعتبار الأمر مباحا... لكن حين يؤكد نفس المسؤول فى أول ندوة صحفية يعقدها الحزب أنه سيمنع في حالة وصول حزبه إلى الحكم نشاط الأحزاب التي تخالفه المرجعية الفكرية فإن الأمر يصبح مختلفا ويدعو إلى التساؤل عما إذا كان المسؤول الأول عن هذا الحزب يعي حقا معنى ما بشر به من تعسف على الاحزاب التى تختلف مرجعيتها عن مرجعية حزبه ويدرك ما أفصح عنه من إنكار صريح لحق اختلاف بقية الأحزاب الموجودة فى الساحة عن حزبه ... إنه أمر على غاية من الخطورة يجيز التساؤل عما إذا كان الحزب الذي يتزعمه عبد المجيد الحبيبي الذى ما كان له ليخرج الى الناس ليعلن عن تأسيس حزبه لولا ما أتاحته الثورة المباركة له ولغيره من مناخ انعتاق وحرية - حزب تحرير أم حزب استعباد بما ضبطه من مبادئ لا أعتقد أن هناك من يشاطره الرأي فيها ويتفق معه على اعتناقها من خارج التنظيم الذي يتزعمه والذي يبشر بالعودة بتونس إلى عهود سحيقة من التسلط والاستبداد والعبودية الموغلة في التخلف والظلامية.
إن حزبا يدعي التحربر ويتخذ من إقصاء الأخر مبدأ لا يثير في الرأفة على التونسيين الذين أبهروا العالم بوعيهم ونضجهم وتوفقهم في صنع ثورة نموذجية بقدر ما يثير الشفقة على قادة هذا الحزب وأتباعه الذين أقصوا بفلسفة تنظيمهم الغريبة أنفسهم من «اللعبة السياسية » ووقعوا على صك فشلهم قبل انطلاق نشاطهم الفعلي أصلا

وإنى أزعم - بل أجزم - أن حزبا كهذا الذي ارتدى جماعته عباءة العصر الجاهلي لن يكون له مكان أو شأن في بلد متحضر وبين شعب مستنير أطرد بأسلوب راق وبذكاء نادر طاغية أراد أن يفرض عليه جبروته ويدوس كرامته ويسلبه إرادته ويغتصب حقه في العزة والحرية ويستعبده...
ويقينى أن الشعب التونسي لن يقبل مرة أخرى بأن يحتكر مصيره طاغية جديد تحت أي غطاء مهما كلفه ذلك من نضال وتضحية ... وأعتقد أن رسالة من ثاروا على نظام بن علي الجائر وأطردوا الطغاة من أرضهم الطيبة كانت واضحة ولا تقبل المساومة والمزايدة والمراوغة
الحسين ادريس

Comments
42 de 42 commentaires pour l'article 33591