مليارديرات العرب وثرواتهم

<img src=http://www.babnet.net/images/imgfes/atwan.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم عبد الباري عطوان- خبر صغير نشر على استحياء في ذيل الصفحات الاخيرة في بعض الصحف العربية يقول ان اربعين مليارديرا امريكيا تعهدوا، والتزموا بتخصيص نصف ثرواتهم على الاقل لخدمة الاعمال الخيرية والانسانية، تجاوبا مع حملة اطلقها بيل غيتس، مؤسس شركة 'مايكروسوفت' العملاقة، وزميله الملياردير الآخر وارين بافيت.
غيتس، وبافيت، ضربا المثل للآخرين بالتنازل عن نصف ثروتيهما التي تقدر باكثر من خمسين مليار دولار، للاعمال الخيرية، وقالا ان هذا افضل بكثيرمن ترك هذه الثروة الهائلة للورثة، فالانسانية اهم بكثير من مجموعة من الابناء المدللين، حسب غيتس الذي قال ان 'الثروة عليها مسؤوليات ايضا'، وقد برهن ذلك عمليا من خلال تأسيس مؤسسة خيرية ادارها مع زوجته، وحققت انجازات كبيرة، في تخفيف معاناة الفقراء، والمحرومين، ابرزها القضاء على مرضي الملاريا، وشلل الاطفال، في العالم النامي.
نشعر بالحسرة، والخجل معا عندما نرى مليارديرات امريكيين يقدمون على مثل هذه الخطوة، وآخرين من زملائهم ينضمون اليها بحماسة، ولا نرى من بين الاسماء اسما عربيا واحدا. والاكثر من ذلك ان الملياردير الوحيد الذي ادار ظهره لها، ورفض الانضمام اليها، وسخر منها، كان من اصل عربي، وهو الملياردير كارلوس سليم المكسيكي الذي يعتبر اغنى رجل في العالم، وفقا لتصنيف مجلة 'فوربس' الامريكية. فقد نقلت صحيفة 'لاجورنادا' اليومية المكسيكية عنه قوله 'ان التبرع بنصف ثروته بهذه الطريقة سيكون امرا سخيفا' مضيفا 'يجب اقراض هذه الاموال لتدشين مشروعات اجتماعية مهمة وتكليف اشخاص معينين اكفاء بمسؤولية تنفيذها'.

لا يوجد احصاء دقيق بعدد المليارديرات العرب وحجم ثرواتهم، ولكن هناك اسماء عديدة معروفة تبرز بين الحين والآخر بين سطور مجلات اجنبية متخصصة في هذا الشأن، بعضهم امراء او ملوك او رجال اعمال، ناهيك عن المليونيرات وهم بعشرات الآلاف. ولكن ما هو دقيق ان معظم هؤلاء يتصدرون عناوين الصحف واقسام الاجتماعات في المجلات المصقولة الملونة بسبب طائراتهم الخاصة العملاقة ذات المراحيض او الصنابير الذهبية، او اليخوت الفارهة الراسية في جنوب فرنسا، او جنوب اسبانيا، تتنافس فيما بينها بطولها وعرضها وعدد غرفها.



وحتى اذا تبرع بعضهم ببضع عشرات او مئات الآلاف من الدولارات، فان هذه التبرعات تقترن دائما بالتمنن، وامام رهط من الكاميرات التي تسجل هذا الحدث الجلل، وتوزعه على عشرات المحطات التلفزيونية، والصحف التابعة للمتبرع، والتي انشئت غالبا من اجل هذا الغرض الى جانب اسباب اخرى ليس هنا مجال سردها.
*
الاثرياء العرب مطالبون اكثر من زملائهم الامريكان، والغربيين ـ بتخصيص جزء من ثرواتهم لاعمال الخير، فمعظم هؤلاء كونوها، اي الثروات، من خلال اعمال 'غير شرعية'، او حصلوا عليها كعمولات لصفقات اسلحة لم تستخدم مطلقا في اي حرب من حروب الامة ضد اعدائها، بل استخدم بعضها لاحتلال دول عربية، بعد تدميرها.
الغالبية العظمى من المليارديرات العرب كونوا ثرواتهم الضخمة بسبب فساد الانظمة التي هم جزء منها في الغالب، وغياب المحاسبة، والشفافية، وتغول عمليات نهب المال العام، او غسيل الاموال، او كل هذه النماذج مجتمعة.
سمعنا عن عشرات الملايين جرى توظيفها في قنوات الخلاعة، او التجهيل وتخريب عقول الاجيال القادمة، وتغريب اذواقها وتطلعاتها، ولم نسمع عن تأسيس او بناء مؤسسات ثقافية علمية او انسانية محترمة الا ما ندر.
اكثر من نصف العالم العربي يعيش تحت خط الفقر، اي اقل من دولارين يوميا، وشاهدنا العاهل السعودي عبد الله بن عبدالعزيز يزور مدن الصفيح المحيطة بمدينة الرياض عاصمة الدولة النفطية الاغنى في العالم تقريبا، حيث البؤس في ابشع صوره واشكاله، وبطريقة لا يمكن ان يصدقها عقل.
واذا ذهبنا الى دول عربية شقيقة مثل اليمن الذي يحتل مكانة بارزة على قائمة الدول العشرين الاكثر فقرا في العالم نجد ان الجوع والمرض القاسم المشترك للغالبية العظمى من المواطنين، وما يصل هذا البلد من اشقائه هو فتات الفتات.
نعترف ان المسؤولية الاكبر تقع على عاتق الدول والحكومات، فهي الملزمة بتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها، وتوفير الحد الادنى من الخدمات الضرورية من تعليم وطبابة وفرص عمل، ولكن اذا كانت هذه الدول فاسدة، محكومة من انظمة ديكتاتورية قمعية، وتعتبر رفاهية المواطن وسلامته في ذيل اهتماماتها، فان الاثرياء الذين كونوا ثرواتهم من اموال الشعب مطالبون بان يتحملوا مسؤولياتهم وان يردوا بعض هذه الاموال اليه، من خلال اقامة مؤسسات خيرية تعنى بشؤون المرضى والعجزة والمعاقين، وتوفير الحد الادنى من التعليم في منطقة تزيد نسبة البطالة فيها عن ستين في المئة.
المليارديرات الاجانب الذين خصصوا نصف ثرواتهم لاعمال الخير، كونوا هذه الثروات بطرق مشروعة ومن عرق جبينهم او ثمرة ابداعهم ودفعوا الضرائب لخزائن بلادهم، في ظل نظام محاسبة صارم، وشفاف، ومع ذلك لم يتورعوا عن الالتزام بمساعدة المحتاجين والضعفاء ليس في بلادهم فقط، وانما في جميع انحاء العالم دون تفرقة او تمييز، بينما لا يدفع مليارديراتنا اي ضرائب لخزائن الدولة، وكيف يدفعون وهم الدولة اساسا، والحلفاء الرئيسيون للحكم وورثته.
من حق هؤلاء ان يتركوا ثروة لابنائهم، ولكن هل من العدالة ان يبدأ هؤلاء حياتهم، بل ان يفتحوا اعينهم على المليارات، ومئات الملايين من اقرانهم جياع لا يجدون لقمة العيش؟ ثم هل هذا النسل المترف يستحق هذه المليارات، بل هل يحسن استخدامها ويقدم صورة ايجابية عن عقيدته وامته؟
*
نتردد كثيرا بالتذكير بالقضايا الوطنية، وتكدير صباح هؤلاء ويومهم، خاصة ونحن في نهاية موسم الاجازات الصيفية، لاننا نعرف مسبقا ان الاستجابة لدعم القضايا الوطنية شبه معدومة، ولكننا لن نتردد في مطالبتهم، ومعظمهم يتقدم بهم العمر بان يتذكر آخرته، وضمور غرائزه ويقدم على اعمال خير انسانية قبل فوات الاوان.
لا مانع ان يتنافسوا فيما بينهم على جمع المليارات، وزيادة تضخم ارصدتهم في البنوك، والتباهي فيما بينهم، فهذا حق مشروع، ولكن ليتهم يتنافسون ايضا في عمل الخير، فهذه لذة لا تضاهيها اي لذة اخرى، فهل هناك متعة اجمل من رسم ابتسامة على شفاه الاطفال، او اعادة الصحة الى عليل، او انتشال اسرة من الفقر، او مساعدة ضحايا الفيضانات والزلازل في بلاد اسلامية مثل باكستان وبنغلاديش تظاهرت دائما لنصرة قضايانا ولم نتظاهر مطلقا لنصرة قضاياها؟
لا نحسد هؤلاء على ملياراتهم او ملايينهم، ولا نبالغ اذا قلنا العكس تماما، اي اننا نشفق عليهم وهم يعيشون في قصور او يخوت او طائرات خاصة معزولين عن البشر، في حياة بلاستيكية بلا طعم او رائحة، محاطين بمجموعة من المنافقين او مزوري الهوية من شدة عمليات التجميل والشد والتكبير والنفخ.
نكتب هذا الكلام بمناسبة حلول الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والبركة والتضحية، شهر تحسس معاناة الفقراء والمحرومين. لسنا وعاظا، ولكننا نقرع ناقوسا لعلنا نوقظ بعض الضمائر النائمة، ونذكرها بالحد الادنى من واجباتها. وكل عام وانتم بألف خير.
القدس العربي


Comments


14 de 14 commentaires pour l'article 29143

يمسيكم بالخير  (United States)  |Jeudi 12 Août 2010 à 21:11           

أولا: دون أن نبخس حق هؤلاء الأثرياء الأمريكيين فما بادروا به يعد قمة في الرقي والتحضر ونموذج مشرف لدور رجال الأعمال في مجتمعاتهم. ولكن ما فات السيد عطوان أن قانون الضرائب في أمريكا له تأثير بالغ في هذه الخطوة وذلك لأن القانون الضريبي جوهره ما يسمى توزيع الثروات لأجل أن لا تتكدس مع مرور الوقت ثروات هائلة في يد عائلات قليلة وتنشأ بذلك أرستقراطيات مثلما هو الحال في أوروبا. لهذا فالقانون الضريبي معقد جدا ومكلف جدا أيضا إذ تصل نسب الضرائب إلى 55% من
القيمة الجملية للإرث أو التركة. وهكذا يذهب نصف التركة إلى الخزينة العامة بالقانون الذي لا مفر منه ومن غير مزية ولا يكثر خيرك. من جهة أخرى يشجع القانون على التبرع ولذلك توجد الآلاف من المؤسسات الخيرية ولا تكاد تخلو جامعة أو معهد دراسات عليا من وجود قسم أو كرسي دراسي لمواطن أمريكي عادي كل ما يميزه أنه جعل من تلك الجامعة أو ذاك المعهد مستفيدا من تركته. طبعا القانون الأمريكي مختلف تماما عن قوانين المكسيك أو الدول العربية.

ثانيا: يجعل السيد عطوان من كل رجل أعمال عربي سارقا وانتهازيا وعديم ذمة وووو وبعد كل ذلك يطالبهم بالتبرع وهذا أسلوب عليه مآخذ كثيرة . فصحيح أن استغلال السلطة عند العرب يؤدي غالبا إلى نهب الثروات وتكديسها بطرق غير شرعية وبسرعة فائقة ولكن الصحيح أيضا أن هناك الكثير من رجال الأعمال الذين كدوا وحققوا ثرواتهم بمجهودهم الخاص والصحيح أيضا أن الإلتزام بقيمة الزكاة والصدقات والتآزر العائلي عند العرب والمسلمين قل وجوه عند الأمريكيين أو غيرهم.

رمضانكم مبروك ولا تنسوا اخوانكم وجيرانكم وخاصة من تمنعه عزة نفسه أو نفسها من طلب العون.لسنا بحاجة أن نكون أثرياء حتى نحدث الفارق.

El barrani  (Belgium)  |Jeudi 12 Août 2010 à 18:53           
Cet article bien qu'audacieux dans son exposé, reste en deçà de la réalité et dédouane ces mêmes milliardaires arabes, de leur responsabilité historique dans l'endettement des pays du tiers monde. leur fortune est certes légitime, mais amorale, non pas parce qu'ils la dilapident dans des futilités, mais pour leur "autisme" (ne pas recycler les surplus engendrés par les intérêts des pétrodollars) dans l'allègement des souffrances de ce monde:
ce mécanisme a été démontré c'est un secret de polichinelle, je cite pour cela tariq ramadan :"dans les années 70, les pays exportateurs de pétrole ont entre leurs mains des sommes faramineuses qu’ils doivent investir alors que, au même moment, les pays du sud ont besoin de devises, en partie pour se procurer le pétrole devenu plus cher. l’équilibre paraît idéal : le surplus des premiers pourra être prêté aux seconds et ainsi les deux partis y
trouveront leur compte....
les pays exportateurs vont pourtant faire appel aux banques occidentales pour opérer ce transfert et ainsi mettre en mouvement le terrible processus d’endettement que nous connaissons aujourd’hui...
les gestionnaires des pays porteurs de la tradition islamique vont agir sans grand souci moral et sans état d’âme.... la dette aujourd’hui, née du processus que l’on aurait pu éviter, provoque la mort d’une moyenne de 10 000 personnes par jour. les pétrodollars de toutes les espérances vont servir les intérêts des grandes puissances auxquelles désormais les pétromonarchies sont liées....
il faut faire le compte aujourd’hui de l’horreur provoquée par l’endettement des pays pauvres
et par l’asservissement général qui en découle et il faut, de la même façon, prendre la mesure de l’écart qui existe entre les beaux discours parsemés de références à la grandeur de l’islam et les pratiques financières les plus troubles et les moins avouables. l’hypocrisie est totale". (extraits de tariq ramadan : les musulmans et la mondialisation)
les pays riches arabes deviennent de plus en plus riches et gaspilleurs (au superlatif), alors que les pays pauvres arabes deviennent de plus en plus pauvres et endettés !!! y a t-il un lien de causalité? probablement non!!! par-contre il y a une moralité: rien ne se crée, rien ne se perd, tout se comptabilise.

Khalil  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 23:46           
@mohamed

http://fr.wikipedia.org/wiki/abdel_bari_atwan

   (United States)  |Mercredi 11 Août 2010 à 23:39           
Wow,ce commentaire est terrifique. est-ce qu,il ya quelqun me peux dire d,ou ce mr. abdelbari atwane. c,est un vrai intellectuel, et un journalit superieur. je lis ses commentaires tout le temps.

Abu hayen  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 17:28           
بربي الكلام هذا ما يخليش زعمة واحد من اثرى اثرياء العالم يحشم على روحه وهو وقاعد يصرف في فلوسه على الكليبات التافهة والافلام الي تفسد في خلق ربي والطايارات الخاصة والقصور

Loulou  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 15:12           
Moch sa7afa boudourou mta3na ya koura ya fan wdima labes

PAIX  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 13:43           
يعطيه الصحة عاى هالمقال
ماذا بينا اشباه الصحافيين يتعلمو يكتبو حتى شوية كيفو

Aida  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 13:28           
فلوس العرب تتصرف على الفرش فقط
لا علم و لا هم يحزنون
اعمل احصائية تلقى الراقصات و المغنيات متع عقاب السهرة تروح معاه
تلقاهم اغنى الاغنيات
من غير ما نحكيو على الخنار

Aida  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 13:24           
الله يرحم والديك على كل كلمة قلتها
فلوس العرب من الحرام و ماشية للحرام

Zakariya  (Poland)  |Mercredi 11 Août 2010 à 13:18           
مقارنة صغيرة مع المقالات إلي تتكتب في الجرايد التونسية ، تفهم... صحافيين متاعنا تاعبين بالضبط...و بخصوص المقال...عبد الباري أستاذ ومفكر أصيل ...الله يحفظه

Dorra  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 11:28           
ينصر دينك يا أستاذ
هاذكم هوما العرب يكدسو الفلوس من حلاله وحرامه
ماتت قلوبهم وضمائرهم وإنسانيتهم من زمان
الله غالب نساو اللي ربي موجود في الوجود وباش يحاسبهم على كل ذرة من أعمالهم وباش يسألهم آش عملو لفائدة المسلمين وقضايا الأمة

P'tit lou  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 10:28           
@ammar : on ne peut pas comparer des incomparables.

Ammar  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 09:42           
A comparer avec les articles de nos journeaux!

Aminkine  (Tunisia)  |Mercredi 11 Août 2010 à 00:27           
Eh oui
il a parfaitement raison...


babnet
All Radio in One    
*.*.*
French Female