تزوج وفكر في الانتحار

قرأت أخيراً: أمامك احتمالان, ان تصيبك جرثومة أو لا تصيبك, وإذا أصابتك فأمامك احتمالان أن تمرض أو لا تمرض, وإذا مرضت فأمامك احتمالان أن تشفى أو تموت, وإذا مت فأمامك احتمالان...
هذه طرفة, أما الواقع فالاحتمالان هما سيء واسوأ منه. ولم أكن بحاجة إلى من يذكرني بسوء الأوضاع, غير أن عالمة الاجتماع الأميركية ليندا ويت تطوعت بزيادة معلوماتي من دون طلب, فقد وقعت على دراسة مستفيضة لها شملت خمسة آلاف مطلق ومطلقة, وهي وجدت أن هؤلاء, بعد خمس سنوات من الطلاق, لا يزالون تعساء كما كانوا وهم متزوجون.
هذه طرفة, أما الواقع فالاحتمالان هما سيء واسوأ منه. ولم أكن بحاجة إلى من يذكرني بسوء الأوضاع, غير أن عالمة الاجتماع الأميركية ليندا ويت تطوعت بزيادة معلوماتي من دون طلب, فقد وقعت على دراسة مستفيضة لها شملت خمسة آلاف مطلق ومطلقة, وهي وجدت أن هؤلاء, بعد خمس سنوات من الطلاق, لا يزالون تعساء كما كانوا وهم متزوجون.
وبما انني كنت قرأت قبل ذلك: ابق عازباً وتعيساً. تزوج وفكر في الانتحار, فإن دراسة العالمة الأميركية تعني ان الانسان لن يسعد عازباً أو متزوجاً أو مطلقاً, فالسعادة هي رابع الغول والعنقاء والنحل الوفي.

اركب رأسي وأقول ان هناك كثيرين متزوجون وسعداء, وأنا منهم, وقد أكدت لي زوجتي ذلك. ولا بد أن القارئ سعيد مثلي, وحتى أخمص قدميه, أو الى (شوشته), ان كانت أم العيال تركت شعراً في رأسه.
يقولون ان المرأة تتزوج وهي تأمل ان تغير زوجها وتفشل, والرجل يتزوج وهو يأمل ألا تتغير زوجته ويفشل. ولعل هذا هو سبب المشكلة من دون مراقبة خمسة آلاف مطلق ومطلقة.
الدراسة ليست من دون فائدة فهي تظهر ان بالامكان ان يكون أحد طرفي الزواج تعيساً, فيما الطرف الآخر يعتقد أنه في نعيم, أما بالنسبة الى الطلاق, فبعضه ضروري لأن هناك حالات تختلف شخصية الزوجين فيها الى درجة يستحيل العيش معها.
وتنصح العالمة ليندا ويت المطلق (والمطلقة) الذي يريد الزواج من جديد أن يفهم الخطأ أو الأخطاء التي أدت الى الطلاق الأول, وأن يقدر أن الأخطاء هذه لم يرتكبها الطرف الآخر في الزواج الفاشل وحده.
ولكن مع ذلك تبقى مشكلتان, فالذي يتزوج من جديد يخدع نفسه بالاعتقاد أنه تغير, لأن التغيير لا يأتي بقرار, والطبع يغلب التطبع. ثم ان الرجل أو المرأة يقرر أن يتزوج من جديد ويختار شريكة أو شريكاً يشبه كثيراً من ترك قبل سنوات.
لن ارهق القارئ بتفاصيل دراسة علمية, ولا سبب عندي أن أخيفه فيتوقف عن قراءة هذه السطور, وانما أكمل بشابة قالت انها تريد أن تتزوج رجلاً قوياً مثل أسد, جميلاً مثل ابولو, حكيماً مثل سيدنا سليمان, وديعاً كنعجة. وعلقت صديقة: يا لطيف. كم رجل تريدين أن تتزوجي?
والجواب هذا هو تماماً ما قال شاب لصديق أعلن أنه يريد أن يتزوج شابة حسناء ثرية مثقفة (بنت عيلة).
اعتقد ان المشكلة في الزواج التي لن تحلها أي دراسة ميدانية أو اكلينيكية هي ان المرأة تقلق على المستقبل حتى تتزوج, والرجل لا يقلق على المستقبل حتى يتزوج... ما يعني أنه قلق مستمر.
غير أنني قرأت عن زوجين تغلبا على أسباب القلق والتعاسة, وبقيا متزوجين حتى بلغ كل منهما 95 عاماً من العمر ثم طلبا الطلاق. وسألهما القاضي مستغرباً: لماذا تريدان الطلاق الآن? وردا: انتظرنا حتى مات الأولاد.
أعود الى الموضوع فأحد أسباب التعاسة في الزواج, وبالتالي أحد أسباب الطلاق هو الكذب. وبما أن قراءتي عادة بالانكليزية فانني أقرأ عن كذب متبادل, مع ادراكي ان الرجل يكذب أكثر كثيراً من المرأة في بلادنا, رغم ما هو شائع عنها, فمن ناحية رجلُ أشاعَهُ, ومن ناحية أخرى المرأة قد تبالغ أو تكذب لحماية نفسها, أما الرجل فيكذب (في المليان), أي في أمور أساسية.
كيف تعرف متى يكذب الشريك أو الشريكة? إذا كان سياسياً فهو يكذب عندما تتحرك شفتاه, غير أن الناس ليسوا كلهم سياسيين ومحترفي كذب. وثمة حركات تفضح الكذب, مثل أن يتجنب الكاذب أن تلتقي عيناه بعيني الطرف الذي يكذب عليه, أو أن يضع يده على فمه وهو يتكلم, أو هو ينسى ما بدأ به فيناقضه ويكمل يرواية أخرى, لذلك يقول المثل: إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً.
شخصياً, لا أشعر بأن انساناً يكذب علي إلا عندما يبدأ, من دون طلب, بالقسم بالله العظيم, أو أولاده أو أمه. وعادة ما استغرب من نفسي كيف لم ألاحظ الكذب قبل أن يبدأ الكاذب بالأيمان المغلظة.
وكنت قرأت مع ما سبق وسائل اكتشاف الكذب, أو انتزاع الحقيقة, إلا أنني لا أنصح أي زوجة عربية بأن تحاول فهي لن تنجح في شيء سوى تنغيص عيشها, ثم ان العمل محققا نازيا لا يليق بامرأة. وقد لاحظت ان الكاذب الذي يضبط يرفع صوته, ويبدأ عراكاً لتحويل الأنظار عنه.
هل هذا هو قدر المتزوجين: زواج تعيس أو طلاق مثله أو كذب? أقول جازماً ان هناك زيجات سعيدة كثيرة, ولكن هذه الزيجات لا تحظى باهتمام الباحثين لانتفاء المشكلة, وانما هم يجدون في المشاكل ما يبرر عملهم.
المشكلة هي ان العمر يزيد وأسعار الأسهم تهبط, والرجل الحصيف لا يلاحظ أن زوجته زادت سنة واحدة, أو كيلوغراماً واحداً, منذ تزوجها, ثم عليه ألا ينسى عيد ميلادها, فأترك القارئ مع الحسناء التي دعت شاباً الى عيد ميلادها, وقالت انها ستنظم حفلة للأصدقاء في بيتها, وترجوه إذا وصل أن يكبس زر الجرس بكوعه. وسألها لماذا يكبس الجرس بكوعه. وقالت: ولو. ألن تأتي حاملاً هدية لي بيدك?
جهاد الخازن
Comments
1 de 1 commentaires pour l'article 1173