النـهـضـــة تـتـمـتــــــرس

<img src=http://www.babnet.net/images/7/rachedtop2.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

بعد اعلان شورى النهضة عن عدم منحه الثقة لحكومة الصيد، سقطت اغلب المقولات التي اكدت تواجد النهضة بشكل خفي عبر وجود تحالفات غير معلنة داخل الحكومة التي تشكلت يوم الجمعة.





واذ طفى من جديد بقوة صوت القائلين بوجود قرار بدفع السبسي لحكومة الصيد نحو مواجهة الفشل، فان لا شيء يقنع حقيقة ان النداء ممكن ان يقبل بتحمل تبعات مثل هذه المناورة خطيرة العواقب، خاصة وان بصمات السبسي ذاته في تحديد تركيبة وحتى في تعيين اعضاء بعينهم (كثّر) كانت واضحة وجلية.

النهضة لن تمنح، وفق قرار الشورى، الثقة للحكومة المعروضة على مجلس النواب يوم الثلاثاء، وهذا لا يعني انها ستعترض عليها بالمطلق، فقد توجد بعض الاصوات المحتفظة او الداعمة، وقد تنال الحكومة في النهاية (في ظروف معينة) الثقة من جملة النواب، فنواب تيار المحبة (2)، وحركة الديمقراطين الاجتماعيين (1)، والتحالف الديمقراطي (1)، ومستقلين، نداء التونسيين بالخارج (1)، ومجد الجريد (1)، ورد الاعتبار بقفصة (1)، ومجموعهم 7 اصوات، زيادة على نواب النداء والوطني الحر والجبهة الوطنية (مجموع 103 متوقع ان تخصم منها 5 اصوات) من المنتظر ان يمنحوا ثقتهم للحكومة المشكلة، هذا دون التطرق الى امكانية حصول خيارات فردية من نواب المبادرة وافاق او بعض المفاجآت الاخرى.

ولكن في فرضية مقابلة قد لا تنال الحكومة الثقة ويسقط التكليف الاول للحبيب الصيد، ولن يقع تكليفه على الارجح بتشكيل حكومة اخرى، فمنطوق الفصل 89 من الدستور يفرض على رئيس الجمهورية في المرة الثانية تكليف الشخصية الاقدر بعد المشاورات، ولا شيء سيصب في الذمة الايجابية للصيد خاصة اذا فشل في التشكيل الاول، ولا ندري حينها (اذا كان توجه السبسي المعلن نحو التوافق لا يزال قائما) هل ستفضي الامور الى الوقوع على العصفور النادر الذي يمكن ان يرضي مختلف الاطراف المتجاذبة.

النهضة نحت نهج الراديكالية ويبدو ان مسوغاتها صلبة في الظاهر، تحت عناوين التمسك بالوحدة الوطنية والتوافق وخصوصية المرحلة، ولكن يبدو ان عدم منح الثقة لحكومة الصيد اساسه عدم تشريكها في التركيبة وحرمانها من حلم استمرارها في السلطة، ويبدو ان الرؤية اضيق مما يتصور، فالنهضة بالمقاييس السياسية المنطقية وخاصة الاستراتيجية والوطنية منها ليس من مصلحتها مناهضة ولادة هذه الحكومة التي تحمل راية الفشل.

النهضة من مصلحتها السياسية ولادة حكومة ذات هشاشة عالية لنداء تونس لتسني اخفاقاتها ولتظهر ضعف النداء ولوجود امكانية عالية لاجراء انتخابات سابقة لاوانها في اقرب وقت، والخيار هنا استرايجي لان النداء حزب يفتقد اصلا لمقومات الحزب تحيّل على الناخبين ولا بد من ارجاعه الى وضعه الطبيعي، حزب بلا هوية سياسية، مرتبط بالمنظومة النوفمبرية ورموز الفساد وهذا بتصريح قياداته، لم يعقد مؤتمر لانتخاب قياداته، ولا معلومات عن قوائمه المالية ومصادر تمويله، اعتمد التصويت العدائي للنهضة والتخويف وافتك منها عديد المقاعد، والتصويت المفيد لقنص الحد الاقصى من الاصوات التي كانت ستذهب للمعارضة الديمقراطية، وغنم عن طريق الماكنة الاعلامية والضخ المالي الموقع الاول.

النهضة لم يكن مطلوبا منها دعم الحكومة ولكن غض النظر عن مرورها، ما يمكنها سياسيا من مغانم معتبرة، لانها كانت ستتفرغ لاعادة بناء قوتها السياسية والتفرغ للاستحقاقات الحزبية والوطنية التي تنتظرها، ولكن اللطمة التي تلقتها من النداء جعلتها تنفجر وتعجز عن تقبل الصدمة ببرودة دم، وتفصل حرج قياداتها في فشل خيارهم على التوافق الواهن على المكاسب الحزبية المعتبرة القادمة مستقبلا، وربما مراهنتها على بعض مواقف الدول التي فرضت عليها هذا الخيار.

النهضة تعلم ان اغلب الندائيين من القيادات يرفضونها فضلا عن القواعد والرعاة بالخليج اساسا الامارات والسعودية، ولا ندري حقيقة ما الذي تطمح اليه في النهاية، ولماذا كل هذا التمسك بالسلطة، و الشراسة في الدفاع عن الوجود في الحكومة جنبا الى جنب مع النداء، ولكن رفض القيادات تقبل خيار الفشل وربما التعرض لمحاسبة قاسية في المؤتمر العاشر للحركة هو على ما يبدو ما جعل الحركة تخاصم بـ المنقار والاظافر كما يقال.

النهضة تحدثت عن الاصلاحات الضرورية وتحقيق اهداف الثورة والعدالة الانتقالية، في حين كانت ابرز الاجراءات التي تم التخلي من خلالها على الدعم في الطاقة وغيرها وما نتج من تضخم تحمله التونسي كان خلال حكمها كما ان اكبر عملية تهاون وبرود في خصوص الاستحقاقات الثورية بما فيها العدالة الانتقالية سجلت على يديها.

تعليق قيادات النداء في المقابل على النهضة بعدم تحملها المسؤولية الوطنية بقرارها عدم منح الثقة للحكومة لم نجد لها من مسوّغ، الا التمسك بـ الزبدة وثمن الزبدة في نفس الوقت، ولا غرابة فالنداء عادة ما بحث عن الفوز بكل شيء، ولا تزال تهزه غريزة الاستحواذ على كل شيء بما فيها قرارات حتى من اقصاهم، ويبدو ان النتيجة ستكون صاعقة في نهاية الرحلة مع حزب هجين في تكوينه وفي تسييره وستكون مسيرته على الاغلب اقصر مما يبشر به من نفخوا في العجل وجعلوا له خوارا، برغم ان خشبة النجاة -كالعادة- بطريقة او باخرى تأتي من النهضة، ولكنها لن تكون الى ما لا نهاية.

نقولها ونعيدها ان المشهد في المجلس النيابي غير طبيعي بالمرة مع ظهور احزاب هجينة صنعتها اكاذيب مؤسسات سبر الاراء والتضليل الاعلامي المكثف والمال السياسي الملوث، وتوظيف الارهاب، ولا يمكن التصحيح بتوافق ووحدة وطنية وهمية، تقفز على الاستحقاقات الثورية.

الثورة مرت بعدة محن في مسارها، ولا يمكن الرجوع لمربع ما قبل 17 ديسمبر 2010، بحثا عن الامن والاستقرار مقابل التفريط في العدالة الاجتماعية والعدالة السياسية والعدالة الاقتصادية التي نشدها شباب الجهات المحرومة الذي واجه بارادته الفذة اعتى الدكتاتوريات، واليوم يرى استحقاقه يسرق بفضاضة، وحتى الحقيقة يقع تزييفها في مشهد ساقط شاهده العالم اين رمي بعائلات شهداء الثورة وجرحاها في ذكرى ثورتهم في اواخر القصر مهانين ليتقدم في الصفوف الاولى اصحاب الفضل لنيل التكريم والنياشين!!

اتركوهم ليحكموا واعطوهم مهلة بسنة كاملة، اليست هذه هي الديمقراطية!؟ ولنرى ان كانوا سيحققوا في هذه السنة وعدهم الاول بقروض على المساكن دون فوائض، وتشغيل 90 الف عاطل ونسبة نمو بـ 6 % و200 كلم طرق سيارة وجلب استثمارات بـأكثر من 25 مليار دينار.. كما وعدوا..!!

(*) قانوني وناشط حقوقي



Comments


12 de 12 commentaires pour l'article 98834

Swigiill  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 17:13           

هههه

يا ولدي طوّل بالك يا مدعو لبرادوس، ... شنوة الي نرفزك، ... كلامي مجرد رأي و عندي الحرية - كما لك - ان اعبر عن رأيي كما اشاء، ... بلاش انزلاقات بالطبع، ...

علاش النرفزة،ما في باليش النهضة مقدسة عندك لها الدرجة و فوق النقد، ... وانا نعطي الكلاط لكل الاحزاب مهما كانت،...بالطبيعة تحب و الا تكره، هههه

عجبك كلامي مرحبا بيك، ما عجبكش، ... ما عادش تقرى تعليقاتي، كمل طريقك، موكش مطالب تقرى كل شيء، ...

المرة هذه هاني سايستك، ننصحك ارزن شوية، ...

حتى انا انجم نقلك كلام ما يسركش، و لكن انقولو ... ربي يهديك، هههه


Wasatiya  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 15:40           
المذنب لما نحن فيه هو الباجي الذي قسم الشعب بين النهضة والنداء وهو صاحب مقولة من لم يصوت للنداء فقد صوت للنهضة ولم يترك الفرصة لاي شق ثالث او حتى رابع لتعديل الكفة بل زاد وصور النداء رمزا للتقدم والنهضة رمزا للرجعية والحقيقة ان لا النداء تقدميا بل اقصائيا انتهازيا ولا النهضة رجعية بل ضعيفة الخبرة في ادارة الحكم حاليا اما المذنب الاكبر فهو الشعب الذي انساق اما لهذه الثنائية واما لمقاطعة الانتخابات وهنا اخص بالذكر فئة الشباب التي اعتزلت السياسة
وتركت القرار بيد اوليائها كبار السن ان لم اقل العجائز والشيوخ

Labrados  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 13:03           
الكل يتكلم عن النهضة بالتخمينات السخيفة ككاتب المقال أو المدعو سويقل الذي تتقاطر سخافاته عبر الصفحة بدون حياء ...أذكر الجميع أن النهضة -بخلاف الاحزاب او التجمعات الأخرى- هي حركة مؤسسات منتخبة وممثلة لكل شرائح المجتمع ومناطقه..حركة مناضلين واجهوا الظلم بكل انواعه قبل الثورة و بعدها.. ...قرارت هذه الحركة مدروسة ونابعة عن تلك المؤسسات المنتخبة وليست مرتبطة بالاشخاص و الزعامات لذلك فان قرارات الشورى هي ملزمة لجميع كتلتها التي شاركت في صياغة ذلك
القرار الجمعي لتحقيق مصلحة البلاد و اهداف ثورتها...وستبقى حركة النهضة على عهدها لا تكترث بصبيانيات مهما تكالبت عليها الاقلام المأجورة من أمثال
swigiill

Hannibaal  ()  |Lundi 26 Janvier 2015 à 13:01           
تخليل جيد و قراءة موضوعية للمشهد السياسي بعد أربع سنوات من الثورة. السؤال الذي يطرح نفسه هو ماالسبيل للخروج بالبلاد و العباد من هذا م المأزق؟ الثورة التي قام بها السباب و الجهات المحرومةمكنت الإنتهازيين بمختلف تلويناتهم الحزبية و الفئوية و القطاعية من السطو على ما تبقى من الدولة و المؤسسات عبر رسكلة مناهج الإستحواذ و تطوير أساليب التموقع فكان نداء تونس بمثابة نداء المافيات المختلفة للإستحواذ على تونس تجمعت تحت رايته الذئاب من كل فج عميق و كانت
النهضة بغبائها السياسي و طمع بعض رموزها و صيبة قواعدها شريكة في النكسة من حيث تدري و من حيث لا تدري و الله متم أمره و له في خلقه شؤون

Hemida  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 12:35           
تحليل موضوعي يستحق عليه كاتبه التحية فقد صدع بحقائق لم تعد مخفية...
فالنهضة مجروحة و موجوعة و غدر بها من طمأنوهم بحكومة توافقية و عبارة توافقية لم تأتي بها النهضة و هي من تأليف السبسي الذي كان ينادي داءما بالشرعية التوافقية على حساب الشرعية الحقيقية و ذلك ما دفع بالنهضة للتخلي عن الحكم لفاءدة جمعة...
فالنداء يحصد اليوم ما زرعه بالأمس...
فهل تمر حكومة الصيد امام البرلمان ؟؟؟ لا اعتقد ذلك... فهذه الحكومة ولدت ميتة و يصعب على العارفين أحياءها من جديد ... اللهم اذا اتخذت النهضة قرارا مغايرا لقرار مجلس الشورى ... وهذا مستبعد جدا.

Samaref  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 12:27           
اعتقد ان النهضة جادة في كلامها هذه المرة لان الغنوشي لم يعد له اي مبرر في منح ثقته الا متناهية الى السبسي ...ثم ان الامر لم يعد بين يدي السبسي المتهاوي بل بين يدي عبد الوهاب عبد الله و وعبد العزيز بن ضياء الجديدين والجميع يعرف من هما وهذا الثنائي يكن عداءا مقيطا الى النهضة

Abou57  ()  |Lundi 26 Janvier 2015 à 11:53           
La dictature ne passera en tunisie et temps mieux Mr Marzouk et bajbouj changer de logiciel.

Radhiradhouan  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 11:19           
بالنسبة للنهضة الوضع مريح للغاية. حكومة ضعيفة و مشاكلها عديدة و عويصة لأبعد الحدود. خلافات وإنشقاقات مرتقبة في نداء تونس سيعطيها حجمها الحقيقي في الخارطةالسياسية
لاخوف على النهضة و إن غدا لناظره لقريب

Abouhamma  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 11:14           
Wait and see!!!!!!!!!!!!!!

Swigiill  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 10:54           

النهضة ... بوجهين... لان تتجرأ على رفض الحكومة ... اغلب نوابها في مجلس النواب سيصوتون لفائدة هذه الحكومة، ...

خبرناهم جبناء و مخادعون و يقولون ما لا يفعلون، ... ماضيهم في الحكم اسود ... عرفوا بمداهنتهم و بخطابهم المزدوج، ...

اسأل على صاحبك استغناش، ... اما الطبيعة هيا هيا، هههه

ان اصدقهم و لو حلفوا على القرآن،- هوما بطبيعتهم حلفوا في الحكومة الفارطة و حنثوا، هههه -


3aidin  (Canada)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 10:34           
تحليل غير صائب
الحقيقة أن النهضة ستفعل ما بوسعها لتمر الحكومة و عند الفشل ستقول أنها عارضتها.... رسميا

Ahfedkhaled  (Tunisia)  |Lundi 26 Janvier 2015 à 10:08           
*********


babnet
*.*.*
All Radio in One