التزوير الفضيع.. والشيطان الصارخ

بقلم: شكري بن عيسى (*)
المحكمة الادارية اصدرت احكامها النهائية الباتة في شأن الطعون المقدمة ضد الباجي قايد السبسي باقرار الاحكام الاولى مضمونا في جملتها.. المحكمة الادارية تمثل القضاء الذي نفترضه مستقلا عادلا ولن ندخل في بعض التلوينات السياسية والايديولوجية التي نالت من بين بعض قضاتها الذين رايناهم اعداء شرسين لبعض الاحزاب والشخصيات السياسية على بلاتوهات اعلامية وحتى في الاعتصامات..
المحكمة الادارية اصدرت احكامها النهائية الباتة في شأن الطعون المقدمة ضد الباجي قايد السبسي باقرار الاحكام الاولى مضمونا في جملتها.. المحكمة الادارية تمثل القضاء الذي نفترضه مستقلا عادلا ولن ندخل في بعض التلوينات السياسية والايديولوجية التي نالت من بين بعض قضاتها الذين رايناهم اعداء شرسين لبعض الاحزاب والشخصيات السياسية على بلاتوهات اعلامية وحتى في الاعتصامات..
مع الافتراض الكامل لاستقلالية وحيادية المحكمة المحكمة اقرت التزوير في النتائج حتى ان لم تلغ النتائج او تعدلها.. المحكمة اعتمدت مقياس جوهرية الطعون على النتيجة من عدمه.. هذا يعني ان الطعون في مجملها اذا لم تؤثر على النتيجة لا يؤخذ بها..

المحكمة عموما على لسان مندوب الدولة العام وهو معادل وكيل الدولة العام اكد وجود الورقة الدوارة في عدة مكاتب.. كما تأكدت وجود توجيهات من مراقبي الايزي للناخبين.. ايضا وجود تأثير على الناخبين من فنان شعبي مشهور..
الورقة الدوارة وتوجيه الناخبين في دائرة ومحيط مراكز الانتخابات وايضا عدم حياد مراقبي الايزي هي مخالفات خطيرة بل جرائم يعاقب عليها القانون الجزائي.. لم نشر هنا الى منع المترشح المرزوقي وشتمه وهو متوجه لاداء حقه الانتخابي وهو امر لا يحدث حتى في الصومال..
ما يجب الاشارة اليه ان تعدد وتنوع المخالفات التي تمثل جرائم انتخابية يؤكد وجود تزوير ممنهج وماكينة منظمة.. ان يقع رفع هذه المخالفات-الجرائم فهذا لوحده كفيل بوجود تزوير واسع لأن الرقابة لا يمكن ان تمتد للتزوير الذي هو علميا وواقعيا يعتمد آليات معقدة وفيها دهاء وخبث يصعب تفكيكه وكشفه بسهولة وبالوسائل العادية.. الخروقات باتت جلية متعددة وتثبت وجود منظومة وماكينة متشابكة..
ان لا يقع كشف كل المخالفات-الجرائم لا يمنع وجودها وانتشارها الكثيف..
المواطن من حقه ان لا تزور ارادته وان يتم التلاعب بصوته وان لا يتم تدليس خياراته.. المواطن هو صاحب السيادة ومن حقه ان يقع حماية سيادته.. كما من حقه معرفة الحقيقة.. وكذلك تطبيق القانون ومعاقبة المجرمين..
الديمقراطية الناشئة تتطلب بل تفرض من الجميع كشف الحقيقة وحماية حق الشعب وحق المترشح وايضا مواجهة والتشهير وفضح الجريمة ومرتكبيها وخاصة من الحقوقيين والقانونيين والاعلاميين والنخب والطبقة السياسية الملتزمة بالدفاع عن الديمقراطية وعمودها الاساسي الانتخابات ومركزها الاول صوت المواطن مهما كان واينما وجد وايا كان حجمه..
ان تنبري بل ان تفزع اغلبية هذه الاطراف بكل تلويناتها لادانة حق الاعتراض على التزوير بعد تقديم حملة المرزوقي للطعون والتشكيك في النوايا والاتهام بتهم تافهة من نوع تضييع الوقت وما الى ذلك فهذا عين الزور..
ان تأتي الاحتجاجات ممن يفترض ان يكونوا في الصف الاول للدفاع عن حق التقاضي والدفاع عن حق المواطن خاصة من النخب مختلفة المرجعيات المدنية فهذا فعلا عين الجريمة الاخلاقية والسياسية والحقوقية والاعلامية.. اما ان يرتقي الامر الى مؤسسة الحوار الوطني لاثناء المرزوقي عن القيام بالطعون فهذا ما يثبت ضياع البوصلة اساسا لهذه المؤسسة التي لم يعد لها اليوم اصل ولا سند ولا مرتكز لاستمرارها بعد دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ..
السلط المضادة الاعلامية والحقوقية والاكاديمية والنقابية المدنية كان يفترض ان تحمي الحقوق والشفافية وتناهض الجريمة وتدافع عن الانتقال الديمقراطي.. اما ان تتحول الى جدار صد بل لجبهة عدوان على الحقوق وسيادة الشعب فهذا فعلا جريمة لا تغتفر.. وشهادة زور لطمس الحقيقة والتشريع للافلات من العقاب وتحصين المجريمين في وقت البلاد هي احوج ما تكون فيه للتأسيس لدولة الحق والقانون والقطع مع منظومة الديكتاتورية والفساد!!!!
واليوم تجاوزنا منطق الساكت على الحق الى منطق الطامس للحقيقة والمتستر عن الجريمة.. وطمس الحقيقة والتستر عن الجريمة لن تعبر عنه بالدقة المطلوبة مقولة الساكت على الحق شيطان اخرس ..!!!
(*) قانوني وناشط حقوقي
Comments
8 de 8 commentaires pour l'article 96139