تحالف الجبهة مع النداء.. الطريق الملغّمة

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/hammmaaaaaaaaetbejii2014.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: شكري بن عيسى (*)

تحالف الجبهة الشعبية مع النداء في ائتلاف حكومي أمر مستبعد الى حد كبير ولكن يظل ممكنا..






التحالف المستبعد والممكن التحقيق بنسب ضئيلة ان تم سيقود الى تشرذم الجبهة والى تشظي مكوناتها.. والدخول في نكسة تاريخية لليسار في تونس ستكون بالاكيد آثارها مدمرة.. وكارثية..

الجبهة الشعبية التقت مع النداء بل تشابكت معه تنظيميا في جبهة الانقاذ ومنشطيا في اعتصام الرحيل .. ولطالما تحدثت القيادات من هنا وهناك عن التقاطعات وغيرها من المصطلحات التي تبرز الالتقاء الموضوعي بين الطرفين.. وحتى الانجذاب المعنوي..

النداء استمد جزءا كبيرا من شرعيته من تشابكه مع الجبهة الشعبية.. سواء كمكون سياسي اتهم منذ نشأته باستنساخ التجمع.. والجبهة هنا مثلت مُبَيِّضا فعّالا في الصدد.. او في تحقيق منجزات سياسية في اسقاط حكومة الترويكا..

النداء كما الجبهة يلتقيان في النموذج المجتمعي المسمى حداثي..

الاثنان يلتقيان في خصم سياسي واحد.. يعاديانه الى حد الاقصاء الوجودي.. النهضة..

اليسار تاريخيا لطالما اقترب بل وتداخل مع التجمع في معاداة النهضة.. واذ لم ينخرط اغلب قياديي ومناضلي الجبهة في هذا المسار فان رموز تاريخية يسارية انخرطت وسجلت تاريخا اسود في الصدد.. ويبدو ان دخول الجبهة الفعل السياسي وحصولها على موقع متقدم يجعل هدف اضعاف النهضة اولوية تترسخ وتتجذر في خياراتها ما يجعل التقارب مع النداء الى حد التحالف الحكومي له مبرر و اساس عند القيادات والقواعد على حد السواء..

وفي هذا تجد الجبهة مصلحة سياسية في التحالف والدخول للحكم وممارسة السلطة وتطبيق جزء برنامجها والطموح للحصول على نتائج و انجازات قد تسجلها في رصيدها وتستفيد من التجربة.. وحتى لا تتهم بالسلبية و الاستقالة او ترك الساحة فارغة للمنافسين والخصوم في جانب ما..

في المقابل لا يوجد بين الطرفين حد ادنى في الرؤية الاقتصادية خاصة فيما يتعلق بصندوق التعويض وتدخل البنوك الدولية والمديونية.. ولو ان في جانب آخر اهداف الثورة في المحاسبة وغيرها لم تعد مطلبا اساسيا للجبهة.. النداء هو حزب يتبنى مقاربة ليبرالية وارتباطاته بالمنظومة الدولية واسعة.. في حين تتبنى الجبهة الدفاع عن قفة الزوالي والسيادة الوطنية..

الجبهة ستُضَيِّق مساحة التصرف على النداء في صورة دخولها في الحكومة خاصة في التعامل مع الاحزاب الليبرالية.. الوطني الحر وآفاق وبدرجة اكثر النهضة..

التحديات القادمة كبيرة، من تحدي المقدرة الشرائية وتآكل الدينار والتحدي الامني وشح الموارد في الميزانية ورفع الدعم وتعبئة الديون والاضرابات واشكال العدالة الانتقالية وغيرها من التحديات التي ستثقل كاهل الحكومة القادمة.. في مناخ اقليمي ودولي مضطرب ومتوتر..

النداء رفع سقف الوعود عاليا.. 450 الف موطن شغل في خمس سنوات.. 125 مليار دينار استثمارت في خمس سنوات.. وقروض سكنية بلا فائدة بنكية.. ونسبة نمو تعادل 6 % على خمس سنوات.. ومعدل 1000 كلم طرق سيارة في الفترة الحكومية الممتدة الى 2019.. وهي وعود وهمية كاذبة من اساسها.. ما يجعل الحكومة في مأزق تحقيقها منذ الاشهر الاولى.. ما ستتحمله الجبهة الشعبية والاخفاق يبدو مؤكدا..

الاغلبية الحكومية ستكون غير مريحة اذا لم تنخرط فيها النهضة هذا فضلا عن غياب التجانس والتناسق بين مكوناتها ما يجعل حظوظ الحكومة في الاستمرار ضعيفة للغاية.. ولن تصمد امام الازمات العاصفة المنتظرة..

النداء في صورة عدم مشاركة النهضة في الحكومة سيكون مضطرا لثلاثية الجبهة الشعبية (15 مقعدا) والوطني الحر (16 مقعدا) وآفاق (8 مقاعد) لتشكيل حكومة سميغ وطني بـ 125 نائبا قد تنضاف اليها المبادرة بـ 3 نواب فتصل الى حدود 128 نائبا وستكون الاغلبية جامعة لكل التناقضات باعتبار العلاقة المتوترة بين الوطني الحر وكل من الجبهة والنداء ولاعتبار التناقضات في الرؤية الاقتصادية بين الجبهة والنداء.. هذا فضلا عن عدم المقبولية الدولية للجبهة في خياراتها الاقتصادية المناهضة لاقتصاد السوق وللتدخل الاجنبي..

وبقطع النظر عن معطى الانتخابات الرئاسية، فان الابتزاز سيكون كبيرا من الاحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي للنداء ما يجعل عوامل الاضطراب والتوتر حاضرة داخله منذ النشأة..

تعارض البرامج الاقتصادية والاجتماعية وتصادم الغايات مع ضعف عدد الكتلة المؤهلة دستوريا بتشكيل الحكومة (النداء: 86 ) في مقابل تضاءل الخيارات امامها سيجعل مكونات الائتلاف تفرض الحد الاقصى من الاشتراطات لعدم وجود الجوامع الحقيقية السياسية والفكرية والمعنوية للارتباط..


الجبهة الشعبية بدأت تشقها الخلافات منذ الاعلان عن النتائج الاولية للتشريعية في خصوص دخول الحكم مع النداء حول الحد الادنى للبرنامج الاقتصادي والاجتماعي وطبيعة الحكومة (تكنوقراط ام محاصصة حزبية ام وطنية..) وحول المحاصصة ورئاسة الحكومة وحول اقتسام اللجان في مجلس نواب الشعب وحول تقاسم الكعكة في الوظائف العليا للدولة والولاة وغيرها..

ولا شك ان معالم التشقق بدأت لولا انشغال الجبهة بسباق الرئاسة وتأجل مسألة الحكومة الى ما بعد الاستحقاق الرئاسي، قضية المحاصصة ذاتها هي مطروحة بين مكونات الجبهة باكثر حدة اذ كل مكون يبحث عن الاستفادة اقصى ما يمكن من زواج الاكراه مع النداء ان تم، حتى يتم جني اقصى ما يمكن من المكاسب الوزارية والمناصب لتغطية الضرر الحاصل من الدخول تحت نفس السقف مع الحزب المستخلف للتجمع..

والمفاهمات في الصدد بين مكونات الجبهة ستكون حادة وحاسمة وستحدث تفككا اكيدا بين الرفاق، والعادة تثبت ان في اقتسام الغنائم تبرز الشروخ والتصدعات وتسبّق المصالح الذاتية، والشراسة ستكون هي الملجأ..

ايام واسابيع شاقة تنتظر الجبهة ان انخرطت في تحالف النداء الحكومي في تشكيله وتركيبته وطبيعته وبرنامجه ونيله الثقة من المجلس النيابي والاصعب والاشق هو اشتغاله في ظل ظروف وطنية واقليمية معقدة ومضطربة وقابلة للانفجار منذ البداية.. تحالف حكومي سيغلب عليه على الاغلب عدم التجانس في التشكيلة والبرنامج وغياب التجربة لمكوناته..

الجبهة في اصلها تشكلت في طبيعتها ونشأت في اصلها كحركة احتجاجية معارضة ويصعب عليها التحول الى حاكم في شراكة تحت حزب ينحو للهيمنة والسيطرة وسيكون بذلك التحالف قابل للتفكك في كل لحظة خاصة وان كل المؤشرات تدفع نحو عجز الحكومة القادمة عن توفير متطلبات الشغل والامن ومقاومة الارهاب والتخفيض من نسب الفقر ومحاربة التهريب والغلاء الفاحش والقضاء على الفساد وتحقيق التوازنات المالية والتجارية الكبرى..

نسب تصدع الحكومة وفشلها تبدو هي الغالبة في ظل هشاشة مكوناتها وعدم تجانسهم وصعوبة البيئة التي ستعمل فيها ولن يتحقق للمواطن الرازح تحت غلاء الاسعار والفقر والبطالة شيئا على الظاهر وهو ما ستدفع ضريبته غاليا الجبهة الشعبية التي لطالما وضعت نفسها نصيرا للعمال ومحاميا للفقراء والبطالين..

اغلب المؤشرات تصب في اتجاه فشل التجربة منذ بدايتها للجبهة في اي حكومة مهما كان مسماها تكنوقراط او وطنية او حزبية ونشك حقيقة في ان الجبهة ستدخل مثل هكذا مغامرة قد تجهض كل الانجاز الذي حققته منذ ظهورها في المشهد الوطني خاصة وان خمسة عشر نائبا يعتبر رقما تاريخيا لا يحوز المغامرة به.. والاجدى هو التأني وتقييم افق المشاركة بعمق قبل الالقاء بالنفس في اتون الهلاك.. خاصة وان تجربة السي بي آر والتكتل مع النهضة لا تزال نصب العينين!!

وتظل الاسئلة كبيرة امام النداء في صورة عزوف الجبهة عن مشاركته الحكم حول الخيارات الباقية التي سيكون مركزها النهضة خاصة وان الجزائر والقوى الدولية تدفع في هذا الاتجاه.. ولا ندري كيف سيقبل النداء الرضوخ للاشتراطات وكيف سيقنع ناخبيه الذين انتخبوه عقابا للحزب ذي المرجعية الاسلامية وماذا سيكون موقف قياداته اليسارية الاستئصالية المعادية لكل مرجعية اسلامية وماذا سيكون موقف رعاته في السعودية والامارات المناهضين للاسلام السياسي.. وهل ستقبل النهضة في المقابل الدخول مع النداء في حكومة اذا لم يكن اطارها وطني .. اسئلة تطرح نفسها بقوة اليوم والظاهر ان عوامل النجاح تظل اقل بكثير من عوامل الفشل فهل سنتجه في القريب نحو حل للبرلمان واعادة الانتخابات التشريعية؟؟

(*) قانوني وناشط حقوقي




Comments


13 de 13 commentaires pour l'article 94724

Wildelbled  ()  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 14:07           
@tunisieLibre2011 (germany)
لأنك أحقر من حقير
هاذه صفاة من أنت تصفه بخبيث الأوصاف إنه
رئيس تونس
دكتور
مناضل
حقوقي
كاتب
وطني
ثقه
وهو حبيب الشعب
فهل لك خصلة واحده مما ذكرت ؟

Wildelbled  ()  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 13:57           
شكرا للكاتب على هذا التحليل المنطقي

AMDMED  ()  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 12:21           
يبدو أن الكاتب للمقال قد غاب عنه عامل مرعب و مفزع في نفس الوقت وهو أن كتلة نداء تونس هي عبارة عن خليط غير متجانس تشوبه التصدّعات و الإنقسامات و هذه الكتلة لن تصمد أمام الهزّات السياسية في الأيام المقبلة
فقبل الحديث عن تحالفات مع أحزاب أخرى وجب طرح مسألة صلابة تجانس هذه الكتلة في أهدافها و أفكارها
لأنه لا يمكن أن تبني حكومة أساسها متصدّع

Mnasser57  (Qatar)  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 12:06           
@TunisieLibre2011
اكيد وجهك يشبة الوردة المفتحة في لون البيضة واعلم انك بهذا الوصف انت حقير لانك احتقرت خلق الله ثم اعلم انك اعلم انك معرض لان تنتهك في عرضك وفي شخصيتك وعلى كل هو سيدك وسيد اسيادك يا حقير

Zaaboula  (Tunisia)  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 10:05           
TunisieLibre2011 حرام عليك هذي خلقت ربي عيشوا في المانياوسيبون مع المرزوقي

Amir1  (Germany)  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 09:47           
لنتصور فقط أن نجيب الشابي انخرط في حكومة وحدة وطنية في أكتوبر الأول...لكان المشهد اليوم مختلف تماما.
إذا تكرر نفس الخطأ فأغلب الظن أن حكومة التكنوقراط ستستمر حتى
تكون الطبقة السياسية جاهزة لتحمل المسؤولية

Njimabd  (Tunisia)  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 09:13           
تحالف إبليس مع الشيطان

نصيحة لكلّ تونسي حرّ أن ينتخب الدّكتور الحقوقي المنصف المرزوقي فهو الضّامن الوحيد بإذن الله لعدم عودة الظلم و الإستبداد

TunisieLibre2011  (Germany)  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 09:06           
************

Tunisiana  (Tunisia)  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 08:01           
فرده و لقات اختها

Moutafaail  (Canada)  |Jeudi 13 Novembre 2014 à 00:50           
إلى الذين إنساقوا و صوتوا إلى عودة مجرمي التجمع أنظروا ماذا ينتظركم، إن لم تكونوا معهم فأنتم إرهابيون ولعلمكم فإن هذا الخليط للداء هو أشد فتكا من التجمع ـ عندما تجمع حثالة التجمع مع حثالة اليسار المتطرف تصنع إرهابيين دمويين فبحيث صوتوا للمرزوقي 24 وأصلحوا ما أفسدتم.
كلمة شرف كلمة أحرار.

MOUSALIM  (Tunisia)  |Mercredi 12 Novembre 2014 à 21:27           
فعلا سنتجه نحو حل البرلمان وإعادة الانتخابات التشريعية .

Jajouna  (Tunisia)  |Mercredi 12 Novembre 2014 à 21:03           
الخزينة غنية بالأرشيف ، ولكل مقام مقال . أما عن التحالف بين الطرفين لن يكون سوى زواج عرفي أو زواج المتعة وهو محرم . شريطة أن يكون مؤخر الصداق باهظ الثمن ،
الدكتور المرزوقي
كلمة رجال

Bardo_tounes  (Denmark)  |Mercredi 12 Novembre 2014 à 20:55           
لن ينفعهم تحالف ولا تعايش "ولا رويق بارد
فوالله ان تونس في طريقها الى دولة مسلمة حرة تحترم كل الديانات لها سيادتها ودستورها شرع الله و ورئيسها عادل صادق مؤمن بالله شجاعا لايخاف الا الله متواضع لا يتردد باعانة الفقير و المحتاج .
وبالرغم من نداء تونس الفاسد وفوزه بالاغلبية و بالرغم من غدر المنافقين و سكوتهم على الظلم محاربة ديننا دين الحق طمعا في المنصب و المصلحة وضمان عائلاتهم.
فان تونس لها رجالها وان الله ان شاء الله سوف يدمر المنافقون و الملحدون والعلمانيين الفاسدين وكل من باع اصله وملته وقلد غيره كالقرد .
ولن ينفعهم ملئ الارض ذهبا .
قرب يوم الحقيقة وحان محاسبة كل على اعماله سواء نداء تونس او غيره من الذين استغلوا الثورة لجمع المال والامتيازات والرواتب والكثير من التونسيين لا يجدون قوت لهم ولاولادهم .
شعب تونس حر واثب انه لا يحاف الا من الله, فاحذروا ايها الخونة والمجرمين والانتهازيون الاذلة .
تونس ليست لعبة او "كعكة " تقتسمونها .


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female