نداء تونس و تحالف البرامج الاقتصادية في الحكومة القادمة

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/ancisie2014.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ بولبابه سالم

تبدو النتائج التي أفرزتها نتائج انتخابات 26 أكتوبر 2014 قد خلقت مناخا جديدا من الجدل حول ملف تشكيل الحكومة القادمة . حزب نداء تونس المنتصر في هذه الانتخابات و الذي سيمسك هذا الملف وجد نفسه في وضعية غير مريحة بحكم الهزيمة المدوية التي تعرض لها حلفاؤه التقليديون مثل الإتحاد من أجل تونس الذي لم يفز بأي مقعد أو غيره .





من المستبعد أن تكون حركة النهضة شريكا لنداء تونس في الحكومة القادمة بحكم رفض قطاع واسع من الحزب المنتصر للتحالف معها خاصة أن التصويت في الانتخابات كان في جانب كبير منه عقابيا و بالتالي لا يستطيع نداء تونس الدخول في هذا التحالف و لو أن كلاهما يتقاسمان نفس البرامج الاقتصادية. أما الجبهة الشعبية فهي غير مستعدة للدخول في حكومة ائتلافية مع نداء تونس بحكم اختلاف البرامج الاقتصادية و الاجتماعية و هذا ما صرح به بضع قيادات الجبهة بعد بداية ظهور نتائج الانتخابات , فالعائلة اليسارية و بعض القوى القومية المتحالفة معها ترفض التحالف بصورة مبدئية مع حزبي نداء تونس و حركة النهضة حتى لأسباب غير اقتصادية و لا يبدو المجال الآن ضروريا لذكرها .
إذن يبقى السؤال : كيف يمكن لنداء تونس تشكيل حكومة مستقرة دون خسارة ناخبيه و دون التحالف مع حركة النهضة ؟
سيكون نداء تونس في حاجة إلى حلفاء يتقاسم معهم البرامج الإقتصادية و يحتاج إلى 109 نائب لتشكيل أغلبية حكومية , و إذ يبدو حزب آفاق تونس الذي تحصل على 8 مقاعد حليفا مؤكدا من الناحية الموضوعية لنداء تونس بحكم تقارب و حتى تطابق بعض الرؤى الإقتصادية و الاجتماعية رغم أن حزب آفاق تونس أكثر ليبرالية من الناحية الاقتصادية . لكن 94 مقعدا غير كافية و يحتاج النداء إلى 15 نائبا ليستطيع تشكيل الحكومة المقبلة وهو ما يجعله في حاجة إلى التفاوض مع القوة الثالثة التي أفرزتها الانتخابات و هي حزب الإتحاد الوطني الحر الذي فاز ب 16 مقعدا في البرلمان القادم للحصول على أغلبية مريحة خاصة أن الحزب الذي يرأسه سليم الرياحي يتقاطع مع نداء تونس من حيث الرؤى الإقتصادية و من البديهي أن المحدد الرئيسي في أي تحالف خاصة في مثل الظروف التي تمر بها البلاد هو الشأن الاقتصادي و التحديات الصعبة التي تواجهها تونس في هذا المجال و لا ننسى أن هناك تشابها بين الوعود التي قدمها نداء تونس و تلك التي قدمه الوطني الحر للتونسيين . و إذا جمعنا مجمل المقاعد للأحزاب الثلاثة , النداء و الوطني الحر و آفاق تونس سيكون المجموع 109 مقعدا , وهو مجموع قابل للاضافة من نواب آخرين مستقلين أو من أحزاب صغيرة يبدو حزب الاتحاد الوطني الحر قادر على استيعابها و التحالف معها لتشكيل ائتلاف حكومي قوي و مريح قد يضمن به قرابة 120 نائبا .
بما أن تشكيل الحكومة القادمة سيتم بعد الانتخابات الرئاسية و لا شك أن نتائجها ستلقي بظلالها على المشهد السياسي و قد تعصف بوجوه عديدة إذا تكبدت هزيمة قاسية , و سيكون التحدي الأكبر في اعتقادي هو مدى محافظة الجبهة الشعبية على تماسكها على ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية بحكم تعدد مكوناتها حيث تجمع أكثر من 9 أحزاب و قد ظهر الخلاف جليا في الحوار الوطني حول أسبقية الانتخابات التشريعية على الرئاسية بين الوطد و حزب العمال و أيضا حول تشكيل القائمات الانتخابية بانسحاب حركة الديمقراطيين الاجتماعيين , و تبدو حظوظ السيد حمة الهمامي ضئيلة جدا في الفوز بالانتخابات الرئاسية و النسبة التي سيتحصل عليها ستكون محددة في مستقبل الجبهة وهو ما قد يدفع ببعض قوى الجبهة إلى مراجعة خياراتها بسبب الصراع على الزعامة خاصة من بعض القوى القومية البعثية التي ستنكب على مراجعة تحالفاتها في المرحلة السياسية الجديدة التي ستدخلها تونس .
المطبخ السياسي التونسي مقبل على خيارات عديدة , و قد تأتي الأيام القادمة بمشهد سياسي جديد ففي السياسة لا وجود لتابوات و لا لصداقات أو عداوات دائمة بل مصالح دائمة . و عاشت الديمقراطية التونسية
كاتب و محلل سياسي




Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 94047

Farhood  (Tunisia)  |Vendredi 31 Octobre 2014 à 23:08           
تحليل غير واقعي .... الجبهة نفسها تفاجات بعدد المقاعد ...و التاثير الفعلي ابتدا بين الاحزاب المشاركة في اعتصام الرحيل خاصة التي كانت فاعلة فيه ثم ان خروج النداء من الاتحاد من اجل تونس و مواصلة استغلال نفس التسمية في الانتخابات حال دون تمكينه من اي مقعد حتى لا تنقسم الصفوف ... النداء فاز و ساهم في فوز حلفاءه و كل الجدل حول التحالفات المقبلة هو نقاش بيزنطي تلفزي .... ثم هل يخفى على "محلل سياسي" ان النداء تحصل على اكثر من 50 مقعدا في الولايات
الساحلية و 9 مقاعد خارج الوطن و البقية في الولايات الداخلية بل و تحصل على 14 مقعدا بين سوسة و المنستير و المهدية .... هل ان الجمهورية التونسية تنقسم الى حي راقي موقعه على طول الشريط الساحلي و حي فقير وراءه ؟

Charif  (Tunisia)  |Vendredi 31 Octobre 2014 à 21:55           
تحليل منطقي لأنه في الدول الاوروبية البرامج الاقتصادية هي التي توحد الاحزاب السياسية و بالتالي لا يوجد مانع من وجود ائتلاف حكومي يشمل النداء و آفاق و الوطني الحر لان الجبهة الشعبية تتبنى نمطا اشتراكيا و اذا تحالفت مع نداء تونس فيعني ان حمة و قيادات الجبهة لم يقرؤوا حرفا واحدا من الماركسية

Mandhouj  (France)  |Vendredi 31 Octobre 2014 à 20:23           

يمكن لأبناء التجمع أن يتجمعوا، لكن تونس لا يمكن أن تعود إلى الوراء ، إلى الدكتاتورية.
تونس ليست مقسمة إلى شعب عميل للدكتاتورية و إلى شعب مقاوم لها . لقد انتهت الدكتاتورية.
تونس هي شعب واحد يبحث عن المصالحة و للخروج من حالة الخوف عبر حالة من التجاذب الغير السليمة ، و هذه الحالة يغذيها لاعبين من الخارج و من الداخل ، لمصالح خبيثة ، لكن الشعب أقوى منهم ، و هم على كامل الوعي بقوة هذا الشعب العظيم ، الذي يمكن له أن ينتفض في أي لحظة . فهم يحاولون استنزافه، استنزاف قواه ، لكننا نصمد ، و لا نتقاتل، و إنما نحكم بالتوافق حتى نتعلم الديمقراطية ، و نكتسب العيش المشترك ، و نخرج تونس من حالة التجاذب السياسي ، و تضع الحكومة
القادمة البرنامج الاجتماعي الاقتصادي الذي يتماشى و حاجيات المرحلة .
نعم أسيادي، الشعب قوة و بن علي هرب.
تحية إلى شعب الثورة.
تحية إلى الشهداء.


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female